Site icon صحيفة الصيحة

خبير في القضايا البيئية لـ (الصيحة): المحليات تمارس سياسة بيئية شبه قديمة وغير مناسبة

 

حوار : محيي الدين شجر      4 يونيو 2022م

ظلت  القضايا البيئية (التلوُّث وتغيُّر المناخ وارتفاع منسوب البحر والنفايات) تشغل بال الحكومات في كل العالم، حيث تبذل جهوداً كبيرة عبر سياسات بيئية علمية حديثة لإدارة النفايات، ولكن المتتبع للوضع في السودان فإنه يلحظ بوضوح القصور الكبير من قبل الدولة في القضايا، البيئية، حيث تدار بعقلية قديمة بآلية وسط صعوبات بالغة في نقل النفايات، حيث أصبحت العاصمة الخرطوم ترقد في جبل منها في ظل صعوبات جمَّة في تدوير النفايات وترك الأمر إلى أطفال صغار توزعوا على القمامات بحثاً على ماهو مفيد ونقله بعد ذلك للجهات المختصة بالتدوير.

(الصيحة) استنطقت الدكتور الفاتح يس، الحائز على دكتوراة الفلسفة في الهندسة الكيميائية والبيئية – أستاذ مساعد في عدد من الجامعات والكليات والمعاهد العليا ومهتم بقضايا تغيُّر المناخ والاقتصاد الأخضر والطاقات المتجدِّدة، حيث وضع النقاط على الحروف وأبرز من خلال الحوار معلومات مهمة للغاية.

 

 

القضايا البيئية كثيرة ومنها: التلوُّث وتغيُّر المناخ وارتفاع منسوب البحر والنفايات.

 

هيئة نظافة ولاية الخرطوم ومعها المعتمديات والمحليات هم المسؤولون عنها.

لا،

والدليل على هذا، كلنا نرى التردي الواضح للنفايات في ولاية الخرطوم.

 

هيئة نظافة ولاية الخرطوم والمعتمديات جهات تنفيذية، لكن لابد من إشراك المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية (الجسم المسؤول عن البيئة في السودان)، باعتباره جهة مختصة لتُقدِّم الدعم الفني والهندسي والاستشاري للمحليات والمعتمديات، لأنها جهة مختصة فنياً وإدارياً وقانونياً، وفيها مختصون في إدارة النفايات وإعادة التدوير وإعادة الاستخدام وإعادة الاسترداد.

 

السبب هو أن المعتمديات والمحليات تمارس سياسة بيئية شبه قديمة وغير مناسبة، وهي سياسة معالجة النفايات بعد إنتاجها في نهاية الأنبوب (end pipe).

 

نعم،

هنالك عدة سياسات وأهمها:

  1. Wastes reduction by using product life cycle

دورة حياة المنتج

  1. Polluter pay principle

قاعدة أن يدفع (مال أو يلتزم بمعالجة نفاياته) المتسبب في التلوث.

 

 

هي سياسة تتلخص في تصميم منتج عالي الجودة ويمتاز بالديمومة والعمر الطويل ويمكن إعادة تدويره واستخدامه ويمكن أن يتحلَّل حيوياً وغير ضار بالبيئة بعد أن يصبح نفايات.

 

تتم تطبيق سياسة دورة حياة المنتج بواسطة التنسيق بين الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ووزارة الصناعة ووزارة التجارة وهيئة الجمارك بإصدار ووضع مواصفات معيِّنة لأي منتج بغض النظر عن أن هذا المنتج محلي أو تم استيراده من الخارج، بحيث يمنع استيراد أي بضائع ما لم نتأكد بأنها عالية الجودة وعمرها الافتراضي طويل وكيفية إعادة تدويرها أو استخدامها أو كيفية التخلُّص منها بعد أن تصبح نفايات.

 

 

هي سياسة إشراك المصانع في معالجة نفاياتها والتنسيق بينها وبين إدارة النفايات والمخلَّفات في كيفية جمع وإعادة تدوير واستخدام النفايات المنبعثة من هذه المصانع والتي خرجت من المصانع في شكل منتجات مفيدة وأصبحت كلها أو جزء منها نفايات.

 

 

الحل بإشراك غرفة صناعة البلاستيك لإعادة تدوير واستخدام هذه النفايات والمخلَّفات البلاستيكية.

 

وأيضاً، يمكن إشراك جامعي القمامة (أطفال الشوارع) لجمع النفايات والمخلَّفات البلاستيكية والمعادن والزجاج وكل النفايات والمخلَّفات التي يمكن إعادة تدويرها واستخدامها.

 

 

التنسيق بين السجل المدني وهيئة نظافة ولاية الخرطوم ومصانع البلاستيك لاستخراج رقم وطني وبطاقة عمل لهؤلاء الذين يجمعون القمامة ويذهبون بها إلى نقاط إعادة تدويرها، ويكونوا معروفين وموزعين كل مجموعة في مربع أو حي سكني معروف، وإذا حصل أي شيء يُستدعوا مثلهم مثل أي مواطن يسكن في هذا الحي، وكل هذا بالقانون، ولأنهم معروفين ولديهم رقم وطني وكرت عمل وإثبات شخصية.

 

 

أغلب النفايات والمخلَّفات المنزلية هي أكياس وكراتين التعبئة والتغليف، والمؤسف معظمها مصنوعة من البلاستيك، وهنا لابد من الضغط على المصانع لاستخدام مواد تغليف تتحلَّل حيوياً وصديقة للبيئة ويمكن إعادة تدويرها وترك التغليف والتعبئة بالمواد البلاستيكية الضارة بالبيئة والتي لا تتحلَّل حيوياً، وهنا تتجلى عظمة استخدام سياسة التغليف الأخضر، وممكن في المستقبل والقانون البيئي أن يتم وقف استخدام أكياس البلاستيك إلا بمواصفات وفي حالات معيَّنة.

نعم، هي النفايات الغذائية التي تكون مخلوطة ومجتمعة مع النفايات والمخلفات الأخرى، وهذه النفايات الغذائية تتسبب في جمع الفئران والقطط والذباب وانتشار البعوض وانبعاث الروائح، ولهذا لابد من فصل النفايات الغذائية عن النفايات الأخرى.

 

يمكن الاستفادة من النفايات والمخلَّفات الحيوية والغذائية بتحويلها إلى غاز حيوي، وهذا الغاز الحيوي يستفاد منه مثل غاز طبخ أو لتوليد الكهرباء.

 

عملية تحويل النفايات والمخلَّفات الغذائية والحيوية إلى الغاز الحيوي ليست صعبة، وتتم في وعاء محكم الإغلاق يسمى المفاعل الحيوي، وهو أشبه بصهريج الماء يصنع من مادة الفايبر جلاس، ويوضع في الأرض بطريقة تشبه السابتك تانك، ويمكن وضعه في أي منزل أو أي بناية أو أي مؤسسة بأحجام مختلفة، تعتمد على كمية النفايات في المبنى وعدد المقيمين فيه، ويتم إدخال النفايات والمخلَّفات الغذائية إليه عبر فتحة معيَّنة، وفيه تتم عملية التخمير بواسطة البكتيريا اللاهوائية وينتج الغاز الحيوي في الأعلى والسماد العضوي الطبيعي في أسفله.

 

أفضل طريقة لجمع ونقل النفايات هي فصلها من المصدر، وإن تعذَّر ذلك، يمكن فصل النفايات التي يمكن إعادة تدويرها كالبلاستيك والزجاج والمعادن في سلة لوحدها (حتى تسهل عملية جمعها وإرسالها إلى أماكن إعادة التدوير)، والنفايات الغذائية الحيوية في سلة لوحدها (والاستفادة منها في إنتاج الغاز الحيوي أو علفاً للحيوانات أو سماداً عضوياً طبيعياً بعد إجراء بعض العمليات على هذه النفايات والمخلَّفات الغذائية والحيوية)، وباقي النفايات والمخلَّفات الأخرى في سلة أخرى.

 

لازم نتحدَّث عن توعية المواطنين في التعامل بطريقة حضارية مع النفايات والمساعدة في فرزها.

 

لابد من نشر ثقافة المواطنة البيئية والتوعية البيئية في وسائل الإعلام المقروء والمسموعة والمرئية وفي مواقع التواصل الاجتماعي مثل: الفيس بوك والواتس آب وغيرهما، وتصميم برامج توعية بيئية تناسب مستوى تعليم ووعي الشريحة المراد توعيتها بيئياً.

أما الأجيال القادمة، فلابد من تصميم مقر بشرط أن يلائم بيئة السودان وشخصية المواطن السوداني، لتلاميذ الأساس والثانوي عن النفايات والتوعية البيئية وحتى الجامعات ممكن يتعمل لهم كورس يتم تدريسه على كل الكليات في سنة أولى جامعة، هذا الكورس يتحدَّث عن البيئة والمياه والنفايات وكيفية إدارة النفايات والمخلَّفات المنزلية.

– هل يمكن لإدارة النفايات بالمعتمديات والمحليات الاستعانة بجهة غير حكومية لإدارة هذه النفايات؟

نعم، يمكن أن تستلم شركة خاصة أمر إدارة النفايات في ولاية الخرطوم بعقد يتم الاتفاق عليه، ويمكن اتباع نظام الـ (بوت) (BOT)وتعني

Building Operating Transformation

وتعني

بناء، تشغيل وتحويل ملكية شركة النفايات (بما فيها من ماكينات ومعدات عربات لجمع وفرز وترحيل وإعادة تدوير النفايات) إلى حكومة السودان بعد فترة زمنية تدريجياً بنسب حتى تصبح مائة بالمائة ملكاً لحكومة السودان، وهنا لابد من الانتباه إلى تدريب وتأهيل الكادر السوداني على كيفية إدارة وحدة جمع ونقل ومعالجة النفايات هذه فنياً وهندسياً وإدارياً.

 

 

لازم نغيِّر نظرتنا للنفايات، لأن النفايات أصبحت عبارة عن صناعة واقتصاد، ودول كثيرة أصبحت تعتمد اقتصادياً على النفايات لإعادة تدويرها واستخراج طاقة نظيفة ومتجدِّدة منها مثل: الوقود الحيوي والبايوديزل.

كلمة أخيرة؟

من هذا المنبر الإعلامي العريض وعبر صحيفة (الصيحة) الشامخة، أوجِّه رسائل إلى قادة ووزراء هذه الدولة بأن يتجهوا إلى الاستثمار الأخضر والطاقات المتجدِّدة والاقتصاد الأخضر عبر الإدارة الرشيقة للنفايات والاستفادة منها موارداً ترفد العملات الصعبة إلى خزينة الدولة.

وأيضاً أوجِّه رسالة إلى المستثمرين السودانيين إلى الاستثمار في المشروعات الخضراء خاصةً مشروع إعادة تدوير النفايات وتحويل النفايات إلى طاقات متجدِّدة خاصةً الغاز الحيوي.

أما بالنسبة للمواطن، فرسالتي له لابد له أن يرتدي ويلتزم بشروط وخصائص وصفات وسمات المواطنة البيئية.

 

 

 

 

Exit mobile version