خطيبان وعروس واحدة!!

من روائع الأدب الإيطالي ما خطه يراع كاتب الجنوب ونعني جنوب إيطاليا (الفقير) مقارنة بالشمال الغني (البرتو مورافيا) الذي جادت قريحته برواية (ثلاثة رجال وامرأة واحدة)!! التي أقامت الدنيا وشغلت جنوب إيطاليا مثلما حدث في عالم كرة القدم، حينما حطّ طائر الفينيق وساحر الملاعب الأرجنتيني ديجو ماردونا في مدينة نابولي وأنعش اقتصادها وأعاد اكتشافها وجعلها على كل لسان في المعمورة..

على ذكر الرجال الثلاثة الذين تنافسوا للظفر بالفتاة الحسناء في عالم الخيال الأدبين ففي واقع الساحة السياسية يتنافس اثنان من قادة تحالف قوى الحرية والتغيير من أجل الظفر بمنصب رئيس مجلس الوزراء الانتقالي، وهو منصب رفيع جداً في الدولة السودانية، وتمدد سلطاته من تعيين الوزراء إلى الولاة وقادة الخدمة المدنية.. تعزف له الموسيقى وتحميه كتائب من الحرس الرئاسي في دولة ثلاثية القيادة رئيس المجلس السيادي ونائبه الأول ورئيس الوزراء!!

بعد أن تردد على نطاق واسع بأن رئيس الوزراء القادم شخص متفق عليه حتى من قبل النظام السابق الذي رشحه لمنصب وزير المالية، ولكن التزامه التنظيمي الصارم في صف الحزب الشيوعي حال بينه وقبول المنصب في حكومة معتز موسى، ولو فعل حمدوك ذلك لكان مقامه الآن في سجن كوبر ما بين آدم الفكي ومأمون حميدة، وكلاهما محبوسان من غير تهمة حتى اللحظة.. ويقف تجمع المهنيين الذي يمثل الأب الشرعي للثورة داعماً ومسانداً لاختيار الدكتور عبد الله حمدوك رئيساً لمجلس الوزراء..

ولكن الساعات الأربع وعشرين الماضية، شهدت متغيرات في الساحة بعودة الحياة مرة أخرى لتحالف (نداء السودان) الذي كاد أن يندثر ويتلاشى في عباءة تحالف قوى الحرية والتغيير قبل أن تفتح شهية السلطة قادة (نداء السودان) للبحث عن مواقع لهم في سفينة الحكم الجديدة.. ورشّح شخصية أخرى، ونداء السودان وهو تحالف يضم حزب الأمة والمؤتمر السوداني والحركات المسلحة، ويعتبر المبعوث الأمريكي القديم الجديد دونالد بوث من الاختصاصيين الذين ساهموا في (ولادة) ذلك التحالف ورعايته حتى نهض، وجاء ترشيح رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير لمنصب رئيس الوزراء مفاجئاً لتجمع المهنيين وللحزب الشيوعي..

ويعد عمر الدقير شخصية سياسية وجدت في الفترة الأخيرة قبولاً من أغلب أطياف الساحة السياسية بما في ذلك المجلس العسكري الذي خبر الدقير عن قرب.. وغير بعيد من ذلك يجد الشاب الذي ينتمي سلوكياً وثقافياً إلى التيار الإسلامي العريض تنظيمياً وسياسياً إلى حزب المؤتمر السوداني، ويجمع جغرافياً وجهوياً ما بين أصول تمتد للجزيرة وتربية ونشأة في بادية البقارة في كردفان مدينة المجلد.. وخلال الساعات القادمة ربما تقافزت أسماء أخرى تسعى للظفر بمنصب رئيس الوزراء مثل الجنرال عبد العزيز آدم الحلو.. وفي مناخ التنافس والصراع بين تجمع المهنيين ونداء السودان ربما كان الخيار شخصية ثالثة مثل اختصاصي النساء والتوليد والقيادي في حزب الأمة د. إبراهيم الأمين.

ولكن السؤال أين ذهبت المعايير التي قيل إن العسكريين وقوى الحرية والتغيير قد (اتفقا) عليها بتكوين حكومة انتقالية من كفاءات غير حزبية.. وهل ينكص قادة المجلس العسكري عن وعودهم التي بذلوها للشعب باختيار حكومة كفاءات مستقلة؟؟

نعم الدقير وحمدوك كفاءات ولكنهما بعيدان عن الاستقلالية؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى