Site icon صحيفة الصيحة

بستان الحلنقي

اسحق الحلنقي

 

أبوداوود

قال الفنان الراحل «عبدالعزيز محمد داوود» إنه كان يخشى كثيراً أن تكون صلعته الملساء سبباً في نفور العذارى عن حضور حفلاته الماسية المترعة بالغناء. وقال إنه فكَّر مرةً أن يضع على صلعته باروكة كحال بعض الفنانين في ذلك الوقت، إلا أنه تردَّد في ذلك وخشي أن يضعه ذلك الموقف في موقف ابن آوى وهو يغني للعصافير. لم ترق له الفكرة فوضعها جانباً، وقال إنه أحيا مرةً حفلاً ضخماً على إحدى المسارح وكان يومها يضع العمامة على رأسه، فأخذ المستمعون يطلبون منه أن يعمل على خلع العمامة، لأن رؤية صلعته وهو يغني تزيده جمالاً، منذ تلك الليلة تمنى الفنان الذي عرف بالنكتة الحلوة والعبارة الساخرة أن لا تغادره صلعته الملساء، بل تمنى أن تظل معه إلى الأبد.

كفر ووتر

كنت ألعب داخل الميدان كقلب دفاع، وكان لعبي خشناً جداً، حتى إن جميع المهاجمين كانوا يخافون الاقتراب مني)، و(البشوفني زمان وأنا بدي شلوت في الكورة ما يشوفني هسي وأنا بكتب قصيدة (حُب وغَزل) و من هواياتي المُحَبّبة الاطلاع والكتابة، و(الجمال) يعني له الكثير، وهو العُنصر الأساسي المُحَفِّز لغريزتي الإبداعية، وهي الباب الذي تدخل منه القوافي بسلاسة ونُعُومة، ومُعظم قصائد التي كتبتها تدور حول هذه النقطة.

العيون الناعسة

تبيَّن من دراسة أجرتها إحدى الهيئات الطبية أن العيون الناعسة التي تغنى بها عدد كبير من شعراء الرومانسية هي عيون مريضة تعاني من اختلال في بعض الشرايين الدقيقة ما جعلها قابلة لنوع من التهدُّل الناعس فيخيَّل للناظر إليها أنه يموت شوقاً بين مسافة بين النوم والصحيان فإذا كانت هذه حقيقة فلا عزاء لشعراء العيون الناعسة.

كجراي

ما ذهبت لمدينة كسلا إلا وحملتني الأنفاس إلى مجلسٍ تعوَّد أن يقصده الشاعر الراحل المقيم محمد عثمان كجراي، ليتناول قهوته الصباحية وسط مجموعة من زملائه من أبناء قبيلة البني عامر، فيمد يداً طالما قاوم صاحبها بفكره وقلمه كل من حاول أن يمس شعرة من ضفائر توتيل. قال لي عنه شاعر البحر القديم مصطفى سند: ما أجمل تواضع العباقرة في عينيه المرهقتين.

السنديان

من المعروف أن شجرة السنديان هي أكثر الأشجار خضرة في العالم ولكن أوراقها الخضراء تحمل بين طياتها الملايين من الديدان الصغيرة لا ترى بالعين المجرَّدة، ذكرني ذلك ببعض الناس تراهم فتشعر أنك أمام وجه لقديس وهم في حقيقتهم وجه لقبح مستتر تقديره للناظرين، هكذا هم تماماً مثل أشجار السنديان خضرة تكاد أن تضئ من الخارج وعتمة من الداخل تعجز عن إضاءتها ألف شمس وشمس.

Exit mobile version