أيها المجلس العسكري.. ماذا تنتظر؟!

صحيح أن مسائل الحكم وإدارة أمور البلاد والعباد تستدعي التريث والانتظار والتروي, خاصة فيما يتعلق بالمسائل التي تختص بالقضايا الاستراتيجية الكبري التي تعنى بمصائر المحكومين, لكن وبنفس المنطق، فإن (التباطؤ) والتردد في أمور البلاد والعباد هو مضر خاصة إذا كان الأمر يتعلق بأمور تخص أمن البلاد والعباد ومصائر كليهما.

إذا أمعنا النظر في ما يدور في بلادنا هذه الأيام، فمن السهل علينا أن (نسقط) كلا الحالتين على المجلس العسكرى الانتقالي الذي (ولاه الله) أمر هذه البلاد. وعندما نقول إن الله قد ولى هذا المجلس أمر الحكم فإننا نرجع إلى (مبدأ أصولي) يقوم على أن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء, عليه فإنه لا يكفي أن يكرر قادة المجلس العسكري صباح مساء أنهم ليسوا (طامعين) في الحكم أو أنهم لم يأتوا ليحكموا, وكأنهم يحاولون (التنصل) من مسئولية الحكم الذي ولاهم الله إياه و(تبعاته)! شاءوا أم أبوا فإن الله قد ولاهم أمر البلاد (حتى ولو كان لأربع وعشرين ساعة).

 عليه فإن واجبهم أن يضطلعوا بمسئوليتهم كاملة حتى (ينزع) الله منهم ذلك الملك، وذلك بأن يقوموا بواجبهم تجاه الشعب الذي ولاهم الله أمره. حسناً, لو نظرنا إلى طريقة تعامل المجلس العسكري مع هذا (التكليف) لوجدنا أن المجلس قد (تسرع) حينما كان عليه أن (يتريث) وتريث في الوقت الذي كان عليه أن يسرع. المجلس تسرّع حينما أعطى قادة الحرية والتغيير صفة لا يستحقونها، وذلك عندما اعترف بهم كممثلين للشعب السوداني, وذلك كان خطأ استراتيجياً قاتلاً، ثم وبناء على ذلك الخطأ منحهم ما لا يستحقون ولا يساوي أحجامهم في وسط الشارع السوداني، وذلك حينما أعطاهم حق تكوين مجلس وزراء الفترة الانتقالية وأعطاهم ثلثي (المجلس التشريعي الانتقالي) وهو مجلس أو تسمية ما أنزل الله بها من سلطان, إذ أن الفترة الانتقالية لا تستدعي وجود مجلس تشريعي انتقالي، لأنها ببساطة (فترة انتقالية)! لكن وللحقيقة فإن المجلس العسكري قد تراجع عن هذا الخطأ وألغى ذلك الاتفاق المعيب، وهذا أمر يحمد له, وعليه فقد كان عليه (مسح) ما ترتب على خطأه ذلك، وذلك (بالإسراع) بتكملة ما بدأه أو تحديداً أن يتخذ من الإجراءات والخطوات ما يتسق مع قراره إلغاء الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير. لكن الذي نراه أن المجلس قد توقف عند خطوة إلغاء الاتفاق، وفي ذلك تضييع لمصالح البلاد والعباد. المجلس تفاوض مع قوى الحرية والتغيير، وذلك التفاوض وصل إلى طريق مسدود، وذلك لأسباب باتت معروفة، وبالرغم من ذلك، فإن المجلس لا يزال يردد (استعداده) للتفاوض! إذا كان المجلس يقصد التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، فإن إصراره على ذلك التفاوض يصوره فى موقف (الضعيف)، والحاكم يجب ألا يضع نفسه في موقف الضعيف، لأن الشعب لا يحترم الحاكم الضعيف. أما إذا كان يقصد التفاوض مع بقية القوى السياسية الأخرى، فإن موقف تلك القوى بات معروفاً فهي في أغلبها وضعت ثقتها في المجلس العسكري, خاصة نيته تشكيل مجلس وزراء من الكفاءات الوطنية تكون مهمته الإسراع بإجراء انتخابات في خلال تسعة أشهر. أيها المجلس العسكري: ماذا تنتظر؟!

(*) حاشية: كتبت هذا المقال قبل ساعتين فقط من بث خبر اللقاء الجماهيري الضخم الذي خاطبه الفريق حميدتي في منطقة قري, حيث وجدت فيه إجابة على سؤالي أعلاه للمجلس العسكري.

 غداً بإذن الله نكتب عن لقاء قري.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى