Site icon صحيفة الصيحة

تحذيرات لـ(الوطني) والحركة الإسلامية.. قراءة في خطاب البرهان بـ”حطاب”

البرهان

تحذيرات لـ(الوطني) والحركة الإسلامية.. قراءة في خطاب البرهان بـ”حطاب”

الخرطوم- الطيب محمد خير

وجَّه رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، تحذيراً شديد اللهجة لحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بالابتعاد عن الجيش، قاطعاً بأن الجيش لن يعيد أي جهة لا يزكيها لتحكم مرة أخرى، واصفاً الحديث الدائر بأن الجيش يدعم الإسلاميين (الكيزان) بالكذب يطلقه البعض لأغراض يرمي للاستفادة منه، مشدِّداً على أن الجيش يؤيد ثورة ديسمبر، وليس هناك أي جهة لها كلمة عليه لا مؤتمر وطني ولا حركة إسلامية ولا الحزب الشيوعي.

وطالب البرهان في خطابه لجنود قاعدة حطاب العملياتية، المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية بأن ترفع يدها وأقلامها عن القوات المسلحة، وزاد: لا تتعشموا أن تعيدكم القوات المسلحة للسلطة، وأضاف: نحن نحذِّر الناس الدايرين يتداروا وراء الجيش وكلام خاص للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، امشوا (30) سنة، كفاكم أدوا الناس فرصة.

وقطع الفريق البرهان بوجود تفاهمات جارية بشأن عمل إطار سياسي جديد لإنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد، واستدرك قائلاً: لكنها تتضمَّن خطوط حمراء، ولن نوقع على وثيقة تهدف لتفكيك القوات المسلحة التي ظلت قياداتها  تتعرَّض للهجوم من جهات بعينها بالكذب بأن الجيش يدعم الكيزان والحركة الإسلامية، اعتقاداً منها بأن ذلك يمكن أ ن يساعدها في تفكيك الجيش وليست هناك جهة لها كلمة على الجيش لامؤتمر وطني إسلامية ولا الحزب الشيوعي.

وأكد البرهان حرصهم على إكمال الفترة الانتقالية بالتراضي لكل القوى السياسية التي شاركت في الثورة هم شركاء في إكمال الفترة الانتقالية، ونحن نتحدث عن توسيع دائرة المشاركة من أجل زيادة التوافق ومن أن أراد أن يتمترس وراء أفكاره فليتمترس، لأن هناك قوى سياسية عندها مبادرة تريد الناس أن يتوافقوا معها عليها.
وقال عضو المكتب السياسي بحزب الأمة القومي والقيادي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي صديق الصادق المهدي، لـ(الصيحة): إن خطاب البرهان بقاعدة حطاب قد حمل كثيراً من الإيجابيات في مقدِّمتها الرسائل التي وجهها للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وقد التزم في خطابه بمرجعية الثورة وهذا توجه إيجابي، والمؤتمر الوطني لا يقال عنه هذا الحديث بالحب والكراهية وهم مواطنون سودانيون لكنهم أخطأوا في حق الوطني بإساءتهم لاستخدام السلطة بالتمكين والقتل وإفقار الشعب السوداني في عهدهم وغيرها من السلبيات التي شهدها عهدهم، وهدَّدت الكيان السوداني في وحدته، وبالتالي أتى حديث القائد العام للجيش في هذا السياق وهذا مايطلبه الشعب السوداني والثورة السودانية .

وأشار المهدي إلى أن خطاب البرهان حوى عدداً من الجوانب الإيجابية الأخرى  متعلقة بتأسيس جيش قومي مهمته حماية الشعب والدفاع عنه، وفي هذه الجزئية نريد أن يتبع قوله بالعمل لحماية المواطن السوداني لأنه أصبح يعاني في الأمن حتى داخل الخرطوم ويقع فريسة للقتل بموت مئات الضحايا في يوم واحد في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور وهذه نقطة جوهرية ومهمة. ومن الإيجابيات التي حواها الخطاب الاهتمام بالجندي والجيش السوداني وتوفير متطلباتهم المالية واللوجستية هذه جزئية متفق عليها تماماً ولا أحد يرغب في المساس بها، أما التباينات التي حدثت في الفترة الماضية مبعثها أن الجيش في الفترة الماضية مشارك في السلطة وأحدث انقلاباً عسكرياً وهنا يأتي النقد ليس في نقد المؤسسة العسكرية في دورها لكن المقصود القادة الضالعون في العمل السياسي، وهذا ما نسعى كقوى سياسية لتصحيحه عبر الاتفاق، إذ تمكَّن السودانيون من الاتفاق على تأسيس دولة مدنية لها مرجعية دستورية .

وأكد المهدي أن لا أحد من القوى المدنية يريد تفكيك الجيش أو تحدث عن ذلك، لأن الجيش السوداني مؤسسة لها إرث كبير ونتحدث جميعاً عن أن الدولة شهدت كثيراً من أوجه الخلل في الفترات الماضية وتحتاج لإصلاح بالتوافق وبالتالي عن إصلاح وتأسيس لكل مكوِّنات الدولة السودانية تشمل قواها السياسية وأجهزتها المدنية والأمنية والعسكرية حتى نمضى بالدولة لإكمال التأسيس، لكن لا أحد يفكِّر أو يستطيع الحديث عن تفكيك الجيش السوداني، وهناك إجراءات متعلقة بالدمج والتسريح للوصول لجيش قومي مهني واحد، كما ذكر القائد العام أن هذه  مهمة العسكريين، لكن نرى فيها جانبان جانب فني هو مهمة العسكريين وهناك جانب سياسي يتم بالتوافق.

وأشار المهدي إلى أن من إيجابيات الخطاب تجاه القوى السياسية مطالبته لها بعدم التمسُّك بالمواثيق التي تتمسَّك بها كتلة أو طرف، ونرى أن مرجعية وثيقة المحامين المتفق عليها ليس لأنها محسوبة لفئة معينة، وإنما الذين شاركوا في إعدادها هم  قطاع عريض من الشعب السوداني فيه قوى الحربة والتغيير والاتحادي الأصل وعدد من الحركات المسلحة والمؤتمر الشعبي وقوى مهنية ومدنية ولجان المقاومة والشباب، وهي وثيقة مفتوحة للنقد والحذف والإضافة، ونحن كقوى حرية وتغيير لا نتمسَّك بأنه لايمكن الحديث عن وثيقة غيرها وليس هناك تقديس للورق ونؤيد عدم التمترس خلف الأفكار، وهذه الوثيقة  تحدثت عن سلطة مدنية وإصلاحات ضرورية للدولة في المؤسسات العدلية حتى تحقق العدالة، يعني قرار القضاء بإعادة النقابات التي وأدتها الثورة وهذا ضد إرادتها، وهذا يجعلنا نقول إن المؤسسات العدلية تحتاج لإصلاح كذلك القطاع الأمني والعسكري لتأكيد قوميتها واستدامتها في حماية البلاد وإصلاح القطاع الاقتصادي وتحقيق ولاية وزارة المالية على المال العام لإغلاق منافذ الفساد وأن تحقق سنضمن سلامة الوطن والمواطن .

من جانبه توافق المراقب العام للحزب الاتحادي الأصل هشام الزين، مع ماذهب إليه صديق المهدي، وقال لـ(الصيحة): إن خطاب البرهان تضمَّن كثيراً من الجوانب الإيجابية، من جانب آخر، الخطاب مؤشر لوجود تحرُّك من جانب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية داخل القوات المسلحة، مؤكداً أن القوات المسلحة طوال الثلاثين عاماً، التي حكمت فيها الحركة الإسلامية وذراعها المؤتمر الوطني تم تدجين لها لتكون تابعة للحركة الإسلامية، لكن معروف أن القوات المسلحة مهما تم من تدجينها دائماً تحتفظ بقوميتها وهذا ما دفع الحركة الإسلامية لإنشاء المليشيات التابعة لها لتؤمِّن نفسها من تحركات الجيش المضادة لها، وتحذير البرهان للحركة الإسلامية منطقي ومقبول.

وأضاف هشام: أما ما تضمَّنه الخطاب من حديث عن التوافق والتمترس خلف الأفكار –أيضاً- مقبول لأن وثيقة المحامين التي تصر بعض القوى السياسية بأنها مرجعية وهي غير مقبولة لدى كثير من القوى السياسية يتطلب مراجعتها لأنها تفتقد للسند القانوني باعتبار ليس لها سلطة تأسيسية تصنع الدستور، ثم هذه القوى ليس لها حق بإلغاء الوثيقة الدستورية، ولا يتم ذلك إلا بتوافق شامل لكل مكوِّنات المجتمع السوداني ووثيقة 2019م، لم يعترض عليها حتى من قبل الإسلاميين أنفسهم، وبالتالي نالت السلطة التأسيسة بما يعرف بالإجماع السكوتي، لذلك لا يمكن أن تُلغى، لكن يمكن تعديلها، وحديث البرهان بالإشارة لقوى سياسية تريد الآخرين التوافق عليها فيه إشارة إلى وثيقة المحامين وهذه قد تحدث إشكالاً دستورياً يمكن أن يعيد المؤتمر الوطني، ولذلك تحدَّث عن ضرورة التوافق بين القوى السياسية .

من جانبه قال الناشط والمحامي المعز حضرة، لـ(الصيحة): هناك مقولة في الجيش مفادها البيان بالعمل، لكن البرهان ظل يقول منذ التغيير في 11 أبريل،  لكن لا يتبع ما يقوله بعمل  ويفعل عكس مايقول، وما جاء في خطابه في قاعدة حطاب يختلف عما يتم في ظل حكومته  منذ 25 أكتوبر، تاريخ انقلابه، وحتى هذه اللحظة تمت إعادة كل فلول المؤتمر الوطني لمفاصل الدولة وإعادة أموالهم وتبرئة كثير من قياداتهم، وبالتالي قوله يختلف عما عليه واقع الحال، والشعب السوداني يريد فعلاً حقيقياً لإبعاد فلول المؤتمر الوطني من مفاصل الدولة، وبالتالي حديثه يكون رسالة للخارج ليؤكد أنه لا صلة له بالمؤتمر الوطني، وأن كان جاداً في إبعاد المؤتمر الوطني عن الجيش، فليبدأ من مكتبه ويبعد منه كوادر المؤتمر الوطني وبعدها يحذِّر المؤتمر الوطني من الاقتراب من الجيش، لكنه موجود بوفرة داخله .

وأضاف حضرة: ليس مهمة البرهان ولا القوات المسلحة  الحديث عن ضرورة التوافق بين القوى السياسية التي هي أساس وجودها قائم على عدم التوافق والتباين في الآراء والمواقف، لكن هناك حد أدنى تتوافق عليه وهو التحوُّل المدني الديموقراطي وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو، ولن يكون هناك توافق كامل بين القوى السياسية.

Exit mobile version