المجلس العسكري.. (بدايات) صحيحة!!

* البدايات التي قادها المجلس العسكري في التعرف على مواقف القوى السياسية في الفترة الأخيرة، تدلل على أن المجلس اهتم بآراء مستشاريه ـ إذا كان لديه مستشارون ـ أو أن المجلس أثبت أنه يدرك كيف يحرك المشهد السياسي ويشارك فيه.. فبعد أن تلقى المجلس العديد من الآراء (الناقدة) لإدارته للشأن السياسي، عندما استأثرت قوى الحرية والتغيير بكامل (كيكة السلطة) في الأيام الأُوَل، قبل أن يخرج المجلس ليقول إن هناك آخرين في المشهد، لابد أن يشاركوا بآرائهم، وتأكيده أن تسليم السلطة بالكامل للشعب لا يتم إلا عبر (الانتخابات).

* لا نريد أن نحدد مع من يجب على العسكري أن (يتحاور) فهذه نقطة أفتى فيها المجلس بـ(لسان فصيح).. ولكن نريد أن نقول إن دخول الحركات المسلحة إلى لب المشهد السياسي يمثل خطوة متقدمة في سبيل إحلال السلام، وتجسيداً لمعنى التداول السلمي للسلطة، لأن دخول الحركات ميدان العمل السياسي من خلال الحوار الدائر بينها والمجلس، يعني بدهياً وقف (سلاح البندقية) وتعزيز سلوك المشاركة السلمية في العمل السياسي، لأن الجميع أبناء السودان، وما تحقق عبر الحوار وطاولة المفاوضات أفضل بكثير من الذي يتحقق عبر (الرصاص)، وعمرها الحرب لم تحقق سلاماً ولا تنمية، وأكبر دلالة على ما نقول إن ما حققته الحركة الشعبية بالحوار لم تحققه بالبندقية لعشرات السنين.

 ومعلوم أن الحرب هي (العدو المباشر) لحياة الناس ولمشروعات التنمية.

 * تسمية الفريق أول محمد حمدان حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري كرئيس للجنة التفاوض مع الحركات، عزّز من قدرة المجلس على إكمال هذه الملفات، لأن اختيار رجل بقامة السيد حميدتي، وخبراته في التعامل مع الحركات ــ سلماً وحربًا ــ فيه درجة كبيرة من الاقتراب من منصة النجاح، وفي ذلك دلالة على قدرة المجلس على إدارة كل مطلوبات العملية السياسية سواء أكان مع الحرية والتغيير أو مع القوى السياسية الأخرى، أو مع الحركات المسلحة، والخطوة الأخيرة مع الحركات المسلحة هي التي تؤسس لسلام مستدام في السودان، وهو البلد الذي تسعى كل الدوائر الغربية لإطالة أمد الحرب فيه، حتى لا ينجح في بناء نفسه، وليظل أبد الدهر يتسول غيره.

* ثم تلى ذلك خطوة مهمة قام بها المجلس العسكري لإبداء (حسن النية)، وكعربون للعمل السياسي الجاد، وهي قرار المجلس (إطلاق سراح جميع أسرى الحرب)  دون شروط.. وهو الأمر الذي وجد استحساناً وصدى واسعًا وسط الحركات المسلحة، ومن انعكاساته تصريح حركة العدل والمساواة بأن إطلاق سراح الأسرى خطوة في (الطريق الصحيح)ز وقالت الحركة إن القرار يمنح الحرية لعدد كبير من منسوبي الحركات المسلحة المعتقلين، وإن ذلك خطوة إيجابية مهمة لتعزيز الثقة .. وكان  الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري، قد أعلن في مؤتمره الصحفي بقاعة الصداقة، أن المجلس العسكري اتخذ قراراً بإطلاق سراح أسرى جميع الحركات المسلحة.

* دخول الحركات المسلحة خطوة لابد منها لاكتمال صورة المشهد السياسي، ولن يكتمل دخول الحركات المسلحة إلا بخطوات جادة وقرارات حكيمة تأخّر صدورُها كثيراً إبان فترة حكم الرئيس السابق، وقد أكدت هذه الجدية في الطرح، أن المجلس العسكري يدخل ساحة العمل السياسي (بقدم راكزة) و(وعي راسخ).. الأمر الذي يستوجب من الحركات المسلحة بجميع مسمياتها أن تقابله بذات (الوعي)، وذات (الجدية) حتى ينعم المواطن السوداني في ولايات دارفور الخمس، والمنطقتين في جنوب كردفان والنيل الأزرق بالسلام.

* دخول الحركات المسلحة جنباً إلى جنب مع بقية القوى السياسية لإدارة شأن السودان المستقبلي، يوفر الكثير من الجهد، ويمنح السودان فرصته الذهبية في إحلال السلام وترسيخ التداول السلمي للسلطة، من خلال انتخابات تتراضى جميع الأطراف على شروطها وقانونها، وأن لا تعلو جهة على أخرى إلا بأصوات الناخبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى