لم (ينبس ببنت شفة).. المكوِّن العسكري وعقب لقاءه (قحت)..”إن في الصمت كلام”

 

 

الخرطوم: صلاح مختار     13  يونيو 2022م

لا يبدو أن قيادات الحرية والتغيير تؤمن  بـ(استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)، خاصة إذا كان الأمر متعلق بحوار رفع بشأنها اللاءات الثلاثة (لا حوار, لا تفاوض, لا شراكة)، أمام المكوِّن العسكري، ولكن من باب سد الذرائع يمكن أن يفهم سبب التناول الإعلامي للحرية والتغيير بلقائها مع المكوِّن العسكري، ولأن السياسة تعرف بفن الممكن لا ثوابت فيها، فإن التعامل مع القضايا السياسية يقتضي كما يراه البعض كثيراً من الحكمة والخبرة والدراية في تناولها أمام الرأي العام.

الهواء الساخن

ربما نظر البعض إلى جلوس الحرية والتغيير مع المكوِّن العسكري وإخراج الهواء الساخن بشيء من الغضب والتشنج والخروج عن الاتزان، ولكن البعض الآخر يرى أنه اختراق مهم للأزمة السياسية وتحوُّل إلى مربع الحوار وضربة قوية في مرمى التحوُّل السياسي المسدود.

الطرف الآخر المكوِّن العسكري بعد لقائه أعضاء من الحرية والتغيير والذي رتبته أمريكا والسعودية ظل صامتاً لم يدل بأي إيضاحات بشأن لقاءاته مع الحرية والتغيير رغم أن الرأي العام كان يترقب أن يقول بشأنها حتى من باب التطمينات ورد الفعل لما قالته الحرية والتغيير للرأي العام، بالتالي ظل الصمت سيد الموقف للمكوِّن العسكري ولم (ينبس ببنت شفة).

طي الكتمان

أكد بعض المراقبين وجود اتفاق طرحته الآلية الثلاثية الراعية للحوار على الطرفين بأن يظل ما بين الطرفين طي الكتمان, وبعيداً عن أعين الإعلام، ولكن المحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر، يقول لـ(الصيحة): إن الاجتماع غير رسمي وهي مسألة تبادل معلومات عامة، وهي في نفس الوقت لا يترتب عليه قرار، هي محاولة استكشاف لمكامن ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف السياسية والعسكريين، وفي كل الأحوال العسكريين والمدنيين جزء من الشعب السوداني الذي  ظل مغيَّباً لفترة طويلة من المعلومات الخاصة.

وأضاف: إن طبيعة العسكريين تختلف عن المدنيين، لأنهم يميلون إلى الاحتفاظ بالأسرار والمعلومات واستخدامها حسب الحاجة، حتى بالنسبة للآخرين في الحرية والتغيير من واجبهم مواجهة الرأي العام ونقل مادار في الاجتماع إليهم إذا ليس هنالك ما يتضرَّر منه أي شخص وإنما السكوت قد يؤدي إلى الانقلاب والانقلاب يؤدي إلى دمار وتآكل للدولة السودانية.

اختراق المشهد

وفيما يتعَّلق بالاجتماع وجوهر اللقاء نفسه قال خاطر: بالتأكيد اختراق للمشهد ومواجهة الحقيقة، لأن الجميع كان يهرب إلى الأمام، ولكن هذه كانت لحظات الحقيقة التي قد تولد بأكثر من وجه وأكثر من لسان، وأصبحت هي التي سوف تقوم عليها السلطة المدنية والتمهيد لواقع ديموقراطي جديد.

غاية الصعوبة

وقال المحلِّل والخبير العسكري عبد الرحمن أرباب: في اعتقادي ما جرى من محادثات بين المكوِّن المدني والعسكري هي محادثات في غاية الصعوبة لم تكتمل بعد حسب علمي، وقال أرباب لـ(الصيحة): من الأفضل للناس أن لا تصدر تصريحات إعلامية وتنتظر حتى نهاية الحوار, ولكن كون المكوِّن المدني يصرِّح عقب لقائهم المكوِّن العسكري هذا لأنهم كانوا رافضين للحوار, واعتقد أنهم استمعوا للصوت الخارجي أكثر ما استمعوا للصوت الداخلي الذي كان يطالب بالجلوس مع بعضهم البعض، ولكنهم لبوا للصوت الخارجي, ولذلك كان لابد من توضيح موقفهم بأنهم مازالوا عند موقفهم ومصرين على مطالبهم, ولذلك الحديث الإعلامي هو نوع من التجميل لأنفسهم. غير أن العسكريين لديهم موقف واضح بأنهم في النهاية سوف يسلِّموا الحكم عبر انتخابات أو تأتي جهة متفق عليها من المكوِّن السياسي، وكلا الأمرين لم يحصل وبالتالي الحديث الإعلامي لا يأتي بنتيجة إيجابية، ولذلك الصمت أفضل وأحسن من الكلام في مثل هذه الحالات.

مبرِّرات منطقية

ويرى المختص في الشؤون الأمنية د. أبوبكر آدم، في حديث لـ(الصيحة): هنالك مبرِّرات منطقية لدى الحرية والتغيير من أجل الظهور الإعلامي عقب اللقاء, منها وضع الرأي العام في الصورة وقطع الطريق أمام التأويلات والتحليلات التي يمكن أن تطلقها أيِّ جهة من الجهات, خاصة إذا نظرنا إلى حالة الشحن والتطرُّف في القرار بشأن الحوار مع المكوِّن العسكري الذي يرفضه البعض ويرفع في مواجهته اللاءات الثلاث، ولذلك من الطبيعي أن تقوم الحرية والتغيير بالتنوير الإعلامي لقاعدتها والرأي العام لسد باب الذرائع التي تأتي عقب الحوار.

إرباك المشهد

ولكن أكثر ما يشكِّل مصدر قلق بالنسبة للمكوِّن المدني كما يراه آدم، غياب المعلومات للرأي العام، خاصة أن ماحدث كان مصدر مفاجأة لبعض المكوِّنات الرافضة أصلاً للحوار، ولكن في السياسة لا ثوابت فيها، وأن ما يمكن أن تتفق عليه اليوم يمكن أن تنقضه غداً، بل هنالك مصالح مشتركة وبالتالي إذا تساوت مصالح الأطراف فإن الاتفاق سيكون سيد الموقف، ويرى أن المكوِّن العسكري يريد من خلال اللقاء كسر الجمود السياسي وإعطاء نوع من الأمل للحل السياسي بدلاً من حالة الانسداد الذي تتأذى منه البلاد. مبيِّناً أن المكوِّن العسكري ابتعد عن الحديث الإعلامي لأنه لايريد إرباك المشهد أكثر مما هو مرتبك، ويفضِّل أن يتم ذلك من خلال الآلية التي تدير الحوار السوداني السوداني.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى