التسوية الوشيكة.. مع مَن وكيف؟

التسوية الوشيكة.. مع مَن وكيف؟

الخرطوم: صلاح مختار

على نسق متواصل وحشد إعلامي كبير وتركيز واسع كان تناول التسوية السياسية الوشيكة التي أفصحت عنها الآلية الثلاثية في السودان عقب لقائها مع نائب رئيس المجلس السيادي, وربما ليس من الصدق أن تتزامن تلك التصريحات مع حديث رئيس المجلس الفريق أول البرهان في كدباس الذي ألمح فيه إلى تلك التسوية وأن كان ليس حرفياً، بل عبر تفاؤله بأن تشهد الساحة السياسية انفراجاً في الأيام القليلة المقبلة.

اقترب الوصول

وأعلن البرهان و(الآلية الثلاثية) الأممية والأفريقية التي تقود الوساطة بين الفرقاء السودانيين، عن اقتراب التوصل إلى تسوية وشيكة لحل الأزمة السياسية بالتراضي بين جميع الأطراف. وأبدى البرهان لدى مخاطبته، حشداً جماهيرياً في منطقة كدباس بولاية نهر النيل الشمالية، أمس، تفاؤله بأن تشهد الساحة السياسية انفراجاً في الأيام القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن الجميع بدأوا يستشعرون المخاطر التي تحيط بالبلاد.

الآلية الثلاثية

كذلك في السياق السابق بحث نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع (الآلية الثلاثية) الأممية التطورات التي تشهدها البلاد, وقال المتحدث باسم (الآلية) محمد بلعيش، عقب اللقاء مع حميدتي، عن قرب التوصل إلى تسوية سياسية يقبلها جميع الفرقاء، قائلاً: «نرى أننا نقترب أكثر فأكثر من تسوية مُرضية لكل أطراف العملية السياسية». وأكد حميدتي، ضرورة التوصل إلى حل، من خلال اتفاق يمهِّد لتشكيل حكومة لاستكمال الفترة الانتقالية. وأشاد بجهود «الآلية الثلاثية» في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة.إذاً التسوية السياسية مع مَن مِن القوى السياسية وكيف تتم ؟

تخفيف الضغط

والحديث عن التسوية السياسية يبدو ثالث الحلول بعد فشل التوافق بين القوى السياسية, وعدم قدرة أي طرف من الأطراف تشكيل حكومة مدنية دون الاتفاق, بالتالي البحث كان عن مخرج ثالث للأزمة وهي كما يراها البعض ممكنة ولكنها في ظل التشظي قد تصبح عسيرة التكوين, ولكن ما يخفف الضغط هنا أن الآلية الثلاثية ألمحت إلى التفاهمات التي تتم ما بين القوى السياسية لتقريب وجهات النظر،  حيث أشارت بأنهم يقتربون أكثر فأكثر من تسوية مرضية لكل أطراف العملية السياسية. وقال بلعيش: آن الأوان لكي ينخرط الجميع في العملية السياسية بروح بناءة، لإخراج البلاد من هذا النفق، من أجل تطبيع علاقات السودان مع محيطيه الإقليمي والدولي، ومعالجة الوضع الاقتصادي، واستكمال السلام الشامل، وترسيخ الإجراءات التي تصب في استقرار السودان.

محاولة الهاء

ويرى القيادي بالحرية والتغيير المركزية عادل خلف الله، أن غمر الساحة بالحديث عن تسوية, وتسوية وشيكة دون تحديد المشاركين فيها ودون تحديد أي طرف معين ما يعني محاولة لإلهاء الرأي العام  وأشغاله عن التحضير الجيِّد لبرنامج 21 أكتوبر المعلن, وقال لـ(الصيحة): الأمر الثاني التداول الواسع لموضوع التسوية بعد عام من قرارات البرهان ينم بأنهم فشلوا ولم يحققوا شيئاً, وعزوا النشاط المحموم لعناصر النظام السابق لغياب الحكومة, مما يعني أن هذا التسويق يهدف كمحاولة لإنقاذ السلطة من السقوط. بمعنى أن التسوية هو مشروع لإنقاذ السلطة من السقوط الوشيك.

مسودة مطروحة

وقال خلف الله: واضح أن  أغلب المبادرات تهدف إلى شرعنة تلك الإجراءات وأغلبها من مراكز داخل السلطة. بيد أنه رأى أن مشروع التأسيس الدستوري الجديد الذي بادر به المحامون لا علاقة  له بالتسوية, وإنما مسودة مطروحة, لمزيد من التداول, كي تعتمدها في النهاية الجبهة الشعبية الواسعة المقاومة له بالوسائل السلمية, والقوى المشاركة فيها تعتمد الوثيقة الدستورية وتبني على أساسها تدابير الانتقال. عماده سلطة مدنية ديموقراطية تحدث التحوُّل, وتتوَّج بإجراء الانتخابات. بمعنى هنالك مشروعين مشروع وطني يهدف إلى استنفار الإرادة الشعبية بهدف الاحتشاد في أوسع جبهة لإسقاط إجراءات البرهان, ومشروع موازي مع قوى سياسية واجتماعية مصالحها لا تتناقض مع المصالح التي تدافع عنها السلطة بهدف إنقاذ سلطة البرهان. المشروع الأول يعتمد على الإرادة الوطنية وتقاليدها, أما المشروع الثاني محرَّك بقوة دفع إقليمية ودولية.

حل الأزمة

ويقول القيادي بحزب الأمة عادل المفتي: ليس هنالك حل سوى اتفاق القوى المدنية وقوى الثورة وهو الأهم والطريق نحو حل الأزمة السياسية, بالتالي الحوار السوداني السوداني لا ينجح إلا في وجود لجنة وطنية يثق فيها الناس, وتكون موثوقة بها, بعد ذلك كل شيء سيكون واضحاً . وقال لـ(الصيحة): حديث البرهان وحميدتي كان كلاماً واضحاً جداً إنهما يطالبان بحكومة مدنية ولا يرغبان في الدخول في السياسة, ولذلك الكرة الآن في ملعب القوى المدنية, وبالتالي لابد أن تكون التسوية بين المدنيين, أولاً وهو الأمر الذي يجري الآن. والقضية ليست تكوين حكومة مدنية يرأسها حمدوك, وأضاف الذين يروِّجون بعودة فلان أو علان غير صحيح, لأن حمدوك فشل في السابق, ولذلك طرح الحلول بذلك الشكل لا يحل المشكلة, في ظل توقف الدعم الدولي والتدهور الأمني .

سابع المستحيلات

ولا يرى المفتى اتفاق المدنيين من سابع المستحيلات، وقال: ليس كل شيء مغلق مائة بالمائة، هنالك حديث تحت التربيزة وأي (حاجة ممكن تتعمل) وإذا كان المكوِّن العسكري رغم تباين الآراء فيه وصل لدرجة إسكات الحرب, من باب أولى المدنيين العمل لذلك الهدف. وقال الآن الحرب (شغالة) بين السياسيين في وسائل الإعلام ولكنهم يتقابلوا ويجتمعوا في بعض المرات. ولذلك ليس هنالك ما يمنع الاتفاق للوصول إلى حل بشأن إدارة البلاد.

استباق للحشد

وقلَّل المفتي بأن الحديث الكثيف عن التسوية استباق للحشد الذي يجري في الساحة في 21 أكتوبر المقبل، بيد أنه لفت إلى الاجتماعات التي تعقد في كل مرة وتأثيرها على تليين مواقف القوى السياسية . وقال: تلك الحوارات تجري فوق وتحت التربيزة وهو شي إيجابي, في إطار الوصول إلى حل للأزمة, حتى وأن كانت الاجتماعات لأجندة شخصية,هو شيء إيجابي, ورأى أن كثرة الاجتماعات بين القوى السياسية من شأنه الوصول إلى الحد الأدنى من الاتفاق فيما بينها وبالتالي يمكن الوصول إلى تسوية سياسية فيما بينها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى