الزيادات الضريبية.. آثار سلبية على التجار والمواطنين

 

الخرطوم- جمعة عبد الله   20 أكتوبر 2022م

تمدَّدت الآثار السلبية لزيادة الضرائب لتشمل قطاعات واسعة بالمجتمع، فبعد رفضها من قبل التجار، يقول مواطنون إنها -أيضاً- تزيد من معاناة الحصول على السلع والخدمات، لجهة أن رفع الضرائب سيعني بالضرورة رفع أسعار التكلفة، في وقت يعاني فيه الكثيرين لتوفير أبسط مقومات المعيشة.

ونفذت في الأسبوع الماضي موجة إغلاق الأسوق بعدة مدن بالولايات وأغلق تجار محلاتهم بما في ذلك المؤسسات الطبية الخاصة احتجاجاً على الضرائب الباهظة التي فرضتها وزارة المالية مؤخراً.

تراجع مستمر

منذ سنوات والاقتصاد السوداني يعاني من تراجع مستمر بسبب توقف المشاريع الكبرى بالبلاد التي أدت لتوقف الصادر وأيضاً هنالك أسباب عديدة متشابكة ومتداخلة كان لها الأثر، ألقت بظلالها السالبة على الوضع المعيشي في حياة المواطنين كما أثرت في جميع مناحي الحياة وزاد الأمر سوءاً عندما لامس هذا التردي الوضع المعيشي للناس وجعل أصوات المواطنين تعلو من الغلاء الفاحش وعدم ثبات الأسعار التي تضاعفت بنسبة كبيرة مما جعل المواطن يقف عاجزاً وحائراً أمام هذا الغلاء.

ومع تفاقم أزمات البلاد نفذ تجار ومتاجر ومستشفيات وعيادات وصيادلة ومعامل مختبرات إغلاقاً شاملاً بسبب الزيادات الكبيرة في الضرائب ما دفع كثيرون إلى مواجهة شبح الإفلاس.

ويقول مختصون إن ما يحدث من فوضى وإغلاقات للأسواق والمؤسسات التجارية عبارة عن رسالة مباشرة ضد القرارات الاقتصادية التي ترتكز على الجبايات بأشكالها المختلفة. وقالوا إن رفض صغار التجار لتقديرات الضرائب هو رفض للسياسات الاقتصادية العاجز عن تدبير أي حلولٍ للوضع الاقتصادي الذي أدخل فيه البلاد بمغامرةٍ غير محسوبة العواقب.

ووصف عدد من التجار فرض ضرائب بالخيالية ارتفعت من (47) ألف جنيه، إلى مليون و (400) ألف جنيه، وقالوا: نحن ندفع ضرائب في كل خطوة فمثلاً عندما أشتري الفول من مناطق الإنتاج أدفع ضريبة بالإضافة إلى الضريبة الولائية التي أدفعها عندما أقوم بشحن الفول وعندما أدخله للمصنع ندفع للمرة الثالثة ضريبة أرباح الأعمال (17%) من قيمة المنتجات وفي نهاية العام ضريبة أعمال أرباح السنة ثم بعد ذلك الفاقد الضريبي الذي يقدر بـ( 5) ملايين أو (10) ملايين جنيه، وقال: إن الضريبة الأخيرة يتم فرضها بحجة عدم تقديم التاجر معلومات حقيقية بشأن دخله السنوي، وأضاف: هذه ضرائب لا قبل للتجار بها وإذا اضطر تاجر لرهن عقار لأحد البنوك لإنقاذ موقفه المالي يدفع ضريبة واقترح توحيد النظام الضريبي حتى يدفع التاجر ضريبة مرة واحدة بدلاً من هذه المسميات المختلفة، كما أن هذه الضرائب لا تقابلها خدمة تقدم للتجار غير الركود الذي تشهده الأسواق مما يعمق معاناة التجار.

تحذيرات

وحذَّر تجار من آثار كارثية ستزداد يوماً بعد يوم بسبب قرارات وزارة المالية وتوقعوا تسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي الكبير الذي أصبحت البلاد تعاني منه وأضاف منذ 25 أكتوبر الماضي، وكشف تجار عن تعرض كثيرين للسجن، ولكن المتابع للوضع الاقتصادي العام بالسودان يلاحظ انعكاسه على المستوى المعيشي للناس في حديث المجالس إذ أصبح هو موضوع الحوار لدى المواطنين وكيف أنهم يشكون من غلاء الأسواق.

وقالت ربة منزل إن الغلاء أصبح لا يطاق وزيادة أسعار السلع والاحتياجات الاستهلاكية اليومية تفوق مقدرتنا، إذ أن الأشياء ترتفع وتساءلت إلى متى يظل السوق في حالة عدم ثبات ويظل المواطن البسيط يعيش في هاجس كيفية الحصول على الضروريات في الحياة التي لا مجال لتركها، فكيف لرب أسر يقابل كل الاحتياجات بدخل محدود؟ وتساءلت أين الدولة مما يحدث في السوق من فوضى في الأسعار؟ وتساءلت هل هو غياب وعدم رقابة أم أن هنالك ضرائب وقيود تفرض من قبل الدولة على التجار تجعلهم يعلون سقف سعر بضائعهم؟.

يقول أبو ذر أحمد، الذي يعمل في وظيفة حكومية أن الحال يغني عن السؤال وسوء الأوضاع المعيشية لا تخطئه عين والغلاء يضرب كل سبل المعيشة حتى أصبحنا لا نقدر على مواكبة الأسواق، وأضاف: بالرغم من الزيادة في الأجور إلا أنها قطرة في بحر الأسواق الذي يبتلع كل الراتب الشهري في غضون يومين أو ثلاثة لتظل المعاناة قائمة ويصاحبها تضاعف في أسعار المواد الاستهلاكية بشكل يومي، هذا جانب غير تعرفة المواصلات التي إذا فصلنا الراتب الشهري عليها وحدها لا يكفي لإكمال الشهر، أما في حالات المرض فتكاليف العلاج أمر آخر إذن كيف لموظف بأجر محدود يقابل كل هذه الاحتياجات المعيشية، وأضاف: أصبح الوضع في السودان لا يطاق وأقل سبل العيش الكريم غير متوفرة وأصبحت الحياة عبارة عن معاناة ودوامة كبرى ندور في فلكها.

زيادات مفاجئة

أما آدم عبدالرحمن، صاحب متجر للبيع بالتجزئة، قال: نحن مثل المواطن نتفاجأ بزيادة الأسعار كل صباح وأحياناً نبيع بعض السلع بسعر وعندما نذهب لإحضارها مرة أخرى نجد سعرها قد تغيَّر مما جعلنا نتوقف عن جلب بعض السلع لأنه يصبح لدينا عجز في رأس المال، وأضاف صحيح المواطن يتضجر عندما يجد زيادة في أسعار احتياجاته الاستهلاكية، لكن نحن ليس لنا ذنب في هذه الزيادة والسبب فيها هم تجار الجملة الذين يربطون الأمر بالاستيراد حتى المنتجات المحلية يزداد سعرها ويرجعون ذلك لسعر الدولار وارتباطه بمدخلات الإنتاج.

تدهور عام

الغلاء، غياب الرقابة، توقف الإنتاج، والحكومة لا تكترث لكل هذا وكأن الامر لا يعنيها في شيء، هو ما قاله حسان عبد الرازق، مضيفاً: كل ذلك أثر على الأوضاع المعيشية، موضحاً أن هنالك أزمة اقتصادية عامة على مستوى العالم ولكنها في السودان الأسوأ على الإطلاق فمثلاً هنالك بعض الدول وضعت حلولاً مع تحريك عجلة التنمية الاقتصادية مع ضبط ورقابة الأسواق، وأضاف: أصبحنا نخشى على أنفسنا من السياسات الاقتصادية التي تتبعها الدولة  بدءاً من رفع الدعم عن المحروقات الذي حمل مزيداً من الغلاء والضغوط وفي تقديره أن ما تمر به البلاد من تضخم وانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى سيؤدي إلى كارثة اقتصادية لا يمكن السيطرة عليها.

تدهور وغلاء

وعن تدهور الاقتصاد السوداني وارتباطه بغلاء المعيشة قال المحلِّل الاقتصادي هيثم فتحي: إن البلاد لازالت تعاني من أزمة اقتصادية لم تفلح الحكومة الانتقالية في التخفيف من حدتها رغم تأكيداتها المتكرِّرة بأنها تسعى لحلها إلى أن وصل معدَّل التضخم إلى أرقام قياسية مع احتمالية كبيرة باستمرار الارتفاع مما يتسبب في استمرار ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمية، وأرجع فتحي كل هذا التدهور إلى فقد السودان لأرضية وأسواق خارجية للصادرات، وأضاف: إن ما يعانيه الاقتصاد السوداني من تدني وتدهور قلَّل من فرص العمل وزاد نسبة البطالة وحدة الفقر كل هذه العوامل جعلت المواطن يعاني من الغلاء المعيشي بسبب ارتفاع الأسعار ما أدى لتراجع القيمة الشرائية.

ولخص مشكلة الاقتصاد السوداني في أن الموارد محدودة والطلب كبير لذلك لابد من تعظيم الفائدة من تلك الموارد وأن يكون هنالك نوع من الرشد والعقلانية في تخصيصها والاستفادة منها، كما يجب على الحكومة القضاء على العجز في الموازنة الداخلية واتخاذ خطوات تؤدي إلى زيادة الإنتاج وتنشيط القطاعات الإنتاجية خاصة القطاع الزراعي، وقال: هنالك كثير من التحديات التي تواجه الحكومة في القطاع الاقتصادي والخدمات الأساسية متمثلة في المأكل والمشرب والمأوى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى