أصبحت أيقونة للمرأة التي هزمت وتحدّت الصعاب سارة جاد الله.. السّبّاحة التي كادت أن تبتلع كيجاب!!

 

كتب: سراج الدين مصطفى      31   مايو 2022م

(1)

سارة جاد الله.. اسم حاضر في ذاكرة الشعب السوداني ارتبط بالكفاح والنضال والنجاح.. أصبحت أيقونة للمرأة التي هزمت وتحدّت الصعاب.. ظلت سارة جاد الله نموذجا مثاليا للصبر والمثابرة وتجاوز العقبات.. ويكفيها انها أصبحت مُلهمة للعديد من الأجيال التي تلتها ليس في مجال السباحة وحدها ولكن لكل من يُحاول أن يسبح عكس تيارات الفشل والإحباط والركون للإعاقة مهما كان شكلها أو حجمها.

(2)

سارة جاد الله جبارة الفكي إبراهيم من مواليد حلة حمد بالخرطوم بحري في العام 1956 م، درست المرحلة الأولية بمدرسة حلة حمد للبنات ثم الأميرية المتوسطة للبنات ببحري وتلقّت دراستها الثانوية بمدرسة أبو بكر سرور للبنات بأم درمان وبمدرسة شندي الثانوية للبنات والتحقت بكلية الفنون الجميلة ولم تكمل دراستها به، حيث تحوّلت لدراسة السينما بالمعهد العالي التابع لأكاديمية الفنون في القاهرة حيث تخرجت في قسم الرسوم المتحركة العام 1984 م وهي ثاني امرأة سودانية تدرس السينما وتعمل بها.

(3)

عملت في تلفزيون السودان في العام 1985م بعد تخرجها في المعهد العالي للسينما وكانت تتولى مسؤولية قسم الرسوم المتحركة وأنجزت حوالى ثلاثة او أربعة أفلام كرتون بالطريقة التقليدية المتمثلة في الرسم باليد ثم سافرت في العام 1989 م إلى المملكة العربية السعودية بعد أن تزوّجت من الدكتور أخصائي الأمراض النفسية بله أبو سنينة وعادت للسودان بعد أثني عشر عاماً، حيث قامت بإنشاء أستديو خاص بها (بليسار للإنتاج الفني)، حيث عملت كمُصوّرة ومخرجة ومونتيره وقامت بإنجاز فيلم رسوم متحركة (فاطمة السمحة) تبلغ مدته 15 دقيقة.

(4)

توقفت بعدها عن أفلام الرسوم المتحركة لتكلفتها المادية الكبيرة إلى جانب ثلاثة أفلام روائية وهي: عاشق النور واستلاب والبؤساء الذي شاركت به في عدة مهرجانات في جنوب أفريقيا وزنزبار ونيجيريا إضافة لإنتاجها لأكثر من 20 فيلماً وثائقياً وتعمل حالياً لتقديم فيلم عن المرأة السودانية تتناول فيه دورها في كل المجالات السياسية والفنية والرياضية مع التركيز والتوثيق لشخصيات رائدة مُعيّنة.

(5)

ولدت سارة جاد الله بشلل أطفال ونسبة لعدم توافر علاج لحالتها نصحها الطبيب بممارسة الرياضة (عشان العضلات تشتغل) وساعدها والدها مساعدة جمة على تعلم السباحة وهي في سن الثانية من عمرها. تدربت سارة جاد الله على أيدي المدربين (المرحوم) بيومي محمد سالم وهو من أبناء حي الدناقلة جنوب ومحمد علي الشيخ الشهير بـ(كرور) الذي ساعدها كثيراً وطوّر من مهاراتها وكانت تتدرب في نهر النيل وفي حوض دار الثقافة الذي كان موقعه جوار القصر الجمهوري وهو غير موجود حالياً وزاملت خلال تلك الفترة السباحات منى زكي الحاج ودينا ميرغني وسباحة هندية سودانية اسمها بشرى وعندما صار عمرها ست سنوات أصبحت تجيد السباحة ببراعة وشاركت في عدد من المهرجانات في المسافات القصيرة وكان لوالدها القدح المعلى فيما وصلت إليه في مسيرتها الرياضية من خلال إشرافه ومتابعته اللصيقة لها في التمارين والسباقات التي شاركت فيها.

(6)

انضمت سارة جاد الله لنادي الكوكب ببحري لممارسة نشاطها وزاملت خلال تلك الفترة، السباحين هشام رضا وسمير عبد الكريم وكانت تشارك حينئذٍ في بطولات الجمهورية للمسافات القصيرة وفي العام 1968 م قامت بتمثيل السودان في فريق الناشئين تحت 16 سنة بمدينة نيروبي وأحرزت المركز الثالث وشاركت معها السباحات آمال الشريف ومها منديل ونوال أحمد المصطفى في أول مشاركة خارجية لها.

بالرغم من الصُّعوبات والمشاكل التي واجهتها سارة جاد الله في مسيرتها الرياضية، حيث كان من الصُّعوبة بمكان خروج البنت من بيتها، ناهيك أن تُمارس رياضة السباحة وسط رجال، ولكن لتمتُّعها بالشجاعة والجسارة والعزيمة والإصرار تمكّنت من التغلُّب على ذلك واستطاعت أن تبرز وتُشكِّل حُضُوراً مُتميِّزاً في ذلك المنشط وتصبح رقماً كبيراً بما حققته من إنجازات هائلة.

(7)

في العام 1972م انضمت سارة جاد الله لفريق السباحة بنادي الهلال العاصمي وبدأت تشارك في سباق المنافسات الطويلة، حيث شاركت في العديد من تلك السباقات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : سباق جبل أولياء (50 كيلو) وهو أشهر السباقات التي شاركت فيها سارة جاد الله وكان سباقاً طويلاً من جبل أولياء حتى مبنى التلفزيون بأم درمان وأحرزت المركز الثالث بعد كيجاب وسليم فضل. كما شاركت في سباق الحديبية عطبرة (30 كيلو ) وأحرزت المركز الرابع بعد ممدوح مصطفى وماجد طلعت فريد وعلي عتباني وفي ذلك السباق تفوقت على كيجاب والذي أتى بعدها، وقال حينها تصريحه الشهير للصحافة إن سارة سبقته لأنه عضاه كلب وكذلك في سباق مدني أم سنط (30) كيلو أحرزت المركز الثاني بعد كيجاب والذي تفوق عليها في آخر دقيقة بعد أن كانت تسبقه وكتبت في اليوم التالي للسباق جريدة الأيام في صفحتها الرياضية (كادت سارة أن تبتلع كيجاب).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى