سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

21مايو 2022م

التحية لهم

(1)

الفنان الراحل إبراهيم حسين، كان فناناً  صاحب تجربة غنائية في منتهى الوسامة، فرض سطوته وحضوره منذ مجيئه من كسلا وأرض القاش. فهو تشبَّع بضوء النجوم في ليالي القاش وصعد قمم الموسيقى والغناء كما كان يصعد قمم جبال التاكا وتوتيل. شكَّل إبراهيم ثنائية باذخة مع شعراء كسلا أبناء دفعته محمد عثمان كجراي وأسحاق الحلنقي.

إبراهيم حسين، كان صوتاً لا تنقصه الوسامة، قُدرات لا تخطئها العين، فنان بكل مواصفات الكلمة، تتوافر فيه كل اشتراطات ومطلوبات الفنان الجاد والملتزم صاحب الإضافة، ولكن رغم ذلك لم يجد حظه من التقدير الإعلامي في حياته أو حتى بعد مماته رغم إنه يتكئ على موهبة فذة وقدرات نادرة ولكنه لم يجد الانتشار الذي يوزاري عظم موهبته.

قدَّم إبرهيم حسين، أغاني مثل: (لما الريد يفوت حدو وشجون ونجمة نجمة)، كانت بمثابة جواز مرور إلى وجدان الشعب السوداني، ولكن أصيب فناننا الكبير بشلل نصفي أقعده عن الغناء لفترة طويلة رغم أن صوته مازال يتمتَّع بذات الوسامة والطلاوة القديمة. فلماذا هذه الوقفة غير المبررة وأنت الأقدر على قهر المرض. لقد أصبحنا نساهر الليل ونعد نجومه نجمة نجمة بعد غيابك فأين أنت أيها الفنان الجميل؟

لم يجد إبراهيم حسين، التقدير اللازم لتجربته، فهو بتقديري من أنضج التجارب التي وفدت إلينا من بقاع كسلا الجميلة  التي منحتنا العديد من الأصوات التي كان لها تأثيراً واضحاً، ولكن إبراهيم حسين،  كان أنموذجاً فريداً غير قابل للاستنساخ أو التكرار، فنان كان نسيج وحده.فلماذا لا تبثون أغنياته يإذاعة ويا تلفزيون؟

الفنان إبراهيم حسين، يعتبر في ـ تقديري الخاص ـ مدرسة من مدارس الغناء في السودان، فهو صاحب لونية غنائية مميَّزة اتسمت بالكثير من الأبعاد المختلفة، وهو واحد من الفنانين الذين مازجوا مابين غناء الوسط ولونية الشرق المحببة ذات الطعم المميَّز والمشكَّل بإيقاع مختلف.

(2)

ثمَّة حقائق فنية غيَّرت من مجرى وتاريخ الأغنية السودانية، وهناك عظماء أثروا الساحة الفنية منذ زمن باكر، ولكن لم يحفظ لهم البعض حقهم الأدبي،..ويأتي في أولهم عبقري الأغنية السودانية الكاشف، كان أول مطرب سوداني يغني مع العازفين بآلات حديثة لم تعرفها الأغنية السودانية من قبل، وفي عام 1940م، غنى الكاشف “الشاغلين فؤادي” في الإذاعة ليحمل الأثير صوته لجمهوره الذي وجد فيه صوتاً جديداً مختلفاً عن كل الأصوات التي سبقته. كما أنه أعلن عن حضور مغاير ومختلف من حيث الطرح الموسيقي والتلحين الذي اختلف عن مدرسة حقيبة الفن ذات الألحان الدائرية والكلمة البسيطة، ولكن الكاشف، قفز بها من مربع العادية التي الشكل الموسيقي الجديد الذي يعتمد على موسيقى ولازمات تتجدَّد كل مرة ما بين الكوبيلهات.

وهو صاحب فكرة إضافة أصوات البنات إلى الكورس لأول مرة في السودان، لقد ساعد الكاشف، وغيره من الفنانين بعد ذلك وخلال فترة الخمسينيات بالذات وجود موسيقار مصري يدعى مصطفى كامل، عازف القانون المعروف الذي أصبح يقود الفرقة الموسيقية المصاحبة لجميع أغاني الكاشف، وهكذا اشتهرت أغاني الكاشف بمقدِّمتها الموسيقية الطويلة. ومن أشهر أغانيه “الحبيب وين” و”أسمر جميل” و”رسائل”.

(3)

الفنان الراحل إبراهيم، واحد من جيل العمالقة في السودان في مجال الغناء، ففي الخمسينات كان عدد مطربي الصف الأول لا يتجاوز العشرة، وكان إبراهيم عوض، يحتل مكانه وسطهم بجدارة ولا زال حتى الآن. وحرصه الدائم على التجديد في كل شيء حتى الألحان بإدخال الآلات الحديثة المتطوِّرة على الأوركسترا السوداني، وفي هذا المجال يمكن أن نقول: إن إبراهيم عوض، يعتبر أول من أدخل آلة “البنقز” على يد الموسيقي خميس جوهر، الذي درس في القاهرة وكان ذلك عام 1954م، عندما قدَّم إبراهيم عوض، أغنية “حبيبي جنني” وأغنية “أبيت الناس” وغيرها من الأغنيات الخفيفة.

الفنان الذري إبراهيم عوض، أدخل لأول مرة آلة الأكورديون على يد الموسيقار عبد اللطيف خضر، المعروف بود الحاوي، والذي شاركه مشواره الفني في منتصف الخمسينات وحتى نهاية الستينات، وتلك الفترة شهدت ميلاد أغنيات كبار بين ود الحاوي وإبراهيم عوض وكان أبرزها على الإطلاق أغنية ” المصير” التي كتبها سيف الدين الدسوقي، وتجدر الإشارة، هنا بهذه المناسبة، إلى أن إبراهيم عوض، كثيراً ما هوجم على صفحات الصحف السودانية وقالوا وقتها أنه حوَّل الأغنية السودانية إلى أغنيات جاز، لكنه لم يتأثر بما كتب ومضى في طريق التجديد بتشجيع من جمهوره المتزايد .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى