Site icon صحيفة الصيحة

محمد علي التوم من الله يكتب: كان للكسرة مخ وطايوق!!

محمد علي التوم من الله

كلامتير

محمد علي التوم من الله

كان للكسرة مخ وطايوق!!

حكى لي أحد المخضرمين القدامى من الذين عاصروا الإنجليز وحكمهم للسودان ومن المتابعين المراقبين لأهداف سياساتهم قائلاً: إن الإنجليز عملوا على تغيير اعتماد المواطن على الدخن كغذاء رئيسي لابن البلد، لما للدخن ما يتميز به على سائر الحبوب والغلال، وقال إنهم شجّعوا القمح وصناعة الرغيف حتى يصلح كسلعة غذائية وسلاح يعتمده الغرب في تبعية الشعوب التي استعمرها، أيّدت ذلك الأخبار التي جادت بها الصحف حينها باستجلاب خبازين فرنسيين يُعلِّمون السودانيين فنون صناعة الرغيف بالسودان، وبالإضافة للدخن، كان يعتمد السودان على مختلف أنواع الذرة من قبل وأثناء حكم الإنجليز كوجبة رئيسية لصناعة العصيدة والكسرة ومشتقاتها من موروثات التغذية للمواطن السوداني. وبالفعل نال الإنجليز والغرب مبتغاهم ونجحوا فيما خططوا له.

الرغيف هو الآخر لم يقصر في (فرنجة) المائدة السودانية، فاستعان بالبيرقر والشاورما والهوت دوق، وشجّعه الفول المصري والطعمية بأن يصبح زعيماً للأغلبية  الغذائية في برلمان الإفطار السوداني خصوصاً وسط الشباب والطلاب، ثم سيطر سيطرة كاملة على باقي الوجبات، وتربع على عرش موائد الاحتفالات،

إلا أنّ الكسرة والعصيدة أبتا  إلا أن تحافظان على سودانيوية الموائد السودانية في وجبات التقلية وأم رقيقة والبامية والملوخية وما يسمى بالمفروكات، وحتى في احتفالات الزواج وغيره أصبحتا من الموروثات الشعبية حضوراً، وخصوصاً في فطور العريس أو إفطار الصباح في دعوات ولائم ختان الانجال وغير ذلك.

وانتشرت وبصورة واضحة مطاعم البلدي وبالذات ما تقدمه النساء والخالات من وجبات في الأسواق بنظام البلدي.

إذن فالكسرة والعصيدة أبتا  إلا أن تحافظان على حقهما القديم ووطنيتهما وحبهما لتراب هذا البلد العزيز.

وعصيدة وكسرة الفتريتة والدخن مشهورتان بأن لهما سعرات حرارية عالية وقويتان في مجال التغذية وبناء الجسم، وتتميزان  بصناعة أشهر عصير ومشروب رمضاني محبب يعتبر حصرياً على السودان وهو الآبرى (الحلو مر)، وكذلك مصنوعات أخرى سودانية 100%.

حاولت بعض الجهات البحثية أن تخلط الذرة بالقمح لاستنباط أيسر سعراً في الرغيف، إلا أن الذوق المستهلك الذي حرص الإنجليز كما أسلفنا على صناعته، فالشعب السوداني تعوّد على الرغيف الخالص من القمح وكله وافد من وراء البحار.

ومن حُسن حظ السودان أن زراعة القمح وجدت نجاحاً في السودان في الشمالية والجزيرة، وإن كانت الشكوى تأتي من أن الاعتماد على القمح كوجبة سودانية رئيسية أثقلت كثيراً كاهل الميزانية التي تصرف على ذلك عملات صعبة، وبالرغم من التنوع الذي يتفوق به السودان في إمكانية زراعة الأرز ليصبح إضافة للقمح والذرة، الا أن السياسات الغذائية وثقافتها دائماً ما تهزم إرادة ومقدرات المعنيين في التخطيط في أن يجعلوا من السودان دولة تتمتع بالاكتفاء الذاتي، بل والتصدير لكل المنتجات. والسودان دون شك سلة غذاء العالم لما يتمتّع به من مقومات في هذه المجال الحيوي، لكن مع إيقاف التنفيذ لأسبابٍ معلومةٍ.

الله المستعان.

Exit mobile version