عجِّلوا بالمحاكمات العادلة!!

* طالعنا ما نُشر بهذه الصحيفة عن أوضاع قيادات النظام السابق المعتقلين بسجن كوبر بأمر سلطات المجلس العسكري الانتقالي.. وجاء المنشور في ثلاث صفحات بهذه الصحيفة من إعداد الأستاذة الإعلامية وعضو مفوضية حقوق الإنسان منى أبو العزائم.. والتي كانت ضمن وفد المفوضية القومية لحقوق الإنسان الذي زار قادة النظام السابق المعتقلين بسجن كوبر والبالغ عددهم (23) شخصاً، بعض منهم يعيش أوضاعاً صحية حرجة، وقامت المفوضية بالاستماع إليهم لرصد أي انتهاك لحقوقهم.

* جاءت جل إفادات الموقوفين بأنهم داخل المعتقل دون أن توجه لهم تهم محددة، وفي هذا مجافاة لحق أساسي من حقوق الإنسان.. وهو عدم اعتقال أي شخص لمدة تزيد على أسبوع دون توجيه اتهامات محددة في حقه.. وذكر بعض المعتقلين وأكدوا ـ مثل عوض الجاز وأحمد هارون ونافع علي نافع وعلي عثمان ــ أنهم قيد الاعتقال فقط، لأنهم متهمون بقضايا فساد، دون أن تحدد النيابات المختصة وتسجل التهم المحددة تجاه أي منهم، وفي هذا انتهاك لحقوقهم المكفولة بالقانون والدساتير، وطالبوا بسرعة توجيه التهم إليهم.

* لا أعتقد أن هؤلاء المعتقلين قد طالبوا بالمستحيل، بتحقيق أهم مبادئ العدالة فيهم.. وهي توجيه تهم صريحة وواضحة.. والغريب أن مطالبهم هي ذات الدعاوى التي يطلقها (المجلس العسكري) بأنه سيحاسب كل رموز النظام السابق ومن أفسد منهم أو أكل مال الشعب وأثرى من المنصب العام.. بل حتى الذين أصابوا دماً حراماً منهم وقتلوا الأبرياء ــ وهناك قضايا مرفوعة من أولياء الدم ومنظورة بالمحاكم.. ما يطالب به معتقلو النظام السابق حق شرعي يكفله القانون الحالي وكل قوانين الدنيا.. ومعلوم أنه منذ الحادي عشر من أبريل يريد الشعب السوداني أن تستكمل السلطات محاكماتها لرموز النظام السابق، الذين طالتهم شبهات ووقعوا في الحرام.. لكن ما نحب أن نؤكد عليه أن رموز النظام السابق ليسوا كلهم (مدانين) وليسوا كلهم (فاسدين)، وليسوا كلهم (حرامية).. لأن كثيرا منهم طالتهم (وصمة الانتماء) للمؤتمر الوطني، أو صفة (كيزان) التي أصبحت (سبة ومنقصة) حتى إذا كان صاحبها بريء من كل سوء.

* نتمنى ألا يضيع الحق وسط دعوات الشيطنة لأي طرف، ونتمنى ألا تضيع أسس العدالة وبسطها بين الناس كافة، وسط هذه الضجة من التشوهات.. كما نتمنى أن ينال كل الموقوفين حقهم كاملاً في الدفاع عن أنفسهم ومقابلة ذويهم وعدم الاعتداء عليهم لمجرد أنهم ينتمون لجهة أو تنظيم محدد.. لأن حق المواطنة مكفول للجميع، ومن تعدى حدود القانون، القانون وحده كفيل بردعه.

* كل الأطراف اتفقت على إعمال مبادئ العدالة، وعدم أخذ القانون باليد.. الدعوات بمحاكمة رموز النظام السابق هي دعوات من المجلس العسكري والحرية والتغيير وعموم المواطنين.. والآن اتفق معهم المتهمون أنفسهم، وهم رموز النظام السابق الموقوفون أنفسهم..

جهد رائع وكبير قامت به المفوضية القومية لحقوق الإنسان، وهي تثبت للجميع أن اعتقال رموز النظام السابق حقيقة وليس (شائعة) وأنهم بسجن كوبر بما فيهم رأس النظام السابق نفسه.. ونتمنى أن تكمل دورها الرائد في أن ينال كل صاحب تهمة جزاءه وأن يطلق سراح من لم تثبت عليه إدانة، وفي هذا إعمال وإحقاق لدولة القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى