مُبادرة أساتذة الجامعات.. مَاذا هُناك؟؟

* ما يجري في الساحة السِّياسيَّة اليوم يَحتاج إلى جُهُودٍ وطنيةٍ خالصةٍ بنية قوية لحفظ البلاد من الضياع والانهيار والحُرُوب، خَاصّةً أنّ تلك السيناريوهات المُخيفة باتت قَابَ قَوسين من أن تحل بالبلاد.. والتّعنُّت الذي تَشهده السّاحة السِّياسيَّة واستمرار وتطاوُل الجِدَال بين الأطراف المُصطرعة يَحتاج إلى العُقلاء والحُكماء ليضعوا أمام الخُصُوم ما يُمكن أن يعدل ميزان التّدافُع لما فيه مصلحة البِلاد والعِباد، خَاصّةً ما يحدث اليوم من تَعَنُّت واستقطابٍ بعد التغيير الذي أطاح بالبشير وأنهى أطول فترة حكم عسكري على البلاد.

* وما هو معلومٌ ليس هناك أحكم وأعقل من أساتذة الجَامعات وخُبراء الأكاديميات الذين أسّسوا حياتهم على العلم، وشادوا فيه الصُّروح التي تُخرِّج كل سنة عشرات الألوف من الشباب المُسلّح بالعلم وبالمعرفة، ولولا جُهُود هذه الجامعات وعلمائها الأجلاء، لما شَادَ السُّودان صَرحاً من صُرُوح العلم، ولما فتحت فيه جامعةٌ أبوابها، ولكن بجُهُدهم وفكرهم أسّست الجامعات والكليات المُختلفة فَصَارت مَنَارات يأتي إليها طُلاب العلم من داخل وخارج السُّودان، وهي – هذه الجامعات – هي الاستثمار الحَقيقي الذي يبني العقول والسَّواعد مَحصلة بناء الوطن المُستقبلية وتنميته ونهضته المُرتجاة.

* كغيري سَمعت بمُبادرة أساتذة الجامعات، التي أدلوا بها في المُعترك السِّياسي، ولكني حسبتها مثلها مثل غيرها من المُبادرات التي قَامت ودَعَا لها أصحابها، وكانت مَحصلتها أن أضافت رقماً جديداً في القائمة.. لكنني غيّرت رأيي وفهمي تجاه هذه المُبادرة بالتحديد، لأنّني وجدت فيها الشفاء العاجل لأدواء وأمراض البلاد، فَضْلاً عن أنّها – مُبادرة أساتذة الجامعات من أجل الوطن – جاءت شاملة في طرحها الذي أحَاط بالمُشكل السُّوداني، وقدّمت في كل زاوية منه بؤرة ضَوء تقود إلى الفلاح والنجاح، مثلما أنّها نبعت من أناسٍ لا تلوين سياسي لهم، فهم خُبراء مُستقلون تركّز اهتمامهم بالبحوث العلمية وتعليم الطلاب الذين هُم عماد هذه الأمة.. وكانت هذه أكبر حجة تجعلهم في الحياد من الأطراف المُصطرعة، فلا هَمّ لهم غير رفعة الوطن واستقراره.

* المُبادرة أكّدت على انحيازها التّام لجانب الثورة السُّودانية وقيمها في تحقيق الحُرية والسّلام والعَدالة، وترحّمت على الشهداء الذين كَانُوا أيقونات في سماء الثورة، وناشدت جميع الأطراف لإعلاء القيم الوطنية وتَغليب المَصلحة العامة، ودَعتهم للتّوافُق على مرحلةٍ انتقاليةٍ تكون مَقبولةً للجميع، ودَعت المُبادرة، الأطراف لتكوين حكومة كفاءات غير حزبية، تكون مُهمّتها إصلاح الدولة والإعداد للانتقال السلمي إلى سُلطة الشعب المدنية عبر انتخابات حُرةٍ ونزيهةٍ يتوافق على قانونها الجميع.. وطالبت المُبادرة بضرورة تمثيل الشباب بنسبة 40% والمرأة بنسبة 30%.

* ارتكزت مُبادرة أساتذة الجامعات من أجل الوطن لعَددٍ من النقاط الجوهرية، أهمها أنّ الثورة قد تحقّقت، وأنّ جميع شعب السودان قد شَارَكَ فيها بشكلٍ أو بآخر، وأنّ الشباب لعبوا دورها الأساسي وضحُّوا بأرواحهم، والتأكيد أنّ القُوّات المُسلّحة والدعم السريع والقوات النظامية الأخرى كان لهم الدّور الحَاسم في نجاح الثورة واقتلاع النظام السّابق وتأمين البلاد، ثُمّ التأكيد على أنّ الفترة الانتقالية هي من أجل التّحوُّل لحكمٍ ديمقراطي مدني ويجب أن لا تكون فترة للخلافات والتجاذُبات.

* ودعت – مُبادرة أساتذة الجامعات من أجل الوطن – لجُملةٍ من المبادئ المُهمّة أهمها تقديم مصلحة الوطن على سَواها، والحفاظ على لحمة الوحدة الوطنيّة كأساسٍ لأيِّ عَملٍ سِياسي، وعَدم المَساس بالهوية الإسلامية والمَوروثات والأعــــــــــراف والتقاليد، وإطلاق الحريات العامة وكفالة حُقُوق التعبير والتّجمُّع والاحتجاج للجميع، والحوار الشامل مع كل مُكوِّنات الشعب السُّوداني السِّياسيَّة والاجتماعيَّة والفئويَّة للوصول إلى اتّفاقٍ بشأن الفترة الانتقالية وآلياتها لضمان الانتقال السَّلمي للسُّلطة المدنية عبر انتخابات، بالإضافة للالتزام بكَافّة الاتفاقيات والمَواثيق المُوقّعة مع المُجتمع الإقليمي والدولي، وتقديم كل المُفسدين الذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب إلى محاكمةٍ عادلةٍ داخل السُّودان واسترداد الحَق العَام والخَاص، وإطلاق سَراح كل المُعتقلين السِّياسيين في فترة النظام السَّابق، وتشكيل لجان العَدالة الانتقالية بكَافّة الولايات، ثُمّ تعويض أهالي شهداء الثورة وجَبر الضرر لكل المُتضرِّرين خلال فترة الثورة وأثناء فض الاعتصام والعصيان المدني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى