سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

20 مايو 2022م

على طريقة الرسم بالكلمات

(1)

تجدني مهموما ومشغولا بفكرة البحث والتقصي في ما يخص الشأن الفني وأجد متعة لا نهائية في ذلك .. ولعلي اخترت هذا المنحى عن رضاء كامل .. رغم محاولات البعض التقليل من دور الصحافة الفنية ووصمها بصفات ونعوت تسلب ادوارها العظيمة من ناحية الأخبار والتحقيقات والحوارات والبحث المهني.. وما تعانيه الصحافة الفنية هو هجوم قديم .. هذا ليس أوان الرد عليه تفصيلا .. ولكني من خلال اهتماماتي البحثية والتنقيب توقفت عند بعض الحقائق المغلوطة التي تستدعي التصحيح .. وحينما اقول كلمة (تصحيح)  فأنا أعني الكلمة بكل محتواها من مبنى ومعنى.

(2)

أقول ذلك وفي ذهني ان ثمة أجيالاً قادمة من حقها علينا أن نملكها المعلومة الصحيحة التي لا لبس فيها ولا جدال .. وفي هذا الجزء الأول من المقال سأحاول أن أتوقّف في بعض المعلومات الفنية وأقوم بتقديم المعلومة الخاطئة أو المغلوطة وبرفقتها المعلومة الصحيحة

أ/ أغنية (رسائل) المشهورة بمقطعها الأول (حبيبي أكتب لي) وهي من كلمات الشاعر (عبيد عبد الرحمن) وهذا الشاعر المتفرد تغنى له الكاشف بالعديد من الأغاني .. نذكر منها يوم الزيارة .. رحلة .. الجمعة في شمبات .. شال منام عيني .. حليل زمن الصبا .. حجبوه من عيني وأنا يا طير .. والعديد من الأغاني البديعة والمبهرة .. ولكن تظل أغنية (رسائل) أجملها وأكثرها ذيوعا وانتشارا وهذه الاغنية من ألحان الفنان الكبير (التاج مصطفى) وليس من ألحان ابراهيم الكاشف .. ويثبت ذلك صورة للكاشف وهو يوقع اغنية رسائل وبجواره الموسيقار الايطالي (مايسترللي) ويقف معهم التاج مصطفى ملحن الأغنية .. والجدير بالذكر أن التاج مصطفى قدم في ذات التوقيت أغنية (الحبايب) لعائشة موسى أحمد (الفلاتية) وهي من كلمات الشاعر علي محمود التنقاري والحبايب هي أغنية (عني مالم صدوا واتواروا).

(3)

ب/ الأغنية الحماسية والوطنية الشهيرة (الفينا مشهودة) التي صاغ كلماتها الشاعر الكبير محمد علي أبو قطاطي والتي اشتهرت بصوت الفنان الخالد عبد العزيز محمد داؤود .. هذه الأغنية في الأصل كانت لثنائي بانت (ختم وحسن) .. وهذا الثنائي ظهر في فترة الستينات من القرن الماضي ولكن توقف مدهما الإبداعي بسبب مقتل (حسن)، لذلك ترك (ختم) الغناء وكان ذلك في مطلع سبعينيات القرن الماضي .. والأغنية للحقيقة والتاريخ من ألحان العم (ختم) وليس من ألحان برعي محمد دفع الله كما مُدوّن ذلك في سجلات الإذاعة الرسمية.

(4)

ت/ الشاعر الكبير التجاني حاج موسى .. شاعر لا يحتاج لتعريف .. فأغنياته الموزعة بين حناجر المطربين تؤكد على مكانته العالية .. والتجاني حاج بجانب إنه شاعرٌ مميزٌ، فهو أيضاً له محاولات لحنية ناجحة كان معظمها ناجحاً ومبهراً .. ولعله يظلم كثيرا حينما ينسب بعض ألحانه الى ملحنين آخرين .. وللحقيقة هو الذي لحن جزءا حميما من اشهر اغاني الفنان كمال ترباس وهي (جاي تفتش الماضي .. أمي يا دار السلام) فهذه الاغاني ليست من ألحان كمال ترباس وإنما من ألحان التجاني حاج موسى والذي كتب ولحن لمحمد ميرغني اغنية (حلو العيون) كما كتب ولحن للفنان مجذوب أونسة أغنية (مغرم صبابة) لم تجد حظها من الانتشار مثل الأُخريات.

(5)

الفنان المطرب الاستاذ الطيب عبد الله اسمه الكامل – الطيب عبد الله أحمد الذبحاني مواليد مدينة شندي 1941 شمال الخرطوم وهو مطرب وشاعر وملحن سوداني من أصل يمني مشهور، ذاع صيته وبزغ نجمه عالياً منذ بداياته الاولى في الستينيات في سماء الطرب إبان العصر الذهبي للغناء والفن السوداني.

اشتهر الأستاذ الطيب عبد الله بعذوبة صوته ذي الطابع الحزين وتمكنه من امتلاك القرار والجواب في الاداء الغنائي وانتقاء الكلمات الرقيقة البالغة الحساسية واجمع الكثيرون من معجبيه بانه فنان استماع بالدرجة الاولى .. نشأ وترعرع في مدينة شندي لأسرة لاب يمني – المرحوم عبد الله احمد الذبحاني – كان تاجرا وقد قدم من اليمن من لواء تعز من قبيلة ذبحان من منطقة التربة الحجرية المعروفة ليستقر في مدينة شندي بالسودان في اوائل العشرينيات.

شارك للمرة الأولى بوصلة غنائية في حفلة بمسرح السينما بمدينة شندي في اوائل الستينيات وكانت هذه هي المرة الأولى التي يراه مسؤولون كبار من لجنة اجازة الاصوات حضروا من اذاعة ام درمان بالخرطوم وابدوا إعجابهم الشديد به ودعوه للحضور إلى اذاعة ام درمان بالخرطوم. اهتم به أحد كبار رجال الدولة والسياسة في الحكومة السودانية آنذاك وهو الدكتور ادريس البنا الذي كان رئيساً لمجلس رأس الدولة في منتصف الثمانينيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى