كردفان والنيل الأزرق… الفتنة تأكل الأخضر واليابس

تقرير: القسم السياسي   22أكتوبر 2022م

لم تمر ساعة دون أن تحمل الأخبار عن “رقم جديد” يضاف إلى مئات الأرواح التي أزهقها العنف القبلي المتجدِّد في ولاية النيل الأزرق، ووفقًا لتقارير “أوتشا” فإن النزاعات القبلية منذ بداية العام حتى سبتمبر المنصرم تسببت في مقتل (546) وإصابة (846) آخرين، إضافة إلى نزوح (211) ألف شخص، وحتى كتابة هذا التقرير “عصر الجمعة” تناقلت الأخبار عن تجاز عدد القتلي (300) شخص، ولم تقف الإجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية، ومنها فرض حظر تجول، حائلاً، دون المزيد من القتل والتشريد، وفي الخرطوم تكاثفت “الاجتماعات” بين الأجهزة المختص لإرسال تعزيزات لمحاصرة رقعة النزاع، وفي لاية غرب كردفان تسبب نزاع قبلي مماثل في إزهاق العشرات من الأرواح وتشريد الآلاف من قراهم، مخلفاً وراءه حالة من الشحن والاستقطاب بين مكوِّنات الإقليم الأهلية، الأمر الذي قد يؤدي إلى اتساع رقعة النزاع وقتل وتشريد أعداد أخرى.

الموت على الطرقات

في النيل الأزرق، فاقت أعداد القتلى والجرحى والمشرَّدين خلال الموجة الحالية من النزاع بين قبيلتي الهوسا والفونج ما عداها فقد تجازت أعداد القتلي وفق التقارير الصحفية الـ(300) شخص، ونقلت التقارير عن شهود عيان أن القتال الأكثر ضراوة يدور بأربع من قرى محلية ود الماحي وأن الأسلحة الثقيلة والخفيفة والبيضاء تستخدم في الاشتباكات، كما يتم تبادل إحراق المنازل.

وكان ما لا يقل عن (105) أشخاص، قتلوا في يوليو الماضي، واضطر الآلاف للنزوح من قراهم وتوزعوا على المدن والولايات المجاورة، وحسب ما ورد، فإن أسباب تعود إلى نزاع حول الأراضي، إذ يتهم الفونج الهوسا بمحاولة الاستيلاء على أجزاء من أراضيهم. لكن محايدون يرجعون النزاع إلى اتجاه قبيلة الهوسا تكوين نظارة أهلية لهم في المنطقة، مما دعا قبائل الأنقسنا إلى المطالبة بطردهم من الأرض التي يعتقدون في ملكيتها لهم.

قلق أممي

أبدت الأمم المتحدة قلقها من الأوضاع في منطقة ود الماحي بالنيل الأزرق ولقاوة بغرب كردفان، بعد مقتل (189) شخصًا، ونروح (48) ألف أخرون. أعرب منسق الشؤون الإنسانية (بالنيابة)، إيدي رو، عن قلقه العميق إزاء الأوضاع في منطقة لقاوة بولاية غرب كردفان وود الماحي بولاية النيل الأزرق، ودعا إلى السلام ووضع حد للعنف.

وذكر المسؤول الأممي، أن العنف القبلي تجدَّد في النيل الأزرق في بلدة السد 6 (القرية 6 و 7) ومع استمرار القتال، نزح ما لا يقل عن (1200) شخص، وقتل (170) شخصًا، غير مؤكد وأصيب (327) .

وقال إن محافظ النيل الأزرق أصدر بتاريخ 19 أكتوبر 2022م، قراراً بمنع تنقل المدنيين بالشاحنات في بلدات السد (1-7) داخل محلية ود الماحي وأن هذا التقييد على حرية التنقل يمنع الناس من البحث عن الأمان والحصول على الخدمات المنقذة للحياة، وبالتالي يعرِّض حقهم في الحياة للخطر.

عصى وأسلحة نارية

من جهته قال محافظ ود الماحي العُمدة عبد العزيز الأمين لـ”سودان تربيون”، إن “الإحصائية الأولية لضحايا الاشتباكات المسلحة ليل الأربعاء وفجر الخميس، بلغت حتى الآن (155) قتيلاً، معظهم قضى بالرصاص الحي، وأشار إلى أن المجموعات القبلية على الرغم من قرارات حظر التجوال ومنع التجمُّع وحمل العصى والأسلحة النارية نفذت هجمات مميتة ليل الأربعاء، على القرى (3,4,2) بالمحافظة، ما أدى لقتل أعداد كبيرة من المواطنين وإحراق مئات المنازل.

وقال العمدة: إن حكومته أعطت تعليمات صارمة للأجهزة الأمنية والعسكرية بالحسم الفوري لأي مجموعات مسلحة وفض التجمعات القبلية بالقوة، واصفاً الوضع في المنطقة بالخطير والذي يستدعي تضافر الجهود لوأد ما أسماها بالفتنة.

وظلت محافظة ود الماحي تشهد منذ خواتيم الأسبوع الماضي، اقتتالاً دامياً بين قبيلة الهوسا ومكوِّنات السلطنة الزرقاء لتشمل الأربعاء، قرى جديدة في البلدة الواقعة شرق الدمازين رئاسة الإقليم.

استمرار العنف في لقاوة

وفي لقاوة بغرب كردفان، اندلع النزاع بين المسيرية والنوبة منذ الجمعة الماضية، أدى لمقتل (19) فردًا، بسبب تنازعهما حول ملكية الأرض، وقال بيان لـ “أوتشا”: مع استمرار العنف في لقاوة والمناطق المحيطة بها، أفادت الأنباء أن ما لا يقل عن (36،500) شخص، قد فروا من لقاوة، كما أفادت مفوَّضية العون الإنساني الحكومية (HAC) في ولاية غرب كردفان أنه حتى الآن قُتل ما لا يقل عن (19) شخصًا، وأصيب (34) آخرون خلال النزاع، منبِّهاً إلى أن “القتال في ولايتي غرب كردفان والنيل الأزرق يخاطر بمزيد من النزوح والمعاناة الإنسانية، بالإضافة إلى ما يقرب من (65000) شخص، نزحوا بالفعل وخلَّفوا (149) قتيلاً، و(124) جريحًا، بسبب أعمال العنف في النيل الأزرق في يوليو الماضي”.

ووفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان “أوتشا” فإن النزاع القبلي في مناطق واسعة في البلاد ومنذ بداية العام حتى سبتمبر المنصرم في مقتل (546) وإصابة (846) آخرين، إضافة إلى نزوح (211) ألف شخص.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى