Site icon صحيفة الصيحة

شخصية ذات أنماط إبداعية متعدِّدة ومتفرِّدة .. دكتور عمر محمود خالد.. يا نوارة الحلوين (1)

 

كتب: سراج الدين مصطفى   6 أغسطس 2022م 

(دكتور عمر محمود خالد نجح في حفظ التوازن بين حقيقته شاعراً وبين مهنته طبيباً، فهو ملتزم بأخلاقيات مهنته وشفاف تجاه نصوصه).

أبو آمنة حامد

(1)

بمواهبه المتفرِّعة والمتجذِّرة في أرض ثابتة من الإبداع المتنوِّع، يشكِّل الدكتور والشاعر عمر محمود خالد شخصية ذات أنماط متعدِّدة ومتفرِّدة، فهو لا يمكن حصره في إطار الطب فقط ولا حتى الشعر أو إعلامي ضليع، فهو برع فيها كلها، ومع كثرة الصنائع فهو أجادها كلها وأصبح رمزاً سودانياً محضاً، والمؤكد أن الدكتور عمر محمود خالد، وكما يقول الدكتور النور حمد (الدكتور عمر محمود خالد إنسان حي القلب، حي الشعور. فهو الطبيب النابه المجوِّد لمهنته، وهو الشاعر الرقيق، وهو القطب المريخي، وهو مقدم البرامج الناجح، ذو الأسلوب الحواري الجذاب، الذي يستقطب المثقف، وفي نفس الوقت لا يطرد الأمي من حضرته، وهو محاور، كيِّس، فطن، يعرف كيف يجعل كبار المتخصصين من الأطباء يبسطون المعلومات العلمية لتصبح مفهومة ومهضومة لعامة الجمهور. كسب برنامجه “صحة وعافية” جمهوراً كبيراً للتلفزيون السوداني، وشمل ذلك جمهوراً مقدِّراً من دول منطقة الجوار الناطقة بالعربية، وهو جمهور لم يكن التلفزيون السوداني ليحلم به.

(2)

تلك المواهب المتعدِّدة ماهي إلا ملامح للمبدع  (عمر محمود خالد) الذي ولد في  قرية الفريجاب بولاية الجزيرة، والتي بدأ بها مراحله الدراسية ثم طابت ثم حنتوب الثانوية ومنها إلى جامعة الخرطوم كلية الطب، امتحن الشهادة السودانية بداية السبعينات والتحق بكلية الطب جامعة الخرطوم وكان لقصيدة (يا سيدة لا)  الأثر الطيب فى اشتهاره شاعراً وكان حينها في بداية دراسته للطب، هاجر خارج السودان حيث عمل بالجماهيرية العربية الليبية ومكث في صحرائها خمس سنوات، وكتب في هذه الفترة قصيدة      “خمسَ سنين” شكراً وعرفاناً لزوجته التي رافقته.

(3)

عمل د . عمر محمود خالد، معداً ومقدِّماً لبرنامج “صحة وعافية ” في تلفزيون السودان لفترة من الزمن ثم تحوَّل البرنامج إلى “قناة النيل الأزرق ” ولا يذال يعرض، وهو طبيب متخصص في الأمراض الصدرية والتنفسية  وشاعر غنائي تغنى له محمد الأمين (خمسَ سنين وحلم الأماسي) وأغنية أخرى باسم (ألقاك وين) لم تظهر للعلن حتى الأن حيث مازالت حبيسة أوتار مزهر محمد الأمين. . ويقول الدكتور عمر محمود خالد (النشأة في بيئة صوفية وفي منطقة خضراء في ولاية الجزيرة بكل تأكيد كان لها أثر كبير في شاعريتي ولعل الوالد هو أكثر من ساعدني على ذلك لأنه كان يقوم بتحفيظ القرءان الكريم للطلاب في مسيد جدي الشيخ المعروف في الفريجاب وقد حفظت القرءان الكريم فأصبحت أمتلك ناصية البيان وبالتالي لم أجد أي صعوبة تُذكر في كتابة الشعر، وفي كلية الطب جامعة الخرطوم زامل  الدكتور غازي صلاح الدين العتباني والراحل مجذوب الخليفة وقد كانت دفعته تضم العديد من الساسة وكانت تحمل لقب الدفعة الخطيرة. وحينما تفتحت عيني في الفريجاب بالمسيد كان جدي هو شيخ المسيد ووالدي شيخ الخلوة وأمي تقوم بخدمة الحيران.

(4)

يا سيدة لا

فايتانا وين مستعجلة

ما الجامعة بعدك كوم رماد

لا فيها طب لا صيدلة..

تلك البداية لشاعر رسم على زخات المطر نبض الإبداع فأفاضت مواسم الحنين تداعيات انهمرت كالمطر الاستوائي النضير واستجمعت قواها كما يقول البروف معز عمر بخيت، حيث بدأ في مجموعته الشعرية الأولى (يا سيدة لا وقصائد أخرى). ثم كانت (خمسَ سنين) التي خرجت منذ زمن بعيد وقت اغترابه بالجماهيرية العربية الليبية حتى جاءها مخاض الخروج البهي حين تغنى بها الفنان صاحب الصوت الأسطوري محمد الأمين بعد أن مكثت لديه أكثر من عشرين عاماً.

خمسَ سنين معاك يا زينة الأيام يا نوارة

الحلوين مرَّت حلوة زي أنسام زي أحلام

صبية ندية زي ياسمين وزي هلت فرح دفاق

في ضحكة عيون ناعسين زي لهفة بعيد

مشتاق يلاقي أحبته الغالين

خمسَ سنين ودرب الريد معاك أخضر

خمسَ سنين بريدك كل يوم أكتر

أحاول مرة بس أنساك عشان يا غالية

أذكر أجي وألقاك ديما معاي وألقى هواك ملك دنياي وفي أعماقي أكتر

خمسَ سنين ودرب الريد معاك أخضر

خمسَ سنين بريدك كل يوم أكتر

حيث قدَّم محمد الأمين أغنية (خمسَ سنين) في العام 1983م، ومثلت فتحاً جديداً في مسيرته الغنائية، حيث قوبلت بنجاح كبير من قبل الشعب السوداني وظلت ة من أكثر الأغاني طلباً في الحفلات الجماهيرية، ولكن محمد الأمين بذكائه المعهود في التجديد في أغنياته استكمل تلحين باقي القصيدة بذات النسق الإيقاعي والنغمي:

خمسَ سنين وإنتي ومعاي.. مشاوير المحنة تطول..

غناوي البهجة تملأ الدار وبخضر الأماني تجول..

أماسي الإلفة والغيمات تفجِّر في عمرنا فصول

وتسكب في الدروب ألوان وتفتح في القلب أكوان..

ربيعاً بالولف مأهول ..

وتسلمي يا ندى الأزمان تبشِّري بالمحبة رسول..

(5)

قبل أن يتغنى محمد الأمين بأغنية (خمسَ سنين) في العام 1984م، كان قد استلم نص أغنية (حلم الأماسي) في العام 1978م، حينما كان الدكتور عمر محمود خالد (طالب امتياز) وبعد تخرجه من كلية الطب جامعة الخرطوم، في ذلك الوقت البعيد قبل عام كان النص بحوزة محمد الأمين، ولكن لم يخرجه للناس إلا في مطلع العام 1997م، وتحديداً في اليوم السابع من شهر يناير، حيث تغنى محمد الأمين لأول مرة بأغنية (حلم الأماسي) بعد عشرين عاماً، بالتمام والكمال، قدَّم محمد الأمين الأغنية بمسرح نادي الضباط في ليلة شتائية ذات برد قارس كنت حضوراً فيها، حيث حضرت إليها من مدينة كوستي حينما أخبرني أصدقائي بأن محمد الأمين سيغني أغنية جديدة لأنه قبلها توقف زمناً طويلاً عن إنتاج الأغاني الجديدة، في تلك الليلة اعتلي الدكتور عمر محمد خالد المسرح وصدح بالقصيدة ثم تغنى محمد الأمين بعد ذلك، والأغنية بالفعل كانت جديدة في لحنها وإيقاعها.

جزء نص الأغنية

إنتي مهما تغيبي عني .. لحظة ما بتفوتي مني

عايشة في وساكنة جواي ..في خواطري وفي مشاعري

وفي تسابيحي وغناي ..ذي فرح ماليهو آخر

وشوق سنين لزول مسافر ..راجي الزمن في يوم يجيبو

لديارو ولحبيبو.. والفريق يفرح يغني ..

في عيونك شايلة أكوان .. من أصالة ومن براءة ومن محنة

وعزة تشرب من معزة ..ومن تراثنا ومن أصلنا

ووعد غرقان في نداهو ..وزحمة أطفال جوه جنه

Exit mobile version