Site icon صحيفة الصيحة

نساء ترفع لهن القبعات.. الداية فاطمة.. امرأة بقامة دولة

 

نيالا: الصيحة

لا يخلو مجتمع من مجتمعات السودان، من امرأة تستحق أن ترفع لها القبعات، ففي كل بقعة من بقاع السودان تستهل فكرة أو عمل لامرأة يعجز الرجال عن القيام بها، وقد تعجز حتى المؤسسات، من بين النساء اللائي يستحقن أن يمجدهن التاريخ (الداية فاطمة) وهي من أشهر نساء دارفور ولا تراهن امرأة أو حتى رجل في الوقوف منافساً لها، لسبب بسيط، ربما تكون هي من حملته بيدها من بطن أمه إلى الحياة.

عملت الداية فاطمة علي، كقابلة لمدة 48 سنة، أشرفت خلالها على ولادة آلاف الأطفال. وفوق ذلك، افتتحت فاطمة المدرسة الأولى والوحيدة من نوعها لتدريب القابلات في ولاية جنوب دارفور، وقد تدرَّب فيها حتى الآن (1.500) قابلة.

تقول فاطمة وعمرها الآن (78 ) عاماً: “عندما صببت أول جركانة مونة من الخرسانة لبناء المدرسة قلت: هذه هديتي لنساء نيالا.”

كتب عنها سفين سيمونسن من مكتب اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، قائلاً : قصة فاطمة بدأت في عام 1950م، في شمال دارفور عندما تم اختيارها في سن الـ 14 لتكون ممرضة، وفي عام 1978م، وبعد عدة سنوات من التدريب والعمل وصلت فاطمة إلى نيالا. تقول: “في ذلك الوقت، كان هناك ثمان قابلات فقط في الولاية بأكملها.”

خط الدفاع الأول

في سنتها الأولى من العمل حصلت فاطمة على موافقة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، لإنشاء مدرسة للقبالة، فتوجهت إلى السكان المحليين لبنائها. “المواطنون أنفسهم هم من قام ببناء هذه المدرسة. كل يوم جمعة كان يأتي السكان لبنائها. كان النجارون والبناءون يأتون. والبعض كان يصنع الطعام للعمال. تم الانتهاء من بناء المدرسة في ثمانية أسابيع فقط.”

في السنة الأولى تخرجت خمس عشرة قابلة، أما في عام 2013م، فقد ارتفع العدد ليبلغ (102) خرّيجة. الهدف الذي تسعى إليه السلطات الصحية في جنوب دارفور وهي من الولايات المكتظة بالسكان، أن يكون لكل (2.000) نسمة قابلة واحدة. في الوقت الحاضر يوجد في الولاية (977) قابلة، وهو ما يعادل (56) في المائة من الهدف المنشود.

مدرسة جامعة

تقول السيدة نعمات عبدالله نائب منسق وزارة الصحة للصحة الإنجابية: “جميع القابلات في جنوب دارفور تخرجن من هذه المدرسة. وهن يعتبرن خط الدفاع الأول ضد وفيات الأمهات. لقد خدمت فاطمة الكثير من النساء والأطفال.”

وحسب تقارير اليونسيف فإنه وعلى مدى العقد الماضي تم تخفيض معدَّل وفيات الرضع والأطفال بشكل ملحوظ في السودان، ولكن معدَّلات وفيات الأمهات والمواليد ما تزال مرتفعة. وتوجد تفاوتات كبيرة في ذلك بين الولايات.

ففي ولايتي جنوب وشرق دارفور توجد أعلى معدَّل لوفيات الأمهات، فمن بين كل (100.000) ولادة حية تتسبب (335) في وفاة الأم. ولا تقع سوى (12) في المائة من الولادات في هاتين الولايتين في المستشفيات، ونصفها فقط يتم بإشراف عاملين صحيين مهرة.

تمكنت الداية فاطمة من إقناع منظمة اليونسيف بدعم مدرستها فقبل أعوام قامت المنظمة ببناء جناحين إضافيين للمدرسة بهدف مضاعفة عدد الطلاب. وساعدت ودعمت برامج تدريب مدربي القبالة ودعم التشغيل اليومي للمدرسة، إضافة إلى تغطية تكلفة التدريب وتوفير مستلزمات القبالة للخريجات.

وضمن مشروع ممول من قبل المفوَّضية الأوروبية. لتحسين الوصول إلى القابلات الماهرات في دارفور دربت المدرسة (300) قابلة، و (120) ممرضة و (16) زائرة صحية منزلية.

المعرفة هي الأساس

ومن بين المهام غير المرئية التي ثبتتها الداية فاطمة ومؤسستها، تغيير مواقف الناس العاديين تجاه القابلات غير التقليديات، وقد بدا التغيير يظهر في دحر الخرافات والمفاهيم الخاطئة بشأن الولادة، ومع ذلك فإن المشوار ما يزال طويلاً كما تقول الداية فاطمة (التقاليد المجتمعية المتعلقة بالولادة ما تزال موجودة).

تقول فاطمة: عندما تصل الحامل إلى المستشفى لتضع مولودها، عادة ما يصحبها أفراد الأسرة المباشرة والممتدة والجيران، وجميع هؤلاء بالنسبة لها ولتلميذاتها من الجيل الجديد من القابلات جمهور لسماع رسائلهن. تقول فاطمة “نستغل هذه الفرصة لدعوة الناس إلى الإنجاب داخل المستشفيات وتلقي الرعاية قبل الولادة. إن المعرفة هي الأساس.”

 

 

Exit mobile version