منى أبوزيد تكتب : مأمورية في الخرطوم..!

10 اغسطس 2022م

“يجب أن أجد حقيقةً تكون حقيقيَّةً بالنسبة لي”.. كيركغارد..!

(1)

كيبويد – إله الحب الصغير – وهو يقول مخاطباً أمه فينوس – آلهة الحب والجمال – بينما كان يقلب طرفه في ضجر من حلول موعد مأمورية عمله في سماء الخرطوم:

ـ بالله الواحد بقى طاير في خرطوم البخاتة دي من شارع لي شارع، شايل جرابو دا وحايم بدون فايدة، البنات يا أمي بقن زي الشواحن الصينية والرجال البعرفوا الريدة ماتوا في كرري..!

فينوس – آلهة الحب والجمال – وهي تهز رأسها في أسف:

ـ يا ولدي كيلو اللحمة حَصَّل كم، وكم زول في البلد دي ما بينوم الليل من هم الأكل والشراب والعلاج ورسوم المدارس..؟!

كيبويد في إلحاح:

الفقر وضيق المعيشة ما عذر، ما ممكن قصص الريدة تبقى كلها استهبال عاطفي واستسهال أخلاقي..!

فينوس “في حكمة جديرة بآلهة إغريقية”:

ـ يا ولدي حب شنو مع الطيارين البقو سايقين ركشات والشحادين البقوا لابسين ملافح، حب شنو مع البنات البقن يصرفن على الأولاد ويشحنن ليهم الرصيد..!

كيوبيد في لهجة يائسة:

أنا كلَّمت “خالو” يجيب لي سهام من تايوان، غايتو أسكت أمشِّي بيها حالي لحد ما نشوف آخرتها..!

فينوس “في ثقة تليق بآلهة الجمال والخصوبة”:

ـ المهم الراجل يلقى ليه بت حلال تمسك بيتو، والمرة تجيب ليها “جنا” ينفعها. لكن ما تنسى يا كيبو – “اسم الدلع” – إنو الحب الحقيقي دائماً موجود، وخلي في جرابك دائماً سهم أصلي للحالات النبيلة الطارئة..!

 

(2)

ما أن وقف “عادل” المهندس الأربعيني المغترب بالدوحة في صف العملاء في ذلك البنك، آخذاً في استراق النظر إلى “هيام” الموظفة الحسناء، حتى حط “كيوبيد” بجناحيه فوق حافة الزجاج الفاصل بينهما بثقة وهو يتأمّل باكورة القصة النمطية المعتادة لإحدى زيجات المغتربين:

“عادل” بتظارف: صفكم طويل كدا مالو..؟

“هيام” في ضجر: الليلة في زحمة شوية..!

عادل في لهجة ذات مغزى: الواحد شكلو ح يقضي إجازتو كلها في الصفوف..!

“هيام” بابتسامة متحفزة واهتمام مفاجئ: انت مغترب..؟!

“كيوبيد” وهو يطلق سهمه التايواني المدبب نحو قلبيهما متثائباً في ضجر:

يلَّا أجروا أعقدوا في يومين..!

 

(3)

الدكتور “عصام” مخاطباً زميلته الدكتورة “ندى”:

تعرفي يا ندى غيابك الشهرين الفاتو ديل خلاني أشعر بحاجات كدا ما كنت منتبه ليها زمان.

“ندى” في لهفة لم تستطع إخفاءها: حاجات زي شنو يا عصام..؟!

“عصام” بتردد:  يعني ما عارف أقول ليك شنو..!

“ندى” في لهجة أقرب إلى الاستجداء منها إلى الاستفهام:

شعرت بشنو يا عصام، عليك الله قول..؟!

“عصام” في مُناورة تُليق بغرور الفي العصر مروره:

شعرت بحاجات كتيرة، لكن قبل ما أقول ليك، انت شعرت بشنو..؟!

“كيوبيد” في ضجر وامتعاض شديدين، وهو يحلِّق بجناحيه مبتعداً عن فناء المستشفى:

يللا، بلا لمَّة، بلا شعرتَ، بلا ما شعرتَ. عندكم مشاعر عبروا عنها عديل ما عندكم، ما تبرمجوا بينا ساكت..!

(4)

“سعاد” الزوجة الأربعينية والأم لثلاثة أطفال، مخاطبة “منصور” الكهل الزوج لثلاث نساء، والأب لعشرة أطفال، وهي تهم بالنزول من سيارته الفاخرة:

خلاص يا حاج  شكراً ليك، أنا نازلة هنا..!

الحاج “منصور” في مماحكة تليق “بدون جوان” خطير: وصلت خلاص..!

“سعاد” وهي تتظاهر بالفتنة: للأسف وصلنا سريع..!

الحاج “منصور” وهو يتظاهر بالوسامة: سريع ساكت، على العموم دا رقم تلفوني، أتمنى تتصلي بي..!

“سعاد” بانكسار وشرود وهي تعقد مقارنة خاطفة بين عربته الأنيقة المكيفة و”الركشة” المُتهالكة التي يقودها زوجها آناء الليل وأطراف النهار: إن شاء الله، أكيد..!

“كيوبيد” ممتعضاً ومتردداً في إطلاق إحدى سهامه التايوانية:

بالله دا كلام، بالله دي حالة، يا اخوانا الكلام دا بعدين بتابوهو..!

 

 

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى