Site icon صحيفة الصيحة

جناحا الطائرة

لا يمكن لأي طائرة في الوجود التحليق على ارتفاع ملائم بسلام تام دون واحد من جناحيها مهما اتسمت تقنيتها الجوية وتكنيكها بالتطور.. وهذا ينسحب بالضرورة على العديد من تفاصيل الحياة اليومية التي تعبر أيامنا. فالعلاقات الإنسانية جميعها تحتاج للتوازن في نسب العطاء والاهتمام بين الطرفين لتستمر بنجاح وتوفر الحد الأمثل من الارتياح والسعادة والاستقرار.

ولا يقتصر الأمر على العلائق العاطفية فحسب.. فحتى الصداقة والزمالة والشراكة في العمل تحتاج لذلك الميزان الإنساني.. وتستوجب التفاني المشترك والإخلاص المتبادل لتحقيق التوافق المطلوب والذي يوفر بدوره الجو الملائم للمضي نحو الأمام بكل ثقة وأمان.

ذات الجناحين.. يحتاجهما الوطن في هذه المرحلة المفصلية من تاريخه العريق. والشاهد أن الضباب الكثيف الملبد بالأنانية والتشرذم يشحن الآفاق الآن. وتجدنا على ما لا يسر من الخلاف والتناحر والتعصب الشديد للآراء والأجناس والقبلية والمعتقد.. فكيف ننتظر من طائرة أحلامنا أن تهبط بسلام على مدرج الرفاهية المنشودة وجناحها الأيمن معطوب؟.

وكيف نتوق للسعادة والتطور والنماء والتقدم ونفوسنا ترزح تحت وطأة الأمراض والحنق وتسيطر عليها الأهواء والرغبات الشخصية القاتمة؟.

وكيف ننتظر أن يتغير الحال نحو الأفضل، ونحن نكتفي بالنقد والتنظير ولا نشارك عملياً في التغيير بشكل إيجابي بكامل الحب واحترام الآخر؟!!

يقال “اليد الواحدة ما بتصفق”.. هكذا ببساطة، والمعنى واضح, ولا يمكن للتغيير المطلوب أن يقوم على البعض ويسقط عن الباقين.. فهذا أمر يستدعي الجماعية في الرؤية والقرار.. فهل تمعّنتُم في منهجية الإقصاء المُتّبعة؟!

هل تأمّلتُم العبارات الحادة والكم الهائل من الإساءة والأذى المُتّبع من بعض دعاة التغيير أدعياء الوطنية الكاذبة؟! وكأنهم يريدون – إن قدر لهم – التخلص من كل من يخالفهم الرأي والتوجّه وطرده خارج حدود البلاد غير مأسوف عليه. فمتى وقع الوطن تحت الحيازة؟! ومتى افترضت ملامح الوطنية على أمور سطحية تفتقر للعمق؟!

إن جناحي الطائرة يحملانها ويحلقان بها بعيداً على ارتفاع كبير بكل تجرّد وبسالة وشجاعة.. وقد تكون الرحلة بكل المقاييس مغامرة.. ولكن لابد منها. وطالما كان الجناحان بخير وثبات وتوازن يقومان بمهمّتهما على الوجه الأكمل من التفاني والعطاء, فلابد للرحلة من تحقيق المراد.. والوصول لوجهتها المعلومة بأمان تام.. وهذا ما نتمناه..

* تلويح:

يا حبيبي قلبي حاب.. رحلة بين طيات السحاب

 

Exit mobile version