بالمستندات (الصيحة) تكشف عن شركات وهمية تنصب على  المواطنين

 

 

الخرطوم: أم بلة النور 30  اغسطس 2022م

رغم أن التجارة الإلكترونية أصبحت عالماً متقدِّماً في عمليات العرض والطلب، وأضحت النهج السائد في كل العالم، إلا أن السودان لايزال يقف في مكانه لا يستطيع التقدُّم خطوة تجاه هذا النوع من التجارة، ويعود ذلك للتخلف الاقتصادي لفقدان الثقة بين المعلن والمستفيد، الأمر الذي أدى إلى انتشار الشركات الوهمية التي لا أساس لها على أرض الواقع والتي تقوم بالنصب على المواطنين مستغلين جهله وعدم إلمامه بالتجارة الإلكترونية.

وكثيراً ما يقع المواطن في فخ الإعلانات الإلكترونية ليعود صفر اليدين أو يحصل  على منتج غير الذي تم عرضه وتم طلبه من قبل العميل، ومن تلك الشركات شركة تعمل في مجال التسويق العقاري وعقودات العمل والسيارات والآلات الزراعية عبر التمويل الأصغر الداخلي .

جهل واستغلال

ومن أنواع التجارة الإلكترونية وشركات التسويق فقد شهد سوق السودان خلال الأعوام الماضية العديد من الشركات التجارية العاملة في مجال التمويل العقاري والتمويل الأصغر، مستغلة الوضع الاقتصادي للشعب السوداني  وحاجته لزيادة دخله في وقت تقف فيه البنوك حجر عثرة أمام تمويل المواطنين بفرضها شروطاً تعسفية لضمان الحصول على تمويل. ليجعل من ذلك أرضاً خصبة لشركات النصب والاحتيال لاستقطاب  المواطنين مستغلة حاجتهم للمال وجهلهم بالقانون .

شركات وهمية

خلال الأعوام الماضية وقع عدد كبير من الشباب في فخ شركة شهيرة، حيث خسروا أموالهم في عمليات تمويل وهمية بعد أن كانت اعتمدت على إعلانات مكثفة بالتلفزيون، ومؤخراً ظهرت شركة (س ف) التي تستقطب المواطنين عبر الرسائل النصية في الهواتف النقالة، والإعلانات عبر تطبيق “فيس بوك” وما أن يقوم المواطن بالاتصال حتى يقع في  أيدي المسوِّقين وحصافتهم في الإقناع لتظفر الشركة من أول جلسة  على مدخراتك وتبدأ عمليات التهرُّب والمماطلة.

نماذج حيِّة

في حديثه لـ(الصيحة) قال محمد إبراهيم عباس، أحد متضرِّري الشركة، إنه قام  بشراء عدد (3) قطع، أراضي سكنية بتاريخ ٧ ديسمبر ٢٠٢٠م، بمساحة (٦٠٠) م، بمخطط ود نوار السكني جنوب جامعة أم درمان الإسلامية.

السعر الكلي للقطعة  (4) ملايين  جنيه، دفع منها (٢٥٠) ألف جنيه، مقدَّم على أن يدفع بقية المبلغ نقداً عند استلام شهادة البحث بعد (٤٥) يوماً، حسب إفادة مديرة التسويق ، ليقول: ومن هنا بدأت المماطلة والأعذار بأسباب واهية مثل: لجنة التمكين والتأخير في الأراضي وهكذا.

وأضاف إنه استمر في المحاولات لمدة (٤) أشهر، لاستلام شهادة البحث من مديرة التسويق والمدير العام ورئيس مجلس إدارة الشركة، ولكن دون جدوى .

ليقرِّر في آخر المطاف أن يسترد المبلغ المدفوع فقط، وأن يعمل على إلغاء  المعاملة معهم لتبدأ مرحلة جديدة من المماطلة مع إدارات الشركة، وظلت الوعود يوماً بعد يوم، وأضاف قائلاً: “حتى إنهم دعوني في يوم من الأيام لاستلام الأموال نقداً من مكتبهم في كافوري فحضرت ولم أجد أي مسؤول منهم، وكالعادة واصلت مديرة التسويق في المماطلة واختلاق الأعذار” وقرَّر بعدها اللجوء للقانون، وللأسف لأن رئيس مجلس الإدارة ومحامو الشركة يعرفون الثغرات القانونية فقد وضعوا بنداً في العقد اسمه (التحكيم)، وهذا البند يعني بصراحة أن تيأس من حقك ولن تجد منه شيئاً لأنه عملية تحكيمية خارج إطار القضاء وليس لها إلزامية لحضور الجلسات أو تنفيذ القرارات وما زالت المماطلة مستمرة منذ أكثر من عام في موضوع التحكيم على حد قوله.

أما هاني عباس بابكر، يقول إنه تعرَّف على الشركة عن طريق رسائل نصية عبر الهاتف وتواصل معهم وبعد ذلك  أصبح موظفو الشركة في ملاحقته بصورة مستمرة إلى أن ذهب إليهم في مكاتبهم بالعمارات شارع (١٥) وقابل عدداً من المسوِّقات وقام باختيار قطعة الأرض من على الخرائط الورقية التي تم عرضها عليه ومن ثم ذهب معه أحد مناديب الشركة للوقوف عليها على الطبيعة بعد العودة لمكتبهم قام بإكمال الإجراءات ( ١٠٠٠٠٠) بنكك، ومبلغ      (٧٠٠٠٠٠٠) شيك، وللمرة التانية ليقول :  قمت باصطحاب عدد  ثلاثة من موظفي الشركة واستلمت الأرض على الطبيعة وأخبرتهم بأنني سوف اشرع في عمليات البناء والتشييد وأبدوا موافقتهم الفورية ثم قابلت المهندس لتسليمه المساحة على الطبيعة ليبدأ مرحلة الأساس إلا أنه تفاجأ بظهور شخص آخر يدَّعي ملكيته للأرض ليبدأ فصل جديد من المعاناة.

تغيير الأسماء

واختصر محمد عوض قسم السيد، قصته التي بدأت حين وصلته رسالة نصية من الشركة والتي عرضت عبرها  قطع أراضي وسيارات  عبر برنامج الأقساط في فترة مريحة     وقام بعدها باستشارة الوالد وشقيقه الأكبر ومن ثم الاتصال برقم الشركة وبعد ترحيب حار دعوه لزيارة مكاتبهم بالخرطوم وبالفعل ذهب وطلب سيارة  لانسر 2016م، وذهب برفقة موظفي الشركة إلى معرض بالكرين بحري فاختار سيارة قيمتها حوالي (3 ملايين) آنذاك وكان لديه عربة (BYD) وتم تسليمها لهم مقابل (٦٠٠) ألف، وبإضافة إلى مبلغ مالي (١٥٠) ألف كمقدم .

لتبدأ “الجرجرة” -كما يقول-  مضيفا وفي أقل من أسبوع دخلت جائحة “الكرونا” وتم إغلاق البلاد وكذلك الشركة وقام بتدوين بلاغ بالرقم (2852) لدى مكافحة السرقة بالعمارات غرب القسم الشمالي ضد الشركة ليتضح أن  صاحب الشركة هو نفس الشخص صاحب الشركة الأخرى, الذي كنت أتواصل معه على أساس إعادة   سيارته “بي واي دي” و(أنسى الحصل،) إلا أنه أخبره بأنه ليس له حق .

وأضاف لـ(الصيحة) أن تلك التفاصيل كانت في نهاية 2019 بداية 2020م.

خلل قانوني

وفي ذات السياق قال احد الضحايا ويدعى حسن اللازم، إنه بتاريخ 25/4/2022م، وجد إعلاناً عبر “الفيس بوك” عن بيع الأراضي و تركترات بالأقساط بنظام التمويل الداخلي واتصل على الرقم وتم الرد من طرف إحدى الموظفات وبعد السؤال عن طريقة التمويل ذكرت أنهم شركة وهي مديرة التسويق وبالفعل لديهم تمويل، قامت بتوجيهه إلى موظف آخر مسؤول عن  تمويل الآليات الزراعية والسيارات وقام  بالاتصال على ذلك الموظف وحدَّد يوم الخميس 28/4 الحضور إلى مقر الشركة في العمارات، يقول : حضرت لموقع الشركة في الوقت المحدَّد وقابلت الموظف المسؤول وطلب مني بعض المستندات و شرح طريقة عملهم وضرورة دفع مقدَّم (30%) من القيمة الكلية على أن تقوم الشركة بتكملة بقية المبلغ. بعدها ذهبت  برفقة ذلك الموظف إلى معرض تركترات واتفقنا على تركتر بسعر (8800000 )  وبعدها رجعنا إلى موقع الشركة وبعد الحساب وجدنا المقدم       (3520000) وتم الاتفاق على التسليم في غضون ثلاثة أيام، وتم تطمينه بأنه تقدَّم للتمويل في التوقيت المناسب نسبة لوجود صاحب الشركة بالبلاد، وسوف يُسدَّد قيمة التمويل في الوقت المحدَّد .

ليضيف: عند دفع المقدم طلب منهم  حضور المحامي لحفظ الحقوق، استجاب وقد حضر وبعد كتابة بنود الاتفاق اكتشفت أن أطراف العقد غير موجودين وتوقيعاتهم موجودة وعند السؤال عن ذلك الخلل القانوني أوضحوا له أن هذا عقد مبدئي لا يفرق وجودهم ويوم الاستلام سوف يكون العقد النهائي وكل أطراف العقد سيكونوا موجودين.

حساب شخصي

وعند دفع القسط اتضح لي أن الحساب شخصي وليس للشركة وعند التساؤل -أيضاً- كانت الإجابة بأن حساب الشركة به بعض الإشكالات وكان الحساب باسم المدير العام (م ح).

وفي الزمن المضروب للاستلام كان يوم  السبت 30/4/2022م، عندما وصل للشركة وجدها مغلقة وكانت الحجة عطلة عيد الفطر بعد العطلة ذهبت الى الشركة لأكثر من (5) أيام، في الأسبوع الأول و وجدت الشخص الذي بدأ الإجراءات قد اختفى، وذكر له الموظفون أن المدير العام موجود وسوف يقوم بحل الإشكال و بعدها وصل مقر الشركة ولم يجد سوى الاستقبال فقط وليس له معلومة بعدها، تواصل مع مديرة التسويق وأكدت له  اكتمال الإجراءات حتى مديرة فرع كافوري أكدت نفس الحديث إلا أنه لم يستلم الآلة الزراعية حتى الآن .

إقامة جبرية

وبذات التفاصيل أصبح العم عبد الفتاح حامد محمد، تحت الإقامة الجبرية بإحدى المدارس بالحلة الجديدة الخرطوم بعد دفع مقدَّم تمويل البناء لذات الشركة وطلبوا منه هدم المنزل مع ترك عدد من الغرف لتخزين مواد البناء، حيث قام بسداد مبلغ (3) ملايين جنيه، وهدم ثلاثة غرف وعدد من البرندات بناءً على طلب المهندسين الذين قاموا بمعاينة ميدانية للمنزل، إلا أنه لام نفسه لأن الشركة لم تحدِّد مبلغ التمويل أو القسط الشهري، وكانت تلك حجة بائنة للنصب إلا أنه لم يعِ ذلك إلا بعد فوات الأوان .كما حدث مع محمد علي، الذي -أيضاً- فقد أمواله لدى تلك الشركة بعد أن قام بشراء قطعة أرض سكنية بتاريخ 7/6/ 2021م،  بعد سداد (3) ملايين  جنيه، التي ذهبت أدراج الرياح دون الحصول على قطعة الأرض، بعد ذلك قام بإلغاء المعاملة وتسليمه شيكاً بالمبلغ ليكتشف أن الحساب مغلق ومدير الشركة بسجن الهدى يدير أعماله من داخل السجن، وحذَّر المواطنين   بعدم التعامل مع تلك الشركة حتى لايقع غيرهم في ذلك الفخ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى