Site icon صحيفة الصيحة

تشغيل توربينات سد النهضة..الخرطوم .. أديس ويستمر القلق

سد النهضة

 

تقرير:  مريم أبَّشر      14  اغسطس  2022م

يبدو أن تداعيات مراحل بناء سد النهضة والخطوات المتتالية لإكمال بنائه من قبل  الحكومة الأثيوبية تمضي وفق المخطط لها ضاربة بعرض الحائط أي مخاوف أو

مهدِّدات قد تطال شركائها السودان و مصر دولتا (العبور و المصب)

 

 

 

فقد أعلنت أثيوبيا رسمياً اكتمال الملء الثالث لسد النهضة الذي تقيمه على النيل الأزرق، الجمعة الماضية، وتخزين (22) مليار متر مكعب، من المياه.

ونشرت هيئة البث الأثيوبية صوراً للمياه تعبر الممر الأوسط للسد، مؤكدة اكتمال عملية الملء الثالث.

واكتملت الخطوة بعد ساعات من تدشين ثاني توربينات توليد الكهرباء من السد العملاق وسط مظاهر احتفالية حاشدة في خطوة كفيلة بتأجيج التوتر بينها ودولتَي المصب، مصر والسودان.

يذكر أن أثيوبيا بدأت في استخدام التوربين الأول لتوليد الطاقة من السد، قبل ستة أشهر ووفق محطط بناء السد من المقرَّر أن يصل عدد التوربينات، بانتهاء أعمال بناء السد، إلى (13) توربيناً، ستعمل معاً لتوليد خمسة آلاف و(150) ميغاوات، من الكهرباء، وفقاً للهيئة الأثيوبية.

هبة الرب

رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، دعا  كلا من: الخرطوم والقاهرة لمواصلة المفاوضات، مشيرًا إلى أن بلاده “تقوم ببناء السد لتوليد الطاقة بحيث تتمكن البلاد من إخراج شعبها من الظلام”.

وأضاف في إشارة تطمينية لكل من السودان ومصر بشأن حصتهما من المياه، داعياً إلى الوصول إلى تفاهم.

وزاد: ” أيّ رأي بخلاف ذلك لن يوقف ما بدأناه، وسيكون جهداً ضائعاً”، مؤكداً على أن الملء الثالث لم يتسبب في أي نقص بحصة دولتَي المصب من المياه.

وأضاف أبي أحمد: إن بلاده خزنت (٢٢) مليار متر مكعب، في خزان سد النهضة دون إضرار، أو توقف المياه إلى دولتَي مصب النهر السودان ومصر، وأضاف أبي أحمد: “النيل هبة أعطاها الرب لنا نحن الأثيوبيين لكي نستفيد منها”.

ووفقاً لمدير مشروع السد الأثيوبي، تم إنجاز نسبة (95) في المئة من الأعمال الهندسية، بينما أُنجزت نسبة تزيد على (83) في المئة من إجمالي المشروع. ويبعد سد الروصيرص حوالي (15) كلم، عن موقع إنشاء السد العملاق الواقع على النيل الأزرق، حيث تتحدث الحكومة عن تهديدات جدية قد تلحق بالسد السوداني حال لم يتم الاتفاق على الملء وموعد فتح البوابات.

 

قلق الخرطوم

 

إعلان أديس تشغيل التوربين الثاني دون إعطاء اعتبار للجارة الأقرب والأكثر تأثيراً السودان أثار نوعاً من القلق وسط المؤسسات الحكومية المعنية بالملف       وقال رئيس اللجنة الفنية للتفاوض في ملف سد النهضة بوزارة الري مصطفى حسين، في أول رد فعل:  إن السودان يراقب عن كثب نتائج خطوة أثيوبيا التي أعلنتها الخميس الماضي، بتدشين “التوربين” الثاني لإنتاج الكهرباء من سد النهضة، وأنه سيتخذ الإجراء اللازمة بشأن ملء سد النهضة، حال تهديد الخطوة لسلامة خزان الروصيرص أو التأثير على الري في المشروعات الزراعية والتوليد الكهرومائي أو الاستخدامات الأخرى.

وأضاف حسين في تصريح صحفي:  “إن الوزارة تتابع عملية تشغيل التوربين في سد النهضة عن كثب، السودان يتعامل بمسؤولية لحماية مصالحه”.

وأكد أن السودان سيواصل التفاوض الثلاثي بآليه تمكِّن من الوصول إلى اتفاق مرضي وملزم بين الأطراف الثلاثة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.

 تأثير مباشر

الخبير والاستشاري في مجال الري و السدود المهندس أبو بكر محمد المصطفى، أشار لـ(الصيحة) أن سد الروصيرص وبحيرته هما أول المتأثرين   بحجز كميات المياه لملء سد النهضة سلباً أو إيجاباً، حيث يبعد (١٥) كلم، و بالتالي فإن أي تأثير يصل لبحيرة السد خلال أربع ساعات، والخزان في (٢٤) ساعة، ولفت إلى أن هنالك حقائق يجب التعاون والتعامل وفقها وهي وجود اتفاقيات دولية وإقليمية تحدد شكل التعاون والتعامل، وذكر منها الاتفاقية الدولية للمياه للدول المتشآطئة واتفاق إعلان المبادئ الثلاثي الذي وقِّع في العام ٢٠١٥م، ولفت إلى أن الاتفاق ينص على البيانات وتبادل المعلومات والشكل الثالث الإجراءات، وأشار إلى أن سد الروصيرص يشكل (١%)  فقط، بالنسبة للسد العالي وبالتالي الأكثر تأثراً، وانتقد عدم الحرص الذى تبديه مصر في تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ، حيث تم خلاله الاتفاق على ثلاث دراسات وهي: تعبئة  السد، الآثار المترتبة وإجراءات السلامة،

وأشار أبوبكر إلى أن أثيوبيا تنظر للسد مشروع قومي، وإنها دولة ذات سيادة و لم تنل حظها من المياه غير معنية باتفاقية (٥٣) التي قسمت المياه بين مصر و السودان دولتي المصب، فيما تنظر مصر هي الأخرى إلى أنها لديها حقوق مائية للسد العالي يجب أن لا تنقص حصتها البالغة (٥٥) مليار متر مكعب، وأن مصر هي هبة النيل ويعتقد أن النظرة المتطرِّفة للدولتين تعيق إمكانية الوصول لتفاهمات، ويرى أن السودان يعتقد أن التعاون وفق الاتفاقيات الدولية أو إعلان المبادئ. ولفت إلى أن السودان في كل ملء  يواجه ذات العقبات وهي كيفية  التعامل مع معلومات غير معروفة   و غير متاحة من قبل الجانب الأثيوبي   و ذات الوقت تعمد مصر على عدم التوصل لاتفاق لتظل تنعم بما يصلها مياه للسد العالي. وجدَّد خبير المياه إلى أن السودان ليس ضد مصالح الدولتين ولكن يسعى لضرورة أن يكون هنالك تعاون وتبادل للمعلومات وتبادل للمنافع وفق القانون الدولي.

استفادة

رغم التأثيرات السالبة الناتجة عن عدم تبادل المعلومات وتأثير ذلك على سد الروصيرص، أشار خبير المياه إلى جملة من الفوائد التي تعود على السودان من قيام السد وأبرزها استمرار جريان النيل الأزرق وانحسار شهور الجفاف و استمرار التوليد المائي  للكهرباء، ولفت لضرورة التعاون مع الجارة أثيوبيا لحل خلافاتنا، وأضاف: ليس من مصلحتنا الدخول في حروب معها. وأضاف: إن حصة السودان بموجب اتفاق  (1953) هو (١٨) مليار متر مكعب، (٤) ونص منها تذهب لخزان مروي الخاص بالتوليد  الكهربائي، بالتالي تذهب لمصر فيما لا يزيد الاستخدام عن (١٠) مليار، من مجمل حصة السودان، في وقت يبلغ فيه إيراد النيل (١٢٠) ملياراً، ونبَّه إلى أن مصر تعمد على التأكيد على تقسيم المياه وفق الاستخدامات الحالية رغم أن نصيبها وفق الاتفاق (٥٥) ملياراً . وشدَّد على أهمية أن يوفر الجانب الأثيوبي للسودان وهو المتضرِّر- بخلاف مصر- المعلومات الكافية وفق اتفاق ملزم للتعامل معها وأن تكون هنالك روح للتعاون وتبادل المصالح للتنمية المستدامة، وأضاف: لا نريد ربط مصالحنا بمصر، ونبَّه إلى أن أثيوبيا مهدِّد للسودان بخلاف مصر التي تؤثر على السودان عبر الهجرات البشرية، وأشار إلى أن مصر تسعى لتوفير احتياجاتها المائية على حساب السودان، فضلاً عن وجود أطماع أخرى عبر دول إقليمية لجعل السودان تحت السيطرة، وأكد الاستشاري أن السودان دولة ذات سيادة وتملك قرارها ويجب أن نبحث عن مصالحنا وفق أطر التعاون المستندة على الاتفاقيات والقوانين الدولية.

 

Exit mobile version