Site icon صحيفة الصيحة

بعد عامين.. اتفاقية سلام جوبا إلى أين وصلت وماذا حققت؟

توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان

بعد عامين.. اتفاقية سلام جوبا إلى أين وصلت وماذا حققت؟

تقرير: الطيب محمد خير

يصادف يوم أمس تاريخ توقيع اتفاق سلام جوبا في (3 أكتوبر 2020م) الذي عقد الأمل عليه بأن يضع حداً للنزاع الدامي الذي أوقع آلاف القتلى، إلا أن الشكوى ظلت حاضرة من قبل الحركات الموقعة من بطئ تنفيذ الاتفاق الذي يواجه كثيراً من العقبات التي تعرقل ترجمته على الأرض وإنزاله واقعاً معاشاً في حياة مواطني المناطقة المناطق المتأثرة بالحرب.

وقالت حركة العدل والمساواة في بيانها الذي أصدرته بمناسبة مرور عامين على توقيع اتفاق السلام: إن كل مؤشرات عدم الاستقرار ماثلة إذ لم يعد النازحون إلى ديارهم ولم يتم تأمين قرى العودة والكشف عن مصير المفقودين والأسرى وتهيئة الظروف الملائمة للعودة والعدالة الانتقالية، ولا تزال العديد من المناطق تشهد صراعات دامية ونزوح ولم يظهر فيها أي تقدُّم للسلام واستقرار يذكر على الأرض، أبرزها ولاية غرب دافور والنيل الأزرق، وكان البطء في تنفيذ اتفاق السلام أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت القيادية بالحركة الشعبية شمال بثينة دينار، للاستقالة من منصب وزير الحكم الاتحادي، حيث انتقدت في خطاب استقالتها بطء في تنفيذ اتفاق السلام وعدم الالتزام ببنوده ماجعله عرضة للنقد بعدم تحقق اتفاقية سلام جوبا الاستقرار في الإقليم، وظلت العمليات القتالية متواصلة من دون توقف، وأصبحت الرؤية الغالبة لدى الرأي العام السوداني في الشارع أن اتفاق السلام لم ينفذ منه سوى إشراك قادة الحركات المسلحة الموقعين على الاتفاقية في السلطة.

وعزت حركة العدل والمساواة في بيانها عدم تنفيذ اتفاق السلام للمتاريس والعقبات التي قالت اعترت عملية التنفيذ ومسيرة الانتقال التي شهدت خلالها الساحة السياسية السودانية انقساماً لا مثيل له، بسبب محاولة من أسمتهم بقوى الاستئثار بالسلطة ومقدرات الوطن، وارتفعت أصوات القوى المعادية للسلام من دعاة الحرب، والتي سخَّرت آلتها الإعلامية لتضليل الشارع ضد السلام والمناداة بإلغائه ويأتي ذلك في إشارة من حركة العدل والمساواة لحملة الانتقادات التي شنتها قوى الحرية والتغيير على اتفاق السلام والمطالبة بمراجعته وتعديله تارة وأخرى المطالبة بإلغائه، في المقابل ظلت الحركات ترفض أي حديث حول مراجعة اتفاق السلام وترى أنه من حملة يتعرَّض لها الاتفاق وتهدف إلى شيطنته في إطار المكايدة السياسية من قبل قوى الحرية والتغيير منذ أن كانت ممسكة بزمام الحكم وطالتها اتهامات الحركات بعرقلة إنفاذ الاتفاق، واشتدت الحملة على اتفاق السلام بعد قرارات البرهان في 25 أكتوبر، بسبب الموقف السياسي لحركات الكفاح المسلح التي انحازت وأيَّدت هذه القرارات التي اعتبرتها تصحيح مسار بينما اعتبرتها قوى الحرية والتغيير انقلاباً.

وهذا ما دفع الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة الرئيس المناوب للجنة العسكرية العليا للترتيبات الأمنية سليمان صندل، للتحذير من أية محاولة من أي طرف من الأطراف لتعديل اتفاق جوبا، مطالباً قوى الحرية والتغيير بعدم اللعب بالنار، وشدَّد صندل على ضرورة إعادة النظر في عملية التنفيذ، حتى لا يتحوَّل السلام إلى نقمة بدلاً من كونه نعمة.

وفي ذات السياق على من الرغم صدور قرار في مايو 2021م، اعتماد نظام الحكم الإقليمي لدارفور وتعيين مناوي حاكماً إلا أن مناوي أصبح يجأر بالشكوى في كل لقاءاته الجماهيرية والإعلامية من تأخير إجازة قانون الحكم الإقليمي حتى يتسنى له السيطرة على القطاع الأمني، فضلاً عن عجز الحكومة عن التزام بتعهداتها المالية التي نصت عليها الاتفاقية بتوفير مبلغ الـ(700) مليون دولار، الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها، واعترف مناوي أن نسبة تنفيذ اتفاق جوبا للسلام لا تتعدى الـ(10%)  بسبب وجود أخطاء مشتركة بين كل الأطراف حالت دون الوفاء بالاتفاق والالتزام ببنوده.

وقال عضو هيئة محامي دارفور مصطفى محمد أحمد لـ(الصيحة): إن اتفاق سلام حوبا الآن حبر على ورق والمستفيد منها قادة الحركات الموقعة هم الذين يتمتعون بكافة امتيازاتها في المناصب، يعني المستفيدون من هذا الاتفاق هم قيادات الصف الأول الذين تنكَّروا حتى على جنودهم الذين قاتلوا دعك من المواطنين.

وأشار محمد إلى أن غياب الممثلين الحقيقيين لأهل المصلحة شكِّل أكبر خلل في الاتفاقية، إذ لم تكن هناك مشاركة للنازحين واللاجئين في طاولة المفاوضات في كل مراحل العملية السلمية وهذا جعل رؤية أصحاب المصلحة أن هذا الاتفاق لايعنيهم في شئ إذ لا يوجد تأثير على الأرض يبيَّن أن هناك اتفاق سلام وقِّع لجهة أن الانتهاك والزعزعة في الأمن والاستقرار لا يزالان مستمران، بل هذا الانتهاك تزايد بصورة مغلقة فاقت ما كانت عليه في العهد البائد .

وأكد محمد مصطفى أن النازحين واللاجئين أصبحوا لا يعوِّلون على أي مكاسب تعود عليهم في أمنهم واستقرارهم ومعاشهم من اتفاق السلام، وأشار إلى أن سبب عثرات اتفاق السلام عجزه إحداث تأثير على الأرض لأنه وقع دون وجود ضامن مقتدر لتمويل العمليات المتعقلة باتفاق السلام في كل مراحل تنفيذه، بداية من الإعمار وحتى تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لتحقيق الأمن، فضلاً عن جيوش هذه الحركات حتى الآن تسودها عدم التنظيم وحصرهم في مواقع معلومة وحتى إخفاق تشكيل القوة المشتركة الخاصة بحفظ الأمن التي نص الاتفاق على تشكيلها بعد ستة أشهر، بسبب المشكلات التمويلية.

من جانبه قال نائب رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي صلاح عبد الرحمن أبو السرة لـ(الصيحة): إن اتفاق السلام تنفيذه مرتبط بالمفوَّضيات كمنظومة متكاملة وللأسف هذه المفوَّضيات الخاصة بالنازحين والأراضي وغيرها لم تتكوَّن أصلاً لذلك الأوضاع انحدرت للأسوأ مما كانت عليه قبل اتفاق السلام.

وأضاف أبو السرة: رغم هذا حتى نكون دقيقين هناك مجهودات تمت في تنفيذ اتفاق السلام في جانب تحقيق الأمن والاستقرار بعد الأحداث التي شهدها الإقليم في الجنينة وكريندك وكانت أطراف العملية السلمية جزء من هذه الأحداث سواءً في شمال أو غرب دارفور، والسبب في ذلك لم يكن هناك عمل منظم وجاد لتنفيذ مشروع السلام، فقط هناك مجهودات خاصة تمت لعقد مصالحات لاحتواء تداعيات أحداث مابعد اتفاق سلام جوبا بمجهود من النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق حميدتي، في غرب دارفور وجنوب وجميعها تمت بجهد منه، في وقت أن أطراف العملية السلمية كانوا جزءاً من الصراع .

وأكد أبو السرة أن الذي نفَّذ من اتفاق السلام فقط المشاركة في قسمة الثروة والسلطة والباقي حبر على ورق، لم يحدث تقدَّم في ملف اللاجئين والأسرى والمفقودين والملف الإنساني حتى العون الغذائي العالمي نُهب في الإقليم.

Exit mobile version