هل يساعد تراجع “الشيوعي” عن مواقفه المتشدِّدة في تفكيك الأزمة؟

 

الخرطوم: الطيب محمد خير   10  سبتمبر 2022م

تراجع الحزب الشيوعي على نحو مفاجئ عن مواقفه المتشدِّدة والمتصلِّبة التي التزمها منذ خروجه من قوى الحرية والتغيير بمغامرته التي ظل يخوضها وحيداً وآخرها تحالف الأقوياء الذي لم يصمد معه فيه حلفاؤه الذين اختارهم لتعزيز مواقفه، وظل يكيل الاتهامات لنظرائه في الساحة السياسية بالتماهي مع العسكريين وقوى الثورة المضادة من خلال نظرية التخوين التي أسماها الحزب الشيوعي اصطلاحاً بالهبوط الناعم ليعود  بصورة مفاجئة للمواءمة السياسية، معلناً لقاءات مرتقبة له الأسبوع المقبل مع حركة القوى الجديدة الديموقراطية (حق) التي تضم مجموعة من كوادره المنشقة عنه وتشمل اللقاءات حزب الأمة القومي الذي نال حظاً وافراً من اتهامات الحزب الشيوعي تصنيفه في خانة الهبوط الناعم منذ فترة النظام البائد.

حسب ما نقله موقع “سودان تربيون” عن عضو اللجنة المركزية للحزب صديق يوسف، أن اللقاءت التي يعتزم الحزب الشيوعي الدخول فيها مع حزبي الأمة وحق، تهدف للتشاور حول الأزمة السياسية الحالية والوضع المتدهور للأحوال المعيشية وتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

واعترف الحزب الشيوعي بأنه جزء من المتسببين في الأزمة السياسية الحالية والوضع المتدهور للأحوال المعيشية وتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد  نتيجة فشل ائتلاف الحرية والتغيير في إدارة البلاد خلال فترتها في السُّلطة، وأضاف رغم اعتراضه على قرارات الحرية والتغيير التي كانت تُجاز بالأغلبية، لكن هذا الاعتراض لا يعفيه من المسؤولية باعتبارنا جزءاً من الائتلاف في ذلك الوقت.

الكثير من علامات الاستفهام يمكن وضعها أمام هذا التقارب المفاجئ بين حزبي الأمة والشيوعي وبمسعى من الأخير رغم ذلك ليس هناك من أوجه الشبه تجمع بينهما سوى تصدُّر قدامى المحاربين لخطيهما القيادي والسياسي، لكنهما يسيران في الساحة السياسية في خطوط متوازية تجعل من الاستحالة وجود تقارب، حيث يلتزم الحزب الشيوعي لغة مصادمة وهو ينادي باقتلاع حكومة مابعد 25 أكتوبر، التي يعتبرها انقلاباً وكل من يقترب منها يصنَّف من الحزب الشيوعي في خانة الهبوط الناعم وأنه متآمر وخائن للثورة وللشعب السوداني، بينما يفضِّل حزب الأمة العمل عبر المواءمة بالتعامل مع المكوِّن العسكري والمحافظة على خطه الثوري في آن واحد.

وقال القيادي بحزب الأمة القومي عبد الجليل الباشا لـ(الصيحة): حتى اللحظة لم يتم إبلاغنا بصورة رسمية من الحزب الشيوعي برغبته في عقد لقاءات تشاورية معنا، ونحن ليس لدينا مانع في الجلوس مع أي قوى سياسية تقديراً للظرف الذي به البلاد لخلق جبهة مدنية عريضة من قوى الثورة لهزيمة الانغلاق وتحقيق أهداف الثورة.

وأضاف الباشا: ليس هناك غرابة في تقارب حزب الأمة والشيوعي باعتبار أنهما جمعتهما تحالفات سابقة إبان مقاومة النظام البائد، وأكد أنهم لا يمانعون في أن يلتقي الحزبان لتقريب وجهات النظر ونحن رؤيتنا تقوم على ضرورة أن يتم الجلوس مع الحزب الشيوعي ومناقشته .

وأضاف الباشا: إن حزب الأمة جزء من تحالف قوى الحرية والتغيير الذي قرَّر تكوين جبهة عريضة من كل قوى الثورة باعتبار أن هزيمة الانقلاب تكمن في وحدة قوى الثورة وكل القوى التي تنادي بالتحوُّل المدني الديموقراطي وبالتالي حزب الأمة في هذا الإطار يلتقي مع القوى السياسية بما فيها الحزب الشيوعي كقوى مناهضة للانقلاب والحزب متماهي ومنفتح في هذا الإطار خاصة وأنه طرح مبادرة لتوحيد قوى الثورة ولديه رؤية مشتركة مع قوى الحرية والتغيير .

وذهب المحلِّل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس لـ(الصيحة) إلى أن التقارب الذي تم بين الحزب الاتحادي والأمة في الأسبوع الماضي هو الذي حفَّز الحزب الشيوعي للتحرُّك باتجاه حزب الأمة، لجهة أن تقارب الاتحادي والأمة فيه نذر خطر عليه باعتبار أنهما يمثلان غالبية ساحقة في العملية الانتخابية، وبالتالي هذا مصدر إزعاج ومقلق للحزب الشيوعي حدوث أي تقارب مع هذين الحزبين ربما يجذب إليهما التيارات الإسلامية وتصبح تكتلاً انتخابياً بما يوازي (70 أو 80%) من الكتلة الانتخابية، فضلاً عن أنهما يمثلان أيديولوجية إسلامية. الشيوعي سعى لتخريب أو عرقلة هذا التقارب، وواضح أن حزب الأمة من تصريحات قياداته في الآونة الأخيرة توحي بأنه سيخرج من تحالف قوى الحرية والتغيير الذي أصبح باهت التأثير في الشارع، وأكد أنه ليس هناك تفسير لهذا التقارب الذي ابتدره الشيوعي مع الأمة غير أن يريد إفساد محاولات حزب الأمة للتقارب مع أي كتلة خارج تحالف قوى الحرية والتغيير، لأن تحالف الحزبين يهدِّد موقف الشيوعي في الساحة السياسية.

وأشار أبو خريس، لابتعاد الحزب الشيوعي عن الكتل السياسية وزهده في التحاور مع القوى السياسية إلا بشكل منفرد هذا ضرب عليه عزلة والآن يحاول لقاء حزب الأمة بشكل منفرد بعيداً عن حلفائه في قوى الحرية والتغيير،

وأضاف د. أبو خريس، أن قرارات البرهان في يوليو الماضي، وضعت كل القوى السياسية المدنية في المحك والمجتمع الدولي يراقب طوال فترة التسعة أشهر الماضية، تحرُّكات القوى السياسية ومدى مقدرتها على التوافق وترشيح حكومة كفاءات لإكمال الفترة الانتقالية ولم يحدث.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى