مشروع الجزيرة والمزارعين.. عقبات في طريق الموسم

 

الخرطوم- جمعة عبد الله.  24  أكتوبر 2022 م

مع اقتراب بدء الموسم الشتوي ما تزال الأوضاع بمشروع الجزيرة غير مبشِّرة بخير، كما يقول مزارعون، نظراً للعراقيل والعقبات التي تواجه المزارعين وليس آخرها كارثة السيول الأخيرة التي اتلفت الكثير من المساحات المزروعة، كما أن تبعات فشل الموسم السابق وتدني الإنتاجية وإحجام الحكومة عن شراء القمح من المنتجين ما تزال تبعاته حاضرة، وأدخلت البعض في خسائر ومديونيات، بجانب غياب الأجسام التي تمثل المزارعين.

مبادرة للمزارعين

وأوصت مبادرة مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل للطوارئ في اجتماع، بود مدني، قدَّم فيه رئيس المبادرة، سفيان النعمة، تعريفاً حول المبادرة وأهدافها وكيفية بحث سبل جبر الضرر للمزارعين، وذكر أن المزارعين المتضرِّرين لديهم التزامات وديون واجبة التنفيذ لدى البنوك وشركات التمويل الأصغر بحلول شهر نوفمبر القادم، مؤكداً أن غياب الجسم الرسمي للمزارعين للتحدث باسمهم أثر على عدم انتباه الجهات الرسمية لهم.

كما قدَّم رئيس المبادرة تنويراً حول أن المبادرة اجتمعت في بدايتها مع محافظ مشروع الجزيرة، عمر مرزوق، وبحثت كيفية مساعدة المزارعين المتضرِّرين ودعمهم بالأسمدة والمبيدات وهي ماغفلت عنه كل الجهات المانحة التي ساهمت في دعم المتضرِّرين جراء السيول والأمطار في المناقل، بالإضافة إلى كيفية تمويل الدولة للعروة الشتوية حتى يعوِّض المزارعين المتضرِّرين.

واجتمعت المبادرة بوزير الري الذي أشار لوجود دراسات معدة مسبقاً للمصارف ومواعين الري الأخرى، بيد أنها تتطلب التمويل اللازم من وزارة المالية، وطالبت المبادرة بإعفاء رسوم الري لهذا الموسم، بيد أن وزير الري لم يرد، كما إلتقى رئيس المبادرة بوالي ولاية الجزيرة، موضحاً له أن المبادرة ليست جسماً مطلبياً، بل مسانداً ومساعداً لتكملة العمل بالمشروع، بينما ذكر والي الجزيرة أن غياب الجسم الرسمي للمزارعين هو سبب تغييب المزارع، مؤكداً رعايته لمبادرة مزارعي الجزيرة والمناقل للطوارئ.

مخرجات الاجتماع

وأوضح مسؤول الإعلام بالمبادرة، محمد عبدالعظيم كاوير، استعجال الجهات الرسمية لجبر الضرر ومناقشة رسوم الإدارة والري التي تم تحديدها مؤخراً، وأكد معالجة العطش الحالي للخروج بمتبقي محاصيل العروة الصيفية حتى لا يتضرَّر مزارعين جدِّد، وطالب بتوفير المال اللازم لمزارعي إكثار البذور، وحث على ضرورة استنفار كافة المزارعين للمطالبة بفايض التأمين، وناشد بدعم البنك الزراعي وشركات التمويل ورفع سقف التمويل للمزارعين مع تبسيط الإجراءات وتحديد سعر تركيزي للقمح مع التزام الدولة به.

مرحلة حرجة

يقول المزارع بمشرع الجزيرة، كمال ساري، إن إدارة المشروع لا يوجد لها دور ملموس مع إحجام الحكومة ممثلة في وزارة المالية عن دعم القطاع الزراعي ومشرع الجزيرة، مشيراً إلى أن المشروع يمر بمرحلة حرجة ومعقدة وانهيار تام، داعياً إلى ترتيب أوضاع وأولويات الصرف على صيانة البُنى التحتية، وأكد أن هذا يحتاج إلى موارد مالية بدعم مباشر من المزارعين أنفسهم، لأن الحكومة أعلنتها صراحة لا دعم للزراعة، وأمَّن على أنه يجب توجيه صرف الرسوم التي يقرها المزارعين وتجمع وتوجه إلى الصيانة الدورية.

أوضاع المشروع

ويصف الباحث الاقتصادي د. هيثم فتحي، اقتصاد البلاد بأنه يمر بأزمة والقطاع الزراعي بوجه خاص وضعه متأزم، مستبعداً وجود ترتيب أو سياسات واضحة للموسم الزراعي مع توقف التمويل، لجهة أنه لم تكن هناك أسعار مجزية للمزارعين ودخلوا في ديون متراكمة، ويرى أن المساحات المزروعة لهذا الموسم لا تتجاوز (30%) وفي بعض المناطق      (15%) فقط، ونوَّه فتحي إلى أن القطاع المروي يواجه مخاطر عديدة أبرزها عدم جاهزية الري وعدم تطهير القنوات وصيانة الطلمبات وتجهيز السماد والبذور، مضيفاً الوقت المحدَّد للزراعة انتهى الآن ومساحات كبيرة أصبحت خارج دائرة الإنتاج، وقال يسهم القطاع الزراعي بشقيه بنحو 44 في المئة من إجمالي الناتج القومي، فضلاً عن كونه المحرِّك الأول للصناعات الزراعية، وتابع: على الرغم من أن السودان يمتلك نحو 200 مليون، فدان، صالحة للزراعة، فإن نسبة المستغل منها لا تتجاوز (25%)،  وأشار إلى زراعة المساحات الأكبر سنوياً في القطاع المطري بحكم المحدودية النسبية للمساحات المروية، لافتاً إلى أنها من دون أي خطط للتوسع الأفقي أو الرأسي، وأوضح أن الجهود ظلت تصطدم كل عام بالتمويل والمدخلات من مبيدات وأسمدة وخلافه، وذكر أن العام الماضي استوردت البلاد مواد غذائية بقيمة مليارين ونصف المليار دولار، ومنها القمح والسكر واللبن المجفف وزيوت طعام ومواد أخرى مثل الخضروات، قائلاً: هذا لا يتناسب مع الموارد الهائلة التي يذخر بها السودان، مشيراً إلى أن المساحات المزروعة حسب آخر إحصائية لبنك السودان المركزي لا تتجاوز (45) مليون فدان، أي نحو خُمس المساحة الصالحة للزراعة في البلاد والمقدرة بنحو مائتي مليون فدان، وبالتالي المزارعين يعانون ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة لسياسات الدولة نتيحة لرفع أسعار كثير من السلع والمدخلات وعدم توفيرها في موعدها المحدَّد.

تراجع الإنتاج

وتوقع د.فتحي حدوث تراجع كبير في الإنتاج الزراعي والصناعي، ويلفت إلى أن (80%) من العاملين في الوسط النقابي المسؤولين عن حقوق العمال، ليس لهم علاقة بالعمل النقابي، ويعتبر أن حالة الخوف من المستقبل والقدرة على تأمين لقمة العيش بعد مسلسل الارتفاع في الأسعار وتضرُّر كثير من المزارعين جراء السيول والأمطار والفيضانات، كلها تجعل هؤلاء المزارعين يعيشون الخوف من شكل الغد وما يحمله من صعوبات اقتصادية.

الفراغ الكبير

فيما قال المحلِّل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان، إن مشروع الجزيرة بحاجة ماسة لإنشاء تكتلات أو روابط لمنتجي كل سلعة على حدة للتعاقد على أفضل أنواع البذور المحسَّنة والسماد والمبيدات والإرشاد الزراعي الجيِّد، بجانب أنهم بحاجة للحصول على أفضل تسويق ممكن لكل سلعة على حدة وهي أشياء لا يستطيع جسم باسم مزارعي الجزيرة أن يساعد عليها، وأوضح أن تجربة جسم مزارعي الجزيرة أكدت أنه جسم سياسي وأنه فرصة للثراء بالقيادات على حساب المزارعين، وحث بالمضي قدماً نحو إنشاء تكتلات وروابط لكل سلعة زراعية على حدة للحصول على أفضل العروض للمدخلات الزراعية، وأيضاً أفضل تسويق ممكن للسلع وأفضل أنواع التمويل الذي يتناسب مع كل سلعة على حدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى