Site icon صحيفة الصيحة

عاش حياته بسيطاً وقنوعاً يمتهن النقاشة .. فتحي الضو.. شاعر أغنية شقي ومجنون!!

 

وثق له: سراج الدين مصطفى  22 يوليو 2022م

(1)

يعتبر الفنان الراحل صديق الكحلاوي من مدرسة (الأدائيات) في الأغنية السودانية ككل وليس الحقيبة وحدها، وهي مدرسة غنائية تحتاج لقدرات صوتية عالية و متجاوزة، حيث درج الكحلاوي على كسر الرتابة اللحنية الدائرية بصوته الذي يتحرك بسلالة في كل المناطق الصوتية للنوتة الموسيقية، ومدرسته الصوتية تمتاز بالتطريب العالي وقدرته الفائقة على اختيار أشعار تجاوزت نمط الحقيبة الحسي والمباشرة، فهو في أغنية (ريدة زمان) للشاعر الفريق عمر قدور تخطى المفردة الكلاسيكية مع لحن مزيج ما بين الحقيبة والحداثة وبرع في تصويرها صوتياً وأصبحت الأغنية وكأنها مشهد حقيقي يتماثل أمام المستمع.

(2)

السجل الغنائي للفنان الراحل صديق الكحلاوي حفل بالعديد من الدرر الغنائية مثل كمل صبري / طول الليل / الكروان / يا فرح / زهرة وعبيرها باكي / في ملتقى النيلين / الرشيم الأخضر وأغنيته الشهيرة (شقي ومجنون) .. وهي واحدة من الأغنيات التي وجدت ذيوعاً كبيراً وانتشاراً مذهلاً وتغنى بها عدد كبير من المطربين بغير صديق الكحلاوي، ولعلها مثلت طفرة كبيرة في تجربته الغنائية وجعلت منه وقتها نجماً للحفلات وارتقت به بعيداً في عالم النجومية، وكان الرجل موفقاً جداً في صياغتها اللحنية التي سهلت من تداولها بين الناس، فهي أغنية ذات إيقاع راقص وخفيف وتحتشد بروح وثابة.

(3)

صحيح أن أغنية (شقي ومجنون) حققت شهرة عالية جداً وأصبحت واحدة من درر الغناء في السودان كما يقول الصحفي أحمد عمر خوجلي: حوت مكتبة الغناء السوداني عدداً ليس بالقليل من الروائع والدرر التي تناقلتها – وستتناقلها – الأجيال لسنوات طويلة، وسارت بذكرها الركبان ورددتها وسائل الإعلام وأفواه المغنين في أوقات مختلفة، أغنية الراحل الكحلاوي (شقي ومجنون) إحدى تلك الأغنيات التي حوتها مكتبة الغناء، ونالت ما يشبه الإجماع من مستمعي الغناء، منحت الراحل الكحلاوي حظا وافرا من الشهرة والصيت، ولكن الأغنية بما حققته من ذيوع وانتشار لم تساهم في انتشال الشاعر الأستاذ (فتحي الضو) إلى عالم النجومية والشهرة كحال بعض الأغاني التي ساهمت إسهاماً مباشراً في نقل أصحابها من منطقة الظل والمجهول إلى الشهرة المطلقة.

(4)

التركيبة الاجتماعية البسيطة للشاعر فتحي الضو ساهمت إسهاماً كبيراً في تغييب اسمه فهو كما ذكر  الصحفي أحمد عمر خوجلي في مقدمة مقالة صحفية قصيرة منشورة بجريدة التيار السياسية (الراحل فتحي الضو عاش حياته بسيطاً وقنوعاً يمتهن النقاشة، ويسكن في الحارة 42 في الثورة بأم درمان وظل يداوم على نظم الشعر ونسج الأغنيات حتى تجمع له ديوان هو الآن مخطوطة تنتظر الطبع).

(5)

رغم الملاحقات الصحفية بضرورة الحديث والإفصاح عن شخصيته وتجربته ولكن ظل الرجل على الدوام يرفض مفضلاً أن يعيش في منطقة الظل، مما يجدر ذكر أن الشاعر فتحي الضو من  مواليد حي السيد المكي في 1949م وهو يقول عن نفسه (ارتبطت بالشعر والغناء من وقت طويل وكنت تلميذا للراحل البنا، وكنت قد نظمت شقي ومجنون وتغنى بها الراحل الكحلاوي في برنامج تلفزيوني مخصص لتأبين الشاعر كرومة، ومنها وجدت الاستحسان والانتشار حتى اليوم)، ورفض في لقاء بصحيفة الصحافة سبتمبر الماضي أن يشرح ويكشف عن مناسبتها وملهمتها، مشيراً إلى أنه يريد أن يترك كل مستمع لها أن يعيش معها على هواه.

(6)

ويقول الصحفي أحمد عمر خوجلي (الرحيل الفاجع لصاحب شقي ومجنون  يؤكد أن الأمر صار برهاناً إضافياً على ضيعة المبدعين في هذا البلد وعلى تقاصر مؤسسات الدولة والمجتمع على لعب دورها بالشكل الذي يرضي الضمير الفردي والجمعي، وظل الشاعر الفقيد نسياً منسياً لسنوات طويلة، إلى أن رحل في هدوء برغم أن أيقونته (شقي ومجنون) ظلت لسنوات طويلة قاربت الأربعين تدور بها أشرطة الكاسيت وأسطوانات مكتبة الإذاعة وفلاشات الحافلات والسيارات ومواقع الانترنت وكذلك مكبرات الصوت لدى مناسبات المواطنين صباح كل يوم).

Exit mobile version