Site icon صحيفة الصيحة

من النيل الأزرق إلى كسلا… اشتعال أطراف السودان.. من أيقظ الفتنة؟

كسلا: انتصار تقلاوي   19يوليو2022م
كأنما الشرارة التي أشعلت حريق النيل الأزرق سقطت منها على أرض التاكا تريد حرق جنائنها وسواقيها وإنسانها الذي يأتلف مع كل الأجناس والقبائل, لأن النار تأتي من مستصغر الشرر؛ فإن أحداث النيل الأزرق كأنما أصابت كسلا بالعدوى.
البداية والحكاية
كانت البداية عندما سمحت حكومة ولاية كسلا بوقفة سلمية للهوسا أمام مقر حكومة الولاية تعبيراً وتضامناً مع الأحداث في النيل الأزرق، ولكن سرعان ما تحوَّلت تلك الوقفة السلمية إلى أعمال عنف وحصار وإحراق عربات ومقار حكومية بالكامل. حيث تفجَّرت الأوضاع الأمنية بكسلا صباح أمس الاثنين 18 يوليو، واستيقظت المدينة على موجة من أحداث العنف وتم حصار مباني أمانة الحكومة, وإحراق لدراجات نارية حكومية وتهشيم للسيارات بمباني المحلية، وحرق كامل لمكاتب التعليم ومكاتب الغرفة التجارية وديوان الضرائب مع انسحاب كامل للقوات النظامية, في الأثناء تم إخلاء سوق كسلا وإغلاق البنوك بعد اندلاع احتجاجات بالولاية وانفراد عقد الأمن بالمدينة.
تهدئة الأوضاع
وفي الوقت الذي تواصل فيه لجنة أمن الولاية انعقادها المستمر لتهدئة الأوضاع ومنع التجمعات بقوة القانون وحماية للممتلكات العامة والخاصة, مازال الكر والفر سيد الموقف بكسلا, وسمع شهود عيان دوي الانفجارات والرصاص يعم أرجاء المدينة. وقال: إن القوات النظامية انتشرت بسرعة بالشوارع في محاولة للسيطرة على الأوضاع الأمنية وأطلقت الرصاص بكثافة على بعض شوارع الأحياء لردع المتفلتين الذين يغلقون جسري القاش بصورة كاملة.
التعبير السلمي
سارعت حكومة الولاية باتخاذ إجراءات احترازية منعاً لتصعيد الوضع الأمني بالمدينة، حيث أصدرت لجنة أمن ولاية كسلا في اجتماعها الطارئ أمس، برئاسة والي الولاية المُكلَّف خوجلي حمد عبد الله، عقب الأحداث التي شهدتها المدينة، أمراً بحظر وتقييد التجمهر والمواكب بالطرق والأماكن العامة بأحياء محلية كسلا وأسواقها المختلفة التي يحتمل أن تؤدي إلى الإخلال بالسلامة والطمأنينة العامة. وقال القرار يسري داخل حدود محلية كسلا اعتباراً من يوم أمس، وذلك إلى حين صدور أمر آخر. وحذَّر الأمر كل شخص يخالف القرار الصادر سيعاقب بموجب أحكام القانون الجنائي لسنة 1991م، تعديل 2020م. والي كسلا المُكلَّف ورئيس لجنة أمن الولاية قال لـ(الصيحة): سمحنا لشباب الهوسا بالتعبير السلمي وتوصيل صوتهم، ولكن لم يحافظوا على السلمية, ما أدى إلى انفراط عقد الأمن بتفلت المتظاهرين وحرقهم لدور حكومية.
أعمال عنف
بدورها استنكرت إمارة الهوسا بولاية كسلا الأحداث الدامية وقالت إنها نظمت وقفة احتجاجية أمام مقر حكومة الولاية أمس, وأدان وكيل إمارة الهوسا بولاية كسلا الدكتور عبد المنعم إدريس يعقوب، أحداث القتل والنهب في النيل الأزرق، وقال يعقوب لـ(الصيحة) بأن التعبير والتضامن مع أهل النيل الأزرق خرج من إطار السلمية إلى أعمال العنف والشغب، وناشد أبناء الهوسا للاحتكام لصوت العقل ومنع التفلت وإحراق المقار الحكومية. كذلك حمَّل الحكومة مسؤولية الأحداث التي حصدت ثلاثة وثلاثين قتيلاً ومائة جريح، بالنيل الأزرق، وقال: إن إمارة الهوسا بكسلا نظمت الوقفة الاحتجاجية تضامناً مع أبناء القبيلة في النيل الأزرق.
اعتذار واستنكار
سارعت قيادات الهوسا بتقديم الاعتذار عما بدر من بعض المتفلتين من أبناء القبيلة واستنكر دكتور جلال رابح المتحدث باسم القبيلة العمل التخريبي، وقال: هذا العمل لا يشبهنا, وقال لـ(الصيحة): نحن كقبيلة ضد هذا العمل التخريبي لأنه لا يفيد أهلنا بالدمازين بشئ فهم بحاجة للدم والأكل والشراب واللبس وما محتاجين التعبير بالحرائق وقفل الكباري وإعاقة الناس. بيد أنه قال: هناك متربصين ودخلاء، وأضاف: للأسف الناس تعتقد أن ما يحدث بمباركة منا كقيادات هوسا، ولكن الحدث من متفلتين من أبنائنا. وتابع: نحن كقيادات هوسا نعتذر لشعب كسلا عما بدر من أبنائنا- على حد تعبيره.
عن قرب
(الصيحة) كانت حاضرة عن قرب وسط ضجيج أصوات الرصاص وصلت حتى جسري القاش الذي مازال مغلقاً أمام المارة من الضفتين, ما دفع المواطنين لقطع الكبري سباحة على نهر القاش, كذلك وقفت الصحيفة على مشرحة كسلا، حيث لم يتم حتى الآن تسليم القتلى لذويهم المتجمهرين أمام المشرحة.
هيبة القانون
وتأسف مصدر رفيع بشرطة كسلا لأحداث الشغب التي صاحبت الوقفة الاحتجاجية أمام أمانة الحكومة, وأكد المسؤول الرفيع الذي فضَّل حجب اسمه لحساسيته لـ(الصيحة) انتشار القوات النظامية بالولاية خصوصاً المرافق الحكومية لحمايتها, بعد الدمار الذي طال بعض منها, وأضاف: فرضنا منع التجمهر والتجمعات بالولاية لحفظ الأمن وفرض هيبة القانون ولردع المتفلتين. من جانبه قال الإعلامي مصعب الإمام، وهو يعمل مراسل لقناة “الحوش” وهو من شباب الهوسا المحتجين لـ(الصيحة): إن شباب من الهوسا خرج مستنكراً للأحداث التي دارت بالنيل الأزرق رافعين شعارات ولافتات تدين أحداث النيل الأزرق، ولكن عندما تم إغلاق جسري القاش من قبل شباب الهوسا تعبيراً لرفضهم وتضامنهم مع إخوانهم بالنيل الأزرق، في تلك اللحظة وفي خضم الاحتجاجات والوقفة انحرفت عن سلميتها حيث داهمت القوات النظامية المحتجين وقاموا بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع ما أثار غضب المحتجين. الذين تدافعوا لداخل أمانة الحكومة، التي تقع على مقربة من جسري القاش وقاموا بإحراق أمانة الولاية وتكسير وتهشيم الزجاج تعبيراً عن غضبهم واندفع بعضهم داخل سوق كسلا ومحلية كسلا وإدارة البترول, وعبَّر مصعب عن أسفه للأحداث التي صاحبت الاحتجاجات والتي عملت على تدمير الدور الحكومية واعتبر ذلك أمراً مؤسفاً.
معول للبناء
سبق وأن دعا والي كسلا في كلمته بمناسبة العيد إلى ضرورة نبذ الفرقة والشتات والاحتراب من أجل وحدة السودان والعمل على بناء سودان الغد الذي ترفرف فيه رايات العدالة الاجتماعية وأن يكون الناس فيه سواسية أمام القانون وتكون القبيلة معولاً للبناء وحسن إدارة التنوع حتى تكون مصدر قوة وليس ضعفاً. ولكن لم تعبر الكلمات أسماع الحاضرين حتى كانت أحداث الأمس.

Exit mobile version