مُوازنة 2023م.. هل يتم التنفيذ؟!

 

الخرطوم- رشا التوم  25 أكتوبر 2022 م

تباينت وجهات النظر الاقتصادية فيما يتعلق بإجازة السمات العامة وموجهات موازنة العام 2023م والتي تضمنت عدة محاور تمثلت في المبادئ والمرتكزات الأساسية لإعداد الموازنة والأهداف العامة والسياسات المالية والنقدية والاجرائية والتي ارتكزت بدورها على تحسين معاش الناس وخفض معدلات التضخم وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالاضافة الى تطبيق تقانة المعلومات والتلحول الرقمي، وتفعيل مفوضية تخصيص الايرادات والتأكيد على ولاية وزارة المالية على المال العام والعمل على تحسين الايرادات بالولايات، بجانب توحيد قوانين شروط الخدمة وازالة المفارقات في الأجور.

ويرى مراقبون ان رفع تنفيذ الموازنة والالتزام بموجهاتها لن يكون امراً سهلاً في ظل المتغيرات التي تواجه الاقتصاد السوداني المتدهور، وفي نفس الوقت الظروف التي تمر بها البلاد وتزايد الضغوط المعيشية على المواطن تجعل من الصعب تطبيق الموازنة لتأثيرها المباشر على المواطن الذي لا يحتمل المزيد من المعاناة.

ونادى الخبراء بسياسات تحدد مسار الاقتصاد خاصة تشجيع الانتاج وزيادة الصادر واستقطاب موارد المغتربين وغيرها من المحفزات التي تسند الموازنة لتجتاز البلاد صعوبات المرحلة الحالية.

تعديل السياسات

ومن ناحيته، تخوف الخبير الاقتصادي د. محمد الناير من مغبة عدم تحقيق الاهداف الموضوعة ضمن الموجهات العامة في الموازنة وهناك نقاط دائماً تذكر بصورة سنوية في الموازنة منها تحسين معاش الناس فهل موازنة العام 2021 و2022م حققت هذا الهدف؟ وهو التحدي الحقيقي وليس ذكره ضمن الموجهات فقط وإنما وضع سياسات سواء كان مالية او نقدية وبرامج قابلة للتنفيذ ثم تنعكس على حياة المواطن.

وتحسين الاجور ايضاً مرتبط بتحسين شروط الخدمة وازالة المفارقات في الأجور، ولولا ورود عبارة مع مراعاة طبيعة العمل لكانت هناك اشكالية، لأن هناك فروقات كبيرة جداً في مرتبات اساتذة الجامعات والجيش والشرطة والقضاء والنيابة، فطبيعتها مختلفة واذا كان الحديث عن توحيد شروط الخدمة المدنية بصورة عامة مع الخصوصية لبعض القطاعات وطبيعة العمل بما في ذلك الهيئات.

لذلك الأجور تمثل تحديا كبيرا جداً ولتفادي مسألة الاضرابات في قطاعات استراتيجية لابد من التوصل الى نتيجة الآن بمطلع شهر نوفمبر، والإعلان لكل العاملين في الدولة بأن الراتب في العام الجديدة سيكون بكذا محدد بصورة موحدة ومن ثم يتم وضع الموازنة على أساسه.

ودعا الدولة بالسعي لخلق موارد جديدة لا تمس حياة المواطن لمواجهة الإنفاق الكبير من خلال زيادة الاجور بصورة اساسية، واشار الى ان العاملين في القطاع العام لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من الشعب، وهناك فئات من الشرائح الفقيرة والضعيفة ومحدودي الدخل يعملون في القطاع الخاص، وهناك فئات لا ارتباط لها بالعمل وهؤلاء يحتاجون الى سياسات تؤدي الى انخفاض معدل التضخم واستقرار سعر الصرف وتقوية العملة الوطنية وتسهيل انسياب السلع.

تكامل الأدوار

ووصف الناير، قضية تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالمهمة، ولفت الى اجازة قانون الشراكة والذي لم يتم العمل به حتى الآن، منوهاً الى فجوة بين القطاعين ظهرت مؤخراً في لقاء وزير المالية مع الغرف التجارية، ولا بد من معالجتها لتفعيل الشراكة، وعلى الدولة ان تكون ذات صلة مستمرة بأصحاب العمل والقطاع الخاص، وشدد على ان ضعف التنمية لن يعالج إلا من خلال تفعيل الشراكة وهناك مشروعات استراتيجية كبيرة لن تقدر عليها الدولة لوحدها، واردف بأن التحول الرقمي قضية مهمة خاصة في قضايا التعليم والتقديم للجامعات وسداد الرسوم إلكترونياً، وهو نموذج للحكومة الإلكترونية بجانب السداد لمعاملات الجوازات، ونبه الى عدم متابعة الحكومة وتفعيل تطبيقاتها او زيادة معدل انتشارها بالصورة المطلوبة، فضلاً عن اهمية تفعيل مفوضية تخصيص الايرادات وولاية وزارة المالية على المال العام والتي في امس الحوجة الى ترجمتها بصورة فاعلة وقياس أثرها على الاقتصاد والمواطن.

نفس السمات

وفي السياق نفسه، قال الخبير الاقتصادي عز الدين ابراهيم ان السمات العامة للموازنة الجديدة هي ذات السمات القديمة لعقود من السنين الماضية، وتوقع عز الدين استمرار ارتفاع معدلات التضخم والعجز في الموازنة مستقبلاً، مشيرا الى وصول التضخم الى 107% وهي نسبة مرتفعة ومن المفروض ان يكون الرقم احاديا، وشدد على ضرورة اتخاذ بنك السودان المركزي اجراءات صارمة في تحجيم الكتلة النقدية التي ارتفعت في العام 2021 -2022م الى 2 تريليون جنيه وهي ظاهرة تحدث لأول مرة في تاريخ البلاد، مشيراً الى استدانة الحكومة من البنك المركزي بواقع 200 مليار جنيه وهي تمثل 10% من الكتلة النقدية، ولفت الى اهمية تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لوجود مشروعات استراتيجية كبرى لا قدرة للدولة على انشائها، ودعا الى تجاوز الحديث عن العجز في الميزان التجاري وهناك ميزان المدفوعات والخدمات والتحويلات للمغتربين، واردف ان صندوق النقد الدولي خصص للسودان مبالغ مالية يمكن سحبها وإدخالها في ميزان المدفوعات، ونبه عز الدين الى ان الصادرات من الذهب والصادرات الزراعية والحيوانية لا تتجاوز 4 مليارات دولار، بينما نسبة العجز في الميزان التجاري تتراوح ما بين 8-9 مليارات دولار.

أساس المشكلات

وقطع بأن المشكلة الاقتصادية هي اساس كافة المشكلات وتم تغليفها سياسياً وتمثلت سماتها في المعاناة والضيق المعيشي ورهن التدهور الاقتصادي الراهن بانفصال الجنوب وخروج النفط ومنذ ذلك الوقت لم يتم احراز اي تقدم، وقلل من الاعتماد على الزراعة لاخراج الاقتصاد من وهدته الحالية، ونادى بالتصنيع الزراعي والصناعات الثقيلة، فضلاً عن قطاع الخدمات وتنشيط السياحة لقيمتها العالية في رفد الاقتصاد.

تسويق الوعود

وفي اتجاه موازٍ، قال الخبير الاقتصادي كمال كرار، ان موجهات الموازنة العامة (كلام مطلق في الهواء على عواهنه) وهي مجرد توصيف جميل للموازنة ووعود غير قابلة للتنفيذ ويندرج الحديث عن موازنة الدولة المقبلة تحت تسويق الوهم للناس لأن كل ما يقال يسقط تحت المحك، منوهاً الى زيادة معدلات التضخم والضرائب والرسوم المفروضة، وجزم بتسخير الأموال العامة لتنفيذ اجندة محددة، وقال ان البلاد في حالة اللا دولة او حكومة ووزارة المالية تنفذ اجندتها الخاصة، وفي ظل ذلك يدفع المواطنون الثمن فادحا جراء الزيادات في الضرائب وارتفاع مستوى الاسعار مما ادى الى إضرابات عن العمل، مما فاقم من حجم المعاناة والعنت في الأحوال المعيشية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى