التعهُّد بانسحاب (العسكريين) من المشهد.. ما الذي يجري؟

 

الخرطوم:  صبري جبور   18  سبتمبر 2022م

في الرابع من يوليو الماضي، أعلن رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلّحة  الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أنّ القوات المسلّحة قرّرت عدم المشاركة في المفاوضات السياسية، والسماح للأحزاب والقوى السياسية والثورية بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لاستكمال المرحلة الانتقالية، تلك الخطوة وجدت ترحيباً كبيراً من بعض القوى المدنية والكيانات الأخرى، باعتبار أن ذلك يسهم في تحقيق التحوُّل الديموقراطي المدني الذي يفضي إلى توافق بين الأطراف السودانية المختلفة، وصولاً إلى مرحلة الانتخابات واختيار من يمثل الشعب وقيادة البلاد في المرحلة المقبلة.

وكان نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول، محمد حمدان دقلو،(حميدتي) قد قال، (الجمعة)، إنه اجتمع مع رئيس مجلس السيادة والذي جرى، (الخميس) أقر بترك أمر اختيار مجلسي السيادة والوزراء للمدنيين.

ولكن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، العميد الطاهر أبو هاجة، قال: إن الجيش لن يسلِّم السلطة إلا إلى حكومة متوافق عليها من كل السودانيين أو حكومة منتخبة. هذه التصريحات، وفق محلِّلين، لا تتوافق مع التعهُّد الذي تم بين رئيس مجلس السيادة ونائبه، وأعلنه الأخير بوضوح، ما يشير إلى أن هناك تباين حول كيفية تسليم السلطة إلى المدنيين.

في المقابل، رحَّبت كيانات سياسية من قوى الحرية والتغيير بما أعلنه “حميدتي” واعتبرت أن التعهد بانسحاب العسكريين من المشهد السياسي وترك أمر السلطة للمدنيين بما في ذلك اختيار رئيسي مجلس السيادة والوزراء خطوة مهمة تدعم الهدف الأسمى الذي قامت الثورة لتحقيقه وهو  التحوُّل الديموقراطي.

تفاصيل اجتماع

كشف نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع،  الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن تفاصيل اجتماعه مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والذي جرى، (الخميس).

وقال دقلو، بحسب تعميمٍ صحفي (الجمعة)، لـ(دائرة الإعلام بقوات الدعم السريع)، إنّ الاجتمّاع تمّ فيه التأمين على الالتزام السابق بخروج المؤسسة العسكرية من السلطة، وترك أمر الحكم للمدنيين.

وأضاف: (الاجتماع مع رئيس مجلس السيادة أقرّ بشكلٍ قاطع بأنّ يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنييْن)، وشدّد حميدتي على أهمية التنسيق والتعاون بين جميع السودانيين لإزالة المصاعب التي تواجه عملية الانتقال وخلق البيئة المواتية للتقدم إلى الأمام تحقيقًا لتطلعات الشعب في بناء دولة ديموقراطية مستقرة.

شروط تسليم السلطة

ولكن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، العميد الطاهر أبو هاجة، قال: إن الجيش لن يسلِّم السلطة إلا لحكومة متوافق عليها من كل السودانيين أو حكومة منتخبة.

وأضاف أبو هاجة في تصريحات صحفية أمس:(نحن ملتزمون بخروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي)، مؤكداً أن القوات المسلحة مسؤولة بنص الدستور عن حماية واستقرار البلاد.

وتابع: (ملتزمون بأن حكومة ما تبقى من الفترة الانتقالية حكومة كفاءات لا تخضع للمحاصصة السياسية ومتوافق عليها من كل السودانيين).

وأكد السودان شعبه وأرضه، أمنه وفترته الانتقالية أمانة في عنق القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، مضيفاً أن هذه الأمانة لن تُسلم إلا لمن يختاره الشعب السوداني.

وتابع: (ولا مجال لحكم الفترة الانتقالية بوضع اليد، والفهلوة السياسية، فالقوات المسلحة مسؤولة بنص قانونها ودستور البلاد عن حماية أمن واستقرار هذا البلد).

وأضاف أبوهاجة: (نحن ملتزمون بخروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي وهذا أمر ذكره القائد العام منذ 4 يوليو، وملتزمون –أيضاً- بأن تكون حكومة ما تبقى من المرحلة الانتقالية حكومة كفاءات وطنية مستقلة غير حزبية).

توافق المدنيين

وتعليقاً حول هذه المتغيِّرات في المشهد السياسي، قال الخبير والمحلِّل السياسي، د. راشد التجاني، إن هناك تأكيد قاطع من المكوِّن العسكري بتسليم السلطة إلى المدنيين، لكن يبدو أن هناك تباين بين حميدتي والبرهان حول كيفية تسليم السلطة، وأوضح التجاني في تصريح لـ(الصيحة) أمس: ( التباين قد يكمن  حال لم يتوافق المدنيين على الحكومة في الفترة المقبلة، هل بإمكان العسكريين أن يقوموا بتسليمها لأحد الأطراف من المدنيين) ؟.

وقال ربما حميدتي يرى أنه يتم تسليمها لأي جهة مدنية حتى بدون توافق، ولكن البرهان قد يرى أن التوافق هو شرط تسليم السلطة.

دعم التحوُّل

من جهته رحَّب الخبير والمحلِّل السياسي البروفيسور صلاح الدين الدومة، ببيان حميدتي الذي أقرّ بشكلٍ قاطع بأنّ يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنييْن)، وقال الدومة لـ(الصيحة) أمس: إن تلك الخطوة  تدعم وتعزز تحقيق التحوُّل الديموقراطي المدني حال تم تنفيذها من قبل المكوِّن العسكري.

ودعا الدومة (العسكريين) إلى ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق والتوافق عليه بخروج الموسسة العسكرية، وتسليم السلطة للمدنيين.

أين يتجه المشهد؟

من جهة ثانية أكد الأستاذ الجامعي والمحلِّل السياسي البروفيسور أحمد صباح الخير، دعمه لأي خطوة تمضي نحو المدنية، وقال  لـ(الصيحة) أمس: إن المشهد السياسي السوداني الآن به عدة تغيُّرات على أرض الواقع الأمر الذي يتطلب التوافق بين المدنيين من أجل الوصول إلى  تكوين الحكومة.

ويرى صباح الخير، أن تصريحات مستشار البرهان، مؤشر لوجود خلاف بين أعضاء المكوِّن العسكري، فيما يتعلَّق بكيفية تسليم السلطة إلى المدنيين.

تحالف استراتيجي

وبدوره أكد المحلِّل السياسي، القيادي بالحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، محمد المعتصم حاكم، أن نائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان (حميدتي) لا يتطلع إلى التغيير منفرداً، أو الابتعاد عن المشهد السياسي، خاصة وأن قوات الدعم السريع أصبحت جزءاً لا يتجزأ من القوات المسلحة، كما أن انحيازه لرغبة الشعب السوداني في التغيير وتضامنه مع الجيش تفرض عليه تحالفاً استراتيجياً مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان للوصول بالبلاد إلى بر الأمان.

وأكد حاكم لـ(الصيحة) ، أن خروج الجيش من العمل السياسي مطلوب بعد أن يقوم الجيش بتسليم مقاليد السلطة لحكومة ديموقراطية منتخبة، وأضاف: (أما الآن هنالك مهام للجيش تتلخص في حماية الحكم الانتقالي المدني وحفظ الأمن وحماية حدود البلاد حتى إجراء الانتخابات  الشرعية وبالتالي يعود إلى ثكناته بعد أن يقوم بتسليم مقاليد الحكم لرئيس الوزراء المنتخب).

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى