عبارة عن نسخة كربونية من الفنان كمال ترباس القلَّع عبدالحفيظ .. فنان لم يأت بتقليعة جديدة في الغناء

 

(1)

الوسط الغنائي يمتلئ ببعض التجارب الغنائية التي لم تجد القبول من المستمع السوداني وينفر منها حال سماعها. وهنالك نماذج عديدة ذات تجارب بائرة وخائبة ولم تجد لها زبائن، لأنها قامت على فراغ عريض من الموهبة، ومن أبرز التجارب الغنائية التي لم تجد القبول ولم تحقق أدنى حضور، الفنان القلَّع عبد الحفيظ . فهو بتقديري لم يجد حظوة من المستمع السوداني الذي يمتاز بالحصافة والثقافة الغنائية العالية.

(2)

ثمَّة أسباب جعلت غنائية القلَّع عبد الحفيظ، لا تتخطى حدود (الوجاهة الاجتماعية) وأنس (الشلة والأصحاب)، لأن القلع أصلاً لم يأت بتقليعة جديدة في الغناء، فهو عبارة عن نسخة كربونية من الفنان كمال ترباس، نفس الجسم والعمة والعباية وذات الفهم والتعابير. ولكنه يختلف عنه من ناحية القدرات الصوتية والتطريبية، وهنا يتفوَّق ترباس بشكل مطلق، لأن فنان حقيقي وصاحب تجربة لها روادها وعشاقها.

(3)

وضع كمال ترباس، بصمته الغنائية وفرض شخصيته الفنية وهو لا يشابه فنان من الذين سبقوه، ويمكن اعتبار القلَّع امتداد لتجربة كمال ترباس. ومن خلال غناء القلَّع يمكننا ملاحظة ذلك، فهو ينحصر كل همه في أن يتابع طريقة ترباس، في الغناء على نسق وقع الحافر على الحافر،..فهو لم يجد القبول لأنه فنان بلا إضافة أو تأثير، وبالنظر لمجمل أغنياته لا نجد لها أثر في الوجدان السوداني.

(4)

غنائية القَّلع عبد الحفيظ، يمكن وصفها بأنها قامت على فكرة (المحاكاة) ولاحقاً أصبحت تقوم على فكرة (المكاواة). وحرب التصريحات التي دارت بينهما في وقت سابق تؤكد بأن القلَّع لا يتورَّع في أن يؤكد ودون أن يعي بأنه نسخة كربونية مشوَّهة من كمال ترباس. فنان بلا شخصية فنية واضحة وبلا مشروع. غناء سنده الأساسي هو العلاقات الاجتماعية، لأن المستمع السوداني الحصيف لا يمكن (الاستهبال) عليه، فهو مستمع ذكي يعرف الصالح من الطالح، ويعرف الفنان الجاد، صاحب الفكرة والرسالة والمشروع . لذلك فهو يقدِّر ويحترم تجارب ذات قيمة ومضمون مثل: محمد رودي، محمد الأمين والكابلي وغيرهم من مبدعينا الكبار الذين رسموا الدهشة ذات الطعم غير (المكرور).

(5)

مجمل تلك الأسباب وغيرها يعلمها القلَّع عبدالحفيظ، ولا نستطيع كتابتها جعلت تجربته في مهب الريح تتناوشها وتقذف بها حيث أرادت.

ذلك هو القلَّع عبد الحفيظ، فنان بلا ملامح، يفقتد لأدنى مقومات الجدية والوعي بماهية الغناء ومدى قدرته على تشكيل وجدان الشعوب . الغناء ليس مجرَّد (عمة كبيرة ذات أمتار طويلة وخامة جيدة، ولن يتحقق عن طريق مجاملة الأصحاب والأهل و(ناس الحلة).

مجمل تلك المفاهيم جعلت القلَّع عبد الحفيظ، بعيد جداً عن وجدان المستمع السوداني ولم يترك أي بصمة أو تأثير واضح وحقيقي، وفي ظل هذه الوضعية من البديهي أن نصف تجربته بأنها تجربة (نص كم) لم تحقق الانتشار ولم تجد القبول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى