Site icon صحيفة الصيحة

قضية للنقاش كان حديثاً علمياً ويمكن إثباته عملياً وبكل سهولة.. كمال كيلا: الكاشف سبب تأخر الأغنية السودانية

 

كتب: سراج الدين مصطفى

(1)

الفنان الراحل  كمال كيلا، كان صاحب تجربة فنية مغايرة ومختلفة، فهو تميَّز   بأسلوب غنائي خاص يعتمد على الاستعراض وتوجهه الموسيقي ينتمي لموسيقى ما يعرف (بالجاز) وهو رائد في هذا المجال مثله وشرحبيل أحمد والجيلاني الواثق وصلاح براون. فهو  قدَّم تجربة موسيقية كانت متناغمة مع أحاسيسه مؤثراً ومتأثراً بتجارب الآخرين في محيطه، ليلعب دور الأداء والتلقي الذي تمثل بالبساطة التي كانت السمة الأساسية لحياته وتجربته الموسيقية الثرة التي توَّجته واحداً من الذين افترعوا موسيقى الجاز بشكلها السائد في السودان وعمل على تذويق ذلك النمط وتطريبه عبر اللحن ليصبح الوسيلة الأقرب تفاعلاً مع المستمع السوداني.

(2)

أذكر أنني كنت قد أجريت حواراً مع الأستاذ كمال كيلا، في صحيفة (الأحداث) وهو الحوار الذي خرج منه ذلك التصريح الذي أثار كل هذا الجدل.

في ذلك الحوار قال كيلا، تحديداً: (كنت مدعو في اليونسكو لتقديم تجربتي، ومن خلال ذلك المنبر طرحت قضية الإيقاعات وقلت للحاضرين يومها: إن السودان ملئ بالإيقاعات المتنوِّعة فكل قبيلة لها تراثها وإيقاعاتها المختلفة في الزراعة والحصاد والبكاء والفرح، وقلت: إن القبائل السودانية تمتاز بالإيقاع الطبولي القوي والساخن، ولكن إبراهيم الكاشف، الذي كوَّن أول أوركسترا في تاريخ السودان الغنائي والموسيقى استخدمت إيقاع ” الطبلة ” الذي يوصف بأنه ضعيف نسبياً بالمقارنة مع إيقاعات القبائل السودانية مثل: الدلوكة والشتم والدفوف، من حلفا وغير ذلك من إيقاعاتنا، فهو ترك كل ذلك التراث الإيقاعي السوداني واستخدم        “الطبلة” وهي غير سودانية، فكان سبباً في عدم تقدم الأغنية السودانية وتأخرها عن رصيفاتها).

(3)

قلت لكمال كيلا: هل يمكن إثبات حديثك علمياً، فقال لي: (ما قلته كان حديثاً علمياً ويمكن إثباته عملياً وبكل سهولة، ولكن البعض قال بأنني قللت من مكانة ومقدرات فنان عظيم مثل إبراهيم الكاشف، وأنا لا يمكن أن أقول ذلك في حق أستاذنا الكاشف، هذا الفنان العبقري بكل ما تحمل الكلمة من معنى ومضامين، وفي تقديري أن الأجيال اللاحقة بدأت في تصحيح ذلك الوضع باستخدامها للإيقاعات السودانية في أغنياتهم). ذلك هو بالضبط ما قاله كمال كيلا، فهو في تقديري كان شجاعاً ولامس وتراً حساساً، ولكن المؤسف في الأمر أن معظم الذين استنكروا تصريحه لم يناقشوه بطريقة علمية.

Exit mobile version