منى أبو زيد تكتب : طقم جلوس جديد..!

5 نوفمبر 2022م

“الأحداث الظاهرة التي نقنع أنفسنا بأنها مبعث أحزاننا هي الفساتين المُلوّنة التي ترتديها الأسباب الحقيقية”.. الكاتبة..!

العاصفة التي أثارها طقم الجلوس الجديد الذي اشترته “ميساء” في صباح ذلك اليوم الحزين، لم تكن لتخطر على بال أحدٍ، حتى أولئك الذين كانوا السبب في هبوبها أو الذين شاركوا في زيادة “عجاجها” بما تيسّر..!

“ميساء” و”هشام” زوجان سعيدان لأكثر من سبع سنوات، تزوّجا بعد قصة حب أنيقة تُليق بتعليمهما العالي وثقافتهما المعقولة.. كانت حياتهما تسير على نحو هادئ بفضل القدر الكافي من التفاهم والتفهُّم الذي يفترض وجوده في أية علاقة ناجحة.. حتى مسألة الإنجاب الذي تأخّر كانا يتحايلان على فُضُول الناس وتعليقاتهم السمجة بشأنها بالتعقُّل والصبر الجميل..!

كانا يتردّدان على عيادات الأطباء بانتظام وحماسة، على الرغم من الخيبات الكبيرة والكثيرة التي كانت تعترض آمالهما، ولعل تفهم “هشام” ورُقيَّه في التعامل مع مشكلة الإنجاب التي كان السبب الطبي فيها من جانب “ميساء” – وحدها – هو ما جعل حياتهما تسير على نحو هادئ على الرغم من تصريحات أهله المتكررة، المكشوفة حيناً وتلميحاتهم المُبطّنة والمُركّبة أحياناً، والتي كانت تتسبّب لهما في كدر لحظي سُرعان ما يزول..!

في مساء ذلك اليوم الذي بدا جميلاً وهادئاً يكلله حدث جديد هو وصول طقم الجلوس الجديد الذي أضفى بُعداً أنيقاً على بهو المنزل، وما أن فرغت ميساء من ترتيب “الهول” وصفّ المساند الجديدة على الكنبة، حتى فُوجئت بالخادمة تنبئها بوصول جارتهم “سوسن” التي اندفعت إلى الداخل وهي تلقي بسيل من الأسئلة وترد عليها من تلقاء نفسها كعادتها، وما أن استوت جالسةً على الكنبة الجديدة حتى صاحت تتساءل عن طقم الجلوس الجديد.. كانت غِيرتها من أناقته مبرراً كافياً لتبدأ موضوعها المُفضّل، عن حكاية “ميساء” مع تأخُّر الإنجاب..!

في أثناء وجود “سوسن”.. جاءت الخادمة تعلن وصول والدة هشام وشقيقته “هيام”، وبطبيعة الحال كان موضوع الجلسة الرئيسي هو تكلفة علاج الإنجاب الباهظة التي تثقل كاهل “هشام”، فضلاً عن بقية الأعباء والمطالب، مثل طقم الجلوس الجديد..!
عاد “هشام” في وقت الغداء بعد يوم عمل شاق مُنهك الجسد وبأعصاب تالفة من ضغوط العمل ليجد “ميساء” على آخرها.. لا أحدٌ يستطيع الجزم بما قالاه لبعضهما في ثورة الغضب حتى وصل الحديث إلى منعطف الطلاق..!

لدقائق معدودة تسمر كل منهما في مكانه.. كانا كمن أفاق لتوِّه من حالة إغماء.. وبعد انقشاع الضباب وعودة الأمور إلى نصابها.. كان محور الحديث هو طقم الجلوس الجديد الذي كان نذير شؤم كدر قدومه استقرار بيتهما الهانئ..!

عادت الأمور إلى نصابها ولم يعلم أحدٌ من أفراد أسرتيهما أو أصدقائهما بما حدث.. وبينما نسي “هشام” هذا الحدث كعادة الرجال، ظلت “ميساء” تُذكِّره بعينين دامعتين كلما نظرت إلى طقم الجلوس الجديد..!

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى