اتّفاق بلا كوابح..!!

بموقف الحزب الشيوعي السوداني ورفضه للاتّفاق السياسي بين المجلس العسكري وقِوى إعلان الحُرية والتّغيير، هكذا فشلت كل المُحاولات السياسية الماضية بجميع تصنيفاتها في تسوية النزاع السوداني والوصول إلى الاستقرار وتحقيق طُمُوحات وآمال الجماهير السودانية.
بالطبع فيها عدّة أسباب، لكن وأبرزها المواقف المُتعنِّتة للحزب الشيوعي السوداني ووقوفه ضد أيِّ تسوية أو اتّفاقٍ يُبرم أخيراً، وليس آخراً رفضه للاتفاق السِّياسي الذي هو أشبه بهيكل البناء، رفضه الشيوعي قبل أن يجف حبره ليُعزِّز بذلك ديكتاتورية الحزب الشيوعي التي تتجلّى في تمكين الحزب الواحد وتهميش الآخر.. وتبع موقف الحزب الشيوعي مواقف أخرى من رافضي الاتّفاق من الحركات المسلحة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق.

ظلّ عَشَم الحزب الشيوعي القضاء على كُل الأحزاب وتَهميش دَورها وإضعافها، وهو استراتيجياً لا يُريد الحكم، لكنه لا يَستطيع البُوح لأنّه سيفقد كل امتيازاته التي حصل عليها من المُنظّمات الدولية والسفارات.. موقف الحزب الشيوعي شجّع الحركات المسلحة التي رفضت الاتّفاق لأنها تربط بعض علاقات فكرية مع البعض من الحركات المُتمرِّدة، ورفض هذه الأطراف للاتفاق السياسي يعني تحدياً كبيراً أمام هذا الاتفاق.. لا بُدّ من تحصين الاتفاق ووضع شروط تصبح ضد بكتيريا المصالح الحزبية وسَدّ الباب أمام أيِّ خَطوات تُهدِّد الأمن القومي السوداني.

هناك التزاماتٌ وحواراتٌ سابقة للمجلس العسكري مع المُتمرِّدين لا بُدّ من الوفاء بها والمضي قُدُماً حتى الوصول الى اتفاقٍ يُجنِّب البلاد الحروب الأهلية المصنوعة وتُقلِّل حالة الاستقطاب الإثني والجهوي في البلاد.. أيِّ تجاهُل للحركات المُسلّحة في هذا الاتّفاق والحوار هو بؤرة صراعٍ وعنف جديد.. إنّ ما يقوم به تجمُّع المهنيين من حشد لعضوية الحزب الشيوعي والعُضوية الافتراضية من عَامّة الشّعب وتحريكهم نَحو التّصعيد برغم وجود اتّفاقٍ، هَدَفُه التّراجُع عن الاتّفاق وصناعة حُرُوبٍ من نوع آخر.
وهنا يبرز السؤال، ما هي قيمة وُجُود الاتّفاق إذا كانت قِوى الحرية والتغيير وتحديداً الحزب الشيوعي لا يرغب في الحكومة وإنّما هدفه المُعارضة وهو يدعو ويُحرِّض على المواكب والاحتجاجات? لم يتعلّم الحزب الشيوعي من الإخفاقات التي تعرّض لها في تاريخه، وكانت أبشع صور فشله هو الدخول في صِراعاتٍ غير مدروسةٍ وبصُورةٍ مُستمرّةٍ، وبات وضعه مثل نظيره حزب (الاتحاد الاشتراكي العربي) الذي أسّسه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1962م لكنه أمضى كل فترته إخفاقات وبدأت مرحلة فشله من الفشل العربي بالدعوة للقومية العربية قديماً، والمُساهمة في الانقلابات العسكرية التي شهدها العالم العربي، والدخول في حُرُوبٍ إقليميةٍ خاسرةٍ.
اليوم الحزب الشيوعي السوداني يُكرِّر ذات أخطائه، ويبدأ من نقطة غُرُوره وانطلاقة الخراب وإعلان الحرب على الكل دُون النّظر إلى الاختلالات التي حَدَثَت على الربيع العربي والتي عَصفت بجميع الثوابت المُتعارف عليها في الأدب السِّياسي، وبهذه الأفعال يُؤكِّد الحزب الشيوعي بأنّه دُون طُمُوحَات الجَماهير وآمالها وتطلُّعاتها في السُّلطة.
آمل في انطلاقة الحوار المُنتظر حسم هذه الموضوعات ورفع سُقُوفات المُواطنين الى تسوية شاملة تنهي مُعاناتهم مع السّلاطين وطالبي كراسي السّلاطين، وهي الدائرة الجهنمية التي عكفنا عليها منذ الاستقلال وحتى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى