ما بعد المليونية..!!

أثبتت قوى الحرية والتغيير بعد مليونية 30 يونيو قدرتها على الإمساك بمفاتيح الشارع، ونجحت في استمالة الشباب خاصة من هم دون الأربعين عاماً في الوقوف معها والاستجابة لندائها لثقة القواعد في هذا التحالف العريض، وقاد اثنان من شباب الحرية والتغيير الاحتجاجات من الشارع “عمر الدقير ود. محمد ناجي الأصم” والاعتراف بجهد قوى الحرية والتغيير وثقة المواطنين فيها لا يعني تغيّر قناعتنا بضرورة أن يظل المجلس العسكري ضامناً وحارساً لتجربة الانتقال التي تشهدها البلاد حالياً, وبعد أن أثبتت قوى الحرية والتغيير أن رصيدها في بنك الجماهير لم ينفد بعد، ويدعم موقفها التفاوضي مع المجلس العسكري لإعلان الحكومة المدنية التي طال انتظارها وبدأت آثار غيابها تنخر عميقاً في جسد الدولة، فإن قوى الحرية إن قدمت تنازلات الآن وهي في وضع أفضل داخلياً وخارجياً من ذي قبل، فإنها تكسب ثقة المجلس العسكري وتكسب ثقة القوى السياسية الأخرى التي تقف في خط الانتظار..

مليونية الأحد نجحت لأنها بدأت سلمية ولم تشهد أعمال عنف وإغلاقاً للشوارع من قبل المتظاهرين، حتى دخلت بعض العناصر “المخربة”، ووجه تجمع المهنيين عبر وسائل الإعلام الخارجية الحشود الجماهيرية التي جابت شوارع أحياء أم درمان والخرطوم، ورددت هتافاتها وقالت كلمتها وتحلت القوات النظامية من جيش ودعم سريع وجهاز أمن وشرطة بيقظة ووعي واحترام لحق الشباب في التظاهر والاحتجاج.. ولكن تجمع المهنيين “انحرف” بمسار التظاهرة المليونية وسعى لاستثمارها بتوجيه المتظاهرين للتوجه نحو القصر الجمهوري “لإحراج” المجلس العسكري ودفعه مرغماً للتصدي للمتظاهرين بحثاً عن قطرة دم واحدة يتخذها تجمع المهنيين “مطية الحزب الشيوعي” خيطاً لجر البلاد للعنف والدماء.. وصدقت رؤية القائد حميدتي بأن هناك “مندسين” في التظاهرات يستهدفون القوات النظامية ويصطادونها بالرصاص لإثارتها ودفعها للدفاع عن نفسها.. وسالت دماء الدعم السريع في أم درمان قبل دماء المواطنين المتظاهرين، ولكن الحكمة واليقظة حالت دون وقوع مزيد من الضحايا..

انفضت مظاهرة ثلاثين يونيو وأمام نخبة قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري مسؤوليات كبيرة ومهام ينبغي إنجازها بأعجل ما تيسر، أولها العودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة.. والإصغاء لمبادرات الداخل من “الخيرين” والقوى السياسية الحادبة على مصالح البلاد وتقديم التنازلات المتبادلة الآن قبل أن “يفرض” على السودانيين “حلولاً” من غير إرادتهم.. والقوي هو من يقدم على مصافحة الآخر المختلف معه في لحظات القوة لا الضعف، وإذا كانت قوى الحرية قد نجحت في مليونية 30 يونيو فإنها بالطبع لن تضمن المستقبل “المتقلب”، وقد تخسر ما حصدته من قواعد في لحظة شرود ذهني وسوء تقدير.. والمجلس العسكري لا ينبغي له الانتظار أكثر بعد أن تقدم نحو الحركات المسلحة ولكنه فجأة أبطأ الخطى وعاد للتفاوض مع شريكه الذي لا بديل له في الوقت الراهن أي قوى الحرية والتغيير..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى