رئيس المجلس العسكري: لن نقبل مبادرة تُعرّض البلاد لمخاطر

البرهان: قوش غادر السودان دون موافقة المجلس العسكري

الخرطوم: الصيحة

في أول لقاء له مع رؤساء تحرير الصحف وقادة الأجهزة الإعلامية أمس، كشف رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، تفاصيل جديدة حول الأيام الأخيرة للنظام السابق، والتغيير الذي تم في البلاد، بجانب مواقف المجلس من مجريات ومتغيرات الساحة السودانية، وكشف لاول مرة أن مدير جهاز الأمن السابق الفريق أول صلاح عبد الله (قوش) غادر السودان دون موافقة المجلس العسكري.

وأكد البرهان، أن التغيير الذي حدث بالبلاد تم بأدوار أساسية قامت بها القوات المسلحة، وقال إنه لولا القوات المسلحة والدور الذي لعبته لما تم التغيير. وكشف أنه عندما بدأ الحراك في ديسمبر الماضي طرحوا على الرئيس السابق عمر البشير أن يكون للقوات المسلحة رأي ودور في الحراك الذي بدأ، وقدموا له رؤية شاملة، حذّروا فيها من المآلات والمهاوي الخطيرة التي تمر بها البلاد، وطالبوه بالخروج من حزب المؤتمر الوطني وعدم الترشّح لانتخابات 2020م، وحل جميع الأحزاب السياسية بما فيها الوطني، بجانب معالجة كافة الأوضاع والمسببات التي أدت لخروج المواطنين، وأشار إلى أن الرؤية حملها للبشير وزير الدفاع السابق الفريق أول ركن عوض بن عوف، لكن خطاب البشير في 22 فبراير ورده كان مختلفاً.

وأوضح البرهان أن القوات المسلحة بدأت بالتفكير في التغيير منذ 22 فبراير، وقال إنهم ناقشوا هذا التغيير عدة مرات، وكانوا يعملون عليه، تلبية لرغبة الشعب، وأضاف بأنهم كانوا يرون أن الناس لم يخرجوا لأسباب اقتصادية وإنما طلباً للحرية السياسية، وتابع بأنه تمت عدة مناقشات بصراحة داخل القوات المسلحة ــ رغم اختلافات وجهات النظر. وزاد “عندما انحزنا للمواطنين كان واضحاً أنهم لا يمثلون حزباً أو مجموعة محددة”.

وقال البرهان إنه بعد التغيير وتسلّم المجلس العسكري للمهام جاءتهم مجموعة من (7- 8) أشخاص قالوا إنهم يمثلون “قوى إعلان الحرية والتغيير” وأنهم شركاء وسنظل مع بعضنا البعض، ولم تكن هنالك جهة سياسية ظاهرة ولها علاقة بالاعتصام والحراك في الشارع غيرهم. وأضاف “التزمنا معهم بمبدأ الشراكة وتوالت اجتماعاتنا في بيوتهم وبيوتنا ومكاتبنا واتفقنا على التشاور وشراكة بالتراضي والاتفاق قبل الحديث عن النسب والمحاصصة”. لكنه أشار إلى أنه في الجلسات الرسمية الأولى مع “الحرية والتغيير” ظهرت المطامع الحزبية والواجهات السياسية والحديث عن المكاسب “وكل زول عايز يكسب لصالحو”، فظهرت الخلافات.

وأكد البرهان أن الخلافات مع “الحرية والتغيير” ليست كبيرة، لكن طول فترة التفاوض جعلت القوى السياسية الأخرى تظهر وأصحاب الأغراض والأهداف والمصالح، وبدأت تظهر على السطح حشود القوى السابقة خاصة المؤتمر الوطني، وبدأ الحديث عن التشكيك في المواقف ومنطق المحاصصة “وهو منطق غير سليم ومُضر بالوطن”.

خلافات ومحاصصة

ونوه البرهان، إلى أنه بعد حدوث الخلافات والمحاصصة والنسب، بدأت تظهر مبادرات كثيرة في الساحة، وطرحت العديد من الآراء والأفكار، وكان أمام الشعب السوداني أيضاً الكثير من الأطروحات الإعلامية السالبة، وظهرت لغة جديدة وألفاظ دخيلة على الشعب السوداني، وامتلأت “السوشيال ميديا” بالتخوين والسباب واللغة البذيئة، وفقدت الساحة التماسك المطلوب، وقال: “من هنا يجب أن يكون دور الصحافة رائداً وذات رأي وطني حقيقي تعبّر عنه”. وأضاف أنه يجب على الصحافة ترشيد الممارسة السياسية الموجودة، وتصويب اتجاه الناس من أجل الحرية والسلام والعدالة، وتقود الرأي العام حتى لا تتكرر تجارب الحكم السابقة في السودان، وتساءل “لماذا تكون هناك انقلابات وتفشل الأنظمة الحزبية الديمقراطية؟”. وأكد أهمية طرح فهم جديد يًعبر عن التطلّعات الجديدة للشباب والمجتمع، ودعا لتجنب السير على الطريق القديم، وقال إنه يجب أن يكون هنالك جديد.

وعاب البرهان، على “الحرية والتغيير” أنهم يتحدثون بلغة مع المجلس العسكري، ويقولون حديثاً آخر عندما “يجلسوا مع ناسهم”، وقال إن هناك من يخاف من قول الحقيقة ومن يفضل المصالح الشخصية والحزبية على الدفاع عن الوطن وحفظ أمنه واستقراره.

وحول حادثة فض الاعتصام، أكد البرهان أن هدفهم كان فقط تصفية منطقة “كولمبيا”، وأشار إلى أنهم دعوا “الحرية والتغيير” أكثر من مرة لاجتماع. وقال “نحن نعلم ما حدث وهنالك لجنة تحقيق ولجنة داخل المؤسسة العسكرية، لن نستبق الأحداث، وكل شيء يُترك إلى حين فراغ لجنة التحقيق وإعلانها لما حدث”. وأضاف أنهم جاهزون كمجلس عسكري إذا ارتكبوا أي جريمة قتل أو قتلوا مواطناً أن يحاكموا ويقطعوا وكله يهون لأجل الوطن- ومهمة القوات المسلحة حماية المواطنين.

وحدة وجدانية

واستغرب البرهان، القول بأن المجلس العسكري فض الاعتصام وقتل الناس، وقال “لو كنا دايرين نفضوا كان فضيناهو من اليوم الأول”. وأضاف أن النظام السابق طالبهم بفضه لكنهم لم يفعلوا. وأشار إلى أن نجليه كانا في الاعتصام، بجانب عدد كبير من أبناء أهله وزملائه، واعتبر أن الاعتصام كانت فيه وحدة وجدانية للشعب السوداني، وقال إنهم كانوا يريدون تركه رغم الممارسات السالبة والمعلومات التي كانت لديهم، والكثير من الأشياء، لكن الأمر متروك للجنة التحقيق. ونبه إلى أن القوات المسلحة ظلت تدافع عن السودان، فكيف تقتل شعبها، وأضاف “نحن مع لجنة تحقيق وطنية شفافة”، وأكد أن كل المعلومات والتفاصيل الدقيقة والأرقام الحقيقية موجودة، وكشف عن مقتل (14) من القوات الأمنية- (8) من الدعم السريع- (4) من القوات المسلحة و(2) من الشرطة وتم التمثيل بجثثهم في منطقة “كولمبيا”.

وقال البرهان، إنهم يعلمون ماذا سيحدث بالبلاد إذا رفعت القوات المسلحة يدها عن الأمور، ويعلمون الأوضاع الداخلية جيداً، ويعلمون كل شيء عن الحركات المسلحة والأحزاب ومن هم بالخارج، ويدركون نوايا كل الأطراف.

وشدد البرهان، على أن البنية الأمنية ليست رخوة، لكنها حذرة، ولذلك يعملون بحذر وهدوء لأن التحديات كبيرة.

وأكد البرهان، أن لديهم حوارات مع الأطراف المختلفة، بهدف قيام فترة انتقالية تأسيسية لمستقبل أفضل للسودان، وبنائه بناء جديداً قائماً على أسس سليمة.

تسلم المسؤولية

وقال البرهان، إنهم عندما تسلموا المسؤولية لم يكن في حساباتهم إقامة حكومة مع “قوى الحرية والتغيير”، وإنما كانوا يريدون أن يفعلوا كما فعل “سوار الذهب” بتكوين حكومة كفاءات توفر احتياجات الناس من السلع والوقود وغيرها والترتيب لقيام انتخابات. ولم يكونوا يريدون تغييراً أو تشريعات جديدة أو تصفية الخدمة المدنية أو القيام بتغييرات مفصلية هيكلية، وإنما حفظ البلاد حتى قيام الانتخابات وترك كل شيء للحكومة المنتخبة. ولم يكن هناك حديث عن المجلس التشريعي حتى لا تنزلق البلاد في أمور تشريعية تدخلها في إشكاليات تتناقض مع الفترة الانتقالية. ونوه إلى أن تجارب الدول من حولنا هي أن تقوم مجالس تمثيلية تشريعية مهمتها مراقبة الأداء التنفيذي، وكل تشريع متروك للمجالس التشريعية المنتخبة، وأوضح أنهم في التفاوض مع “الحرية والتغيير” حول التشريعي حددوا اختصاصات المجلس ومهامه.

وأعلن البرهان، أنهم لم يناقشوا المبادرة الإفريقية حتى الآن، وقال إنها لم تشر إلى المجلس التشريعي- حسب علمهم. وأوضح أنهم اتفقوا مع “الحرية والتغيير” على الشراكة وقيام حكومة كفاءات وطنية، وكان هناك نقاش حول ما إذا كان هناك شخص سوداني غير مُسيّس، وتم الاتفاق أن يكون الانتماء غير صارخ. واعتبر أنها كانت شراكة قائمة على أسس واضحة هي وضع أسس سليمة وبناء السودان وتنميته.

مساعدة الأطراف

وقال البرهان، إن رئيس الوزراء الإثيوبي عندما جاء لم يطرح مبادرة ولم يقل إنها وساطة، وإنما جاء ليجلس مع الأطراف ويفهم ما يحدث، ويحاول مساعدة الأطراف على تقريب وجهات النظر. وأضاف “لن نقبل بأي مبادرة تعرّض البلاد لمخاطر أو تهدّد أمنها ووحدتها أو تنتقص من سيادتها”. وتابع “بكل هذا نأمل أن نصل لاتفاق”. وشدّد على أنه ليست لديهم رغبة في الاستمرار، وزاد “إذا اتفق السودانيون اليوم على تكوين حكومة سنسلم السلطة اليوم”. وأكد أنهم كمجلس ليس لديهم من يترشح في الانتخابات، وأي شخص يعمل في الفترة الانتقالية لا يعمل بعدها. واعتبر أن الانتخابات هي الحل الوحيد للأزمة الحالية. وأعلن أنهم سيدرسون المبادرة الإفريقية، وعبر عن أمله في التوصل لاتفاق يُنهي الحالة الراهنة.

وأكد البرهان، متابعتهم لفوضى الأسواق وارتفاع الأسعار، والتلاعب في الدقيق وبقية السلع وتهريب الوقود، وأرجعه للجشع والطمع. وشدّد على توافر كميات كافية من الدقيق والوقود والغاز، وقال “نعمل لتوظيف أمثل للموارد ولن نفرط في حقوق المواطن في المجال الاقتصادي”.

وكشف البرهان، أن رموز النظام السابق سيقدمون لمحاكمة وتفتح البلاغات في التهم، ومن لم تثبت عليه تهمة أو بلاغ يطلق سراحه والأمر بيد النيابة والأجهزة التي توجه التهم. وأعلن أنه تم عزل النائب العام السابق لأنه تباطأ في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المعتقلين وأرجأ توجيه التهم، ولما وجدوا أن طريقته تعوق العدلة تمت اقالته.

قوات منضبطة

وأشاد البرهان بقوات الدعم السريع، وقال إنها قوات منضبطة، وقامت بدور وطني كبير في حقن الدماء وحفظ الأمن، وأشار إلى أنها تعرضت لإساءات وافتراءات وأكاذيب، واعتبر أن الهجوم عليها ظالم.

وثمن البرهان، مواقف بعض القوى الوطنية، وأشاد بتحركات اللجنة العليا للسلام بقيادة نائب رئيس المجلس العسكري، وقال إنها حققت اختراقات كبيرة مع حركتي مناوي والعدل والمساواة، وأشار إلى اتصالات مع الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، وأكد أنه سيتم اتفاق ويتحقق السلام “والأمور ماشة”، وأشاد بأدوار وجهود الرئيس التشادي إدريس ديبي ورئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت في ملف السلام بالسودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى