Site icon صحيفة الصيحة

أحاديث في أحوال الناس ومعاشهم (2) !!

* بالأمس ذكرنا الأسباب والحقائق التي كانت أس انهيار الاقتصاد السوداني، وتراجع العملة الوطنية (الجنيه) أمام العملات الأجنبية، في السنوات الأخيرة من حكم الإنقاذ الذي (سقط) بسبب أنه لم يكن يملك رؤية للحل الاقتصادي، برغم أنه ذات النظام الذي عاش سنوات الانتعاش الاقتصادي وتوفر تدفقات العملات الأجنبية، فضلاً عن أنه ذات النظام الذي يملك من الكوادر والكفاءات ما يتفوق به على الجميع.. ولكنها أقدار الله أن يأتي (النقص) من القادرين على التمام.

* سقطت الإنقاذ في الحادي عشر من أبريل المنصرم، وتلقى النظام الذي خلفها بعض الإعانات المالية والمساعدات في مجالات النفط والقمح والدواء من بعض الدول الصديقة، لكن بسبب (تكلس) الدولة في مربع الحوار بين المجلس العسكري ومجموعة الحرية والتغيير أضحت كل المشكلات (مؤجلة) الحلول، وبقيت الأزمات الاقتصادية في مكانها تلهب ظهر المواطن بسياط غلاظ، بل كانت قابلة للتفاقم.. وأدى تصدع حوائط الحوار بين الأطراف إلى تعنت في المواقف، وتوهان في كنتور الخارطة السياسية.

* وهذا الذي يحدث يشهد عليه المواطن بمعاناته اليومية في توفير سبل العيش الكريم له ولأسرته، وقد اعترف به قادة المجلس العسكري أنفسهم عندما قالوا إن الحوار وتراجعه، وتطاوله مع قوى الحرية والتغيير شغلهم وصرفهم عن الاهتمام بمعاش الناس وأوضاعهم الحياتية، فحدثت زيادات كبيرة في الأسعار، بسبب عدم الرقابة على (جشع) التجار، إضافة إلى غياب الجهاز التنفيذي، الذي صار رهناً بخطوات التفاوض، وتعنت الأطراف.

* الأزمات الماثلة اليوم في الاقتصاد، والتي انكوى بها المواطن البسيط، تحتاج إلى الإسراع الفوري في تشكيل حكومة رشيقة تقوم على الكفاءات الوطنية، لتضطلع بأعباء الخدمات ومتابعة معاش الناس وضروراتهم التي لا تنتهي.. وطالما أن البلاد في حالة (الفراغ) الراهنة في جهازها التنفيذي، فلا ينتظر المواطن سوى المزيد من الضغوط الاقتصادية التي ستنعكس آثارها عليه وعلى أسرته.. وكلما أسرعت الجهتان اللتان ارتهن إليهما واقع التدافع السياسي (المجلس العسكري والحرية والتغيير) أسرعا في الوصول لنهايات للتفاوض ومن ثم الاتفاق والتوافق فإن حال المواطن موعود بالانفراج، ولا نقول انفراجاً وشيكاً بسبب تعقيدات المشكل الاقتصادي وتشابكه لثلاثين عاماً، لكن طالما توفرت الإرادة والقدرة على ابتكار الحلول فإن الواقع المزري للمواطن السوداني سيتحول إلى رفاه وإلى تنمية وإلى نهضة، فالبلاد بكر بمواردها، وتحتاج فقط للعقول والسواعد والإرادة للعمل والانطلاق.

* الناظر اليوم إلى تفاصيل الواقع الاقتصادي وتقاطعاته، يجد ذات الأزمات والمشكلات التي تسببت في سقوط نظام تلبشير، يجدها ماثلة للعيان، بل بعضها في حالة نمو وتفاقم.. ومنها على سبيل المثال لا الحصر نجد أزمة السيولة التي فرضت (سعرين) في الأسواق لكافة السلع، بما فيها الدولار الذي صار (سلعة) بدل أن يكون عملة لها حساباتها.. والبلاد تتجه لإطلاق الورقة النقدية فئة (الألف) جنيه لا تلوح في الأفق بوادر انفراج لأزمة الثقة بين البنوك التجارية وعملائها، فلا زالت (الكتلة النقدية) الأضخم خارج البنوك، حيث الخزن الخاصة والبيوت برغم ما ينطوي على هذا السلوك من مخاطر .. إضافة إلى الأزمات (المرشحة) في الوقود والخبز والدواء، وهي أساسيات الحياة لأي انسان.. ما يدفعنا للقول إن المشهد العام من كل زواياه يفرض على الجميع الإسراع في تسمية حكومة انتقالية تقوم بالمهام العالقة التي من أجلها قامت الثورة.

Exit mobile version