رئيس المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان لـ(الصيحة): رمي الحجارة لا يُصنَّف تظاهر سلمي ولا مبرِّر لاستخدام الرصاص

 

أجرت الحوار: مريم أبَّشر     14 يونيو2022م

يعقد مجلس حقوق الإنسان يوم غدٍ الأربعاء، اجتماعاً بمقره بجنيف ينظر فيه ضمن ملفات دول أخرى حالة حقوق الإنسان في السودان على ضوء التقارير الميدانية التي أعدها الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان، أداما دينانغ، الذي سجَّل زيارتين للسودان آخرها قبل أيام قبائل تعرَّف خلالهما على الأوضاع الإنسانية .

تنعقد اجتماعات مجلس حقوق الإنسان وسط مخاوف بتراجع تصنيف السودان في أعقاب انتهاكات وحالات عنف وقتل  حدثت خلال الفترة الانتقالية وازدادت حدتها بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر.

(الصيحة) التقت بالدكتور رفعت ميرغني عباس الأمين، رئيس مفوَّضية حقوق الإنسان بالسودان قبيل انطلاقة أعمال المجلس ونقلت إليه جملة من الاستفسارات والمخاوف المطروحة على الساحة السياسية والتوقعات المرجوَّة من  الاجتماع، فضلاً عن العلاقة بين المفوَّضية والمكتب القطري وتقييمه  للعنف المستخدم في التظاهرات وغيرها من القضايا الملحَّة في الساحة السياسية    والمرتبطة بحقوق الإنسان في السودان.

*****

يعقد مجلس حقوق الإنسان يوم غدٍ الأربعاء، جلسة بمقره بجنيف قيل إنها خاصة بالسودان في ظل مخاوف أن هنالك تراجعاً كبيراً في حالة حقوق الإنسان في السودان، ماهي توقعاتكم؟

بالنسبة لاجتماع يوم 15 هو ليس اجتماعاً مخصصاً للسودان، بل هو جلسة ضمن دورات مجلس حقوق الإنسان العادية رقم (50)، وهي جلسات تستعرض وتناقش جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان وبنوده العشرة، سيستعرض السودان من خلال بندين في هذه الدورة ضمن البند الثاني في التقرير السنوي للمفوَّضية السامية لحقوق الإنسان، وغالباً سيتم التركيز على المعلومات الواردة من المكتب المشترك ومن الخبير المستقل، كما سيناقش ضمن البند السادس، للاطلاع والتفاعل مع رد السودان على التوصيات المقدَّمة ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل.

وهل الجلسات مغلقة أم مفتوحة وهل متاح للسودان المشاركة؟

الجلسات جميعها مفتوحة، ويمكن حضورها سواءً من داخل القاعة أو من خلال موقع الأمم المتحدة الإلكتروني،

وبالطبع سيتاح للسودان التفاعل مع المعلومات الواردة في التقرير، كما يتاح للمنظمات غير الحكومية الحاصلة على الصفة الاستشارية إمكانية تقديم مداخلات.

 

ماذا بشأن التراجع في حالة حقوق الإنسان في أعقاب العنف المفرط الذي يمارس ضد الثوار؟

نعم، السودان يواجه تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان منذ بداية الفترة الانتقالية بصفة عامة وفي الفترة الأخيرة بصفة خاصة، هذه التحديات حدث تقدُّم في بعضها، ومن ذلك رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية قانون الطوارئ، ونتطلَّع لمعالجة التحديات المرتبطة بالحق في التجمع السلمي واحترام وحماية هذا الحق، كما نتطلَّع للإعلان عن نتائج لجان التحقيق المستقلة بشأن أحداث العنف التي شهدتها بعض المظاهرات.

أعتقد أن حدوث تقدُّم في بقية الملفات ليس أمراً صعباً، فقط يتطلَّب المزيد من تضافر الجهود، ويتطلَّب المضي قُدُماً في الحوار من أجل توافق وطني حول التحديات التي تواجه السودان بشكل عام وحول التحديات التي تواجه حقوق الإنسان بشكل خاص.

على من تقع المسؤولية برأيك؟

 

نعم، يقع على عاتق الدولة مسؤولية احترام وإعمال وحماية حقوق الإنسان، ولكن هذا لا ينفي أن الإشكاليات الحالية بما فيها المتعلقة بحقوق الإنسان تتطلَّب بذل الجهود من جميع أصحاب المصلحة الوطنيين الحكوميين وغير الحكوميين.

 

ماهو دور المفوَّضية في إطار ترقية حقوق الإنسان السودان؟

المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان تستعد للتفاعل مع البند السادس من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان وهو البند الخاص بآلية الاستعراض الدوري الشامل، ونرى أهمية هذا البند في أنه يسهم في تطوير حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال تشجيع الدولة على الوفاء بالتزاماتها الطوعية من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية من خلال تشجيعنا لأصحاب المصلحة الآخرين “المجتمع المدني” على مراقبة الأداء فيما يتعلق بتنفيذ هذه التوصيات على أرض الواقع، ومن ناحية ثالثة نسعى دائماً، لأن تكون هنالك استراتيجية وطنية وخطط عمل لتنفيذ جميع توصيات الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

 ولكن سعادة المفوَّض هنالك مخاوف حقيقية بشأن أوضاع حقوق الإنسان، أن السودان ربما يحال للبند السابع؟

أعتقد الآن توجد مبشِّرات في مجال حقوق الإنسان، منها رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، وأيضاً تمكين عدد من المتهمين من الحق في المحاكمة العادلة، وكما قلت لك يواجهنا تحدٍ كبير هو كيفية إعمال وحماية الحق في التجمع السلمي، وهو أمر يتطلَّب ترتيبات تشترك فيها الحكومة من ناحية ويشترك فيها -أيضاً- قادة التظاهرات من ناحية ثانية، بمعنى أنه لا يوجد مبرِّر على الإطلاق لاستخدام الرصاص الحي، وحتى في حالة تأكد أن هذا الرصاص الحي تستخدمه جهات غير نظامية أو ما يصطلح عليه بالطرف الثالث فإن الدولة عليها واجب حماية الناس من هذا الطرف الثالث.

يجب أن يحدث تقدُّماً في ملفات التحقيق ويجب أن يُقدَّم الأشخاص المتورطين في العنف للمحاكمة العادلة. ومن ناحية ثانية يجب أن يفهم الشباب أن التظاهر السلمي يعني احترام حقوق الآخرين، بمعنى إغلاق الطريق أمر يتعارض مع حق الناس في حرية التنقل، رمي الحجارة وغيرها من الأشياء الأخرى لا يمكن أن تُصنَّف على أنها عمل سلمي. هنالك مجهود مطلوب من جميع الأطراف.

 

الخبير المستقل المعيَّن لمراقبة حقوق الإنسان في السودان زار السودان مرتين لكنه لم يزر المفوَّضية لماذا؟

فيما يتعلق بزيارتيّ الخبير المستقل، نحن في المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان رحَّبنا بالزيارتين ورحَّبنا بتفاعل الدولة مع هاتين الزيارتين بما في ذلك تمكينه من القيام بمهمته بحرية وبدون أية قيود.

كانوا قد حدَّدوا لنا وقتاً قصيراً في الزيارة الأولى على أن يكون اللقاء بالمكتب القطري، كانت الحجة وقتها ضيق الوقت وصعوبة حركته خارج المكتب القطري نظراً لضيق الوقت، اعتذرنا عن اللقاء انطلاقاً من أن المكان الأمثل للزيارة هو مبنى المفوَّضية، وفي المرة الثانية تم الاتفاق على أن يكون اللقاء بالمفوَّضية ولكن حدث تغيير من طرف المكتب القطري في آخر لحظة، اعتذرنا -أيضاً- لذات السبب، ونؤكد حرصنا على مقابلة أي مسؤول أممي بمقر المفوَّضية، ونعتقد أن زيارة مكان المؤسسة الوطنية بحد ذاته مهم من ناحية الوقوف على التفاصيل وإمكانية الوصول للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن أنه لا يوجد مبرِّر لمقابلته في مكان خارج مقرَّنا.

 

علاقة المفوَّضية بالمكتب القطري يبدو أن العلاقة غير جيِّدة، كيف ترى ذلك؟

 

وفيما يتعلَّق بالعلاقة مع المكتب القطري فقد أكَّدنا مراراً بأننا أشد حرصاً على تفاعل السودان مع الآليات والمؤسسات الدولية، وبأننا من أكثر المدافعين عن وجود مؤسسات أممية للمساعدة في مهام الانتقال وعلى رأسها تعزيز القدرات، في الواقع ظللنا نرصد تدخلات غير إيجابية من المكتب القطري، بداية من مشروع قانون المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان ومروراً بإحجام المكتب القطري عن التعاون مع المفوَّضية في مسألة تعزيز القدرات، ثم اتخاذه لموقف عجيب مفاده أن المنظمات غير الحكومية لديها انتقادات تجاه المفوَّضية، وهي حجة مضحكة في الواقع، ففي جميع دول المنطقة توجد منظمات غير حكومية تنتقد المؤسسات الوطنية، وفي السودان على وجه التحديد لدينا إشكالية متمثلة في غياب المسافة بين الفضاء السياسي وفضاء المجتمع المدني، نحن الدولة الوحيدة التي تجاهر فيها منظمات غير حكومية بمواقف سياسية، والغريب أن المكتب القطري يتماهى مع هذه المواقف السياسية.

نحن أكثر حرصاً على التعاون مع المكتب القطري والمكتب المشترك، فقط نريد تفاعلاً يحترم مؤسستنا ويحترم سيادتنا الوطنية، ونحن بكل تأكيد نعلم أهمية التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان ونحرص عليه، بقدر إدراكنا لأن هذه المؤسسات الدولية التي يفترض أن تتعاون معنا لا ينبغي لها أن تسعى للقيام بدور المؤسسات الوطنية، ولا ينبغي لها أن تمسك قلماً وتمنح الاعتراف أو تسحبه وفقاً لمعايير غير قانونية، ووفقاً لوشايات أو لمواقف سياسية.

تابعنا تقرير المفوَّضة السامية لحقوق الإنسان المقدَّم للدورة (50) ضمن البند الثاني من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، وبخاصة الفقرة (65) التي تتحدَّث فيها عن المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية المتصلة بعدم حل لجنة المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان وهو ما يعني أن الدولة احترمت مبادئ باريس، إلا أنها تتبنى مواقف لم تتحقق من مصداقيتها ولم نسأل بشأنها، وفضلاً عن ذلك يتبنى التقرير ما سمي بانتقاد المجتمع المدني للمفوَّضية، نحن سألناهم مراراً وتكراراً عن معايير انتقاء المجتمع المدني، وعن مبرِّر تبنيهم لمواقف منظمات قليلة باعتبارها ممثلة لـ(5000) منظمة مجتمع مدني، موجودة في السودان.

هل منظمتان أو ثلاثة يمكن أن نعتبر مواقفهم معبِّرة عن كل المجتمع المدني؟ مع كامل احترامنا لجميع المنظمات ولجميع المواقف إلا أن المكتب القطري لم يكن منصفاً في التعامل معنا ويمكن أن أذكر مواقف عديدة تؤكد هذه الفرضية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى