محمد طلب يكتب: العيلفون تعزي الإمارات

العيلفون تعزي الإمارات

محمد طلب

في فقيد الإمارات والعالم العربي والإسلامي سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رحمه الله رحمة واسعة.

كنت بالأمس ضمن وفد من أهلي بالعيلفون يتقدّمهم مولانا بدر الدين الخليفة بركات لتقديم واجب العزاء في المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة السابق.. وتأكيدنا على وقوفنا مع اختيار دولة الإمارات وشعبها الكريم وانتخابها سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة خلفاً لأخيه المتوفي رحمه الله رحمة واسعة وأدخله الجنة فقد أوفى لشعبه وللأمة العربية جمعاء وسار على درب والده المؤسس الأب والمربي والقائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله رحمة واسعة.

وإن شاء الله سوف يقتفي أثرهم ويرتقي بشعب الإمارات والأمة العربية أكثر وأكثر القائد ورئيس الدولة سيدي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان…

العلاقة بين السودان والإمارات علاقة قديمة ووطيدة بدأت من أول أيام قيام الاتحاد بين الإمارات في ديسمبر 1971م، وأن السودان من أوائل الدول التي اعترفت بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وقام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بزيارته الرسمية الأولى للسودان في 29 فبراير 1972م بعد حوالي شهرين ونصف من قيام الاتحاد الإماراتي حيث زار فيها كافة ولايات السودان واُستقبل استقبالات رسمية وشعبية حاشدة، وكان الرئيس الأسبق جعفر نميري أول رئيس عربي وأفريقي يزور دولة الإمارات العربية المتحدة في 23 ابريل 1972م لإيمانه القاطع بالدور الذي سوف تلعبه الدولة الوليدة في الوحدة العربية، وقد صدق حدسه لإيمانه التام بتلك الوحدة وعمله من أجلها طوال فترة حكمه.

فتم بناء علاقات ممتازة بدأت بتعاون من الشيخ زايد وقيامه بربط ولايات السودان بميناء السودان (بورتسودان) على البحر الأحمر وإنشاء أصعب مراحل الطريق (هيا… بورتسودان)… وصارت العلاقات بين البلدين تتطور كل يوم، وبنصيحة من الإنجليز استعان سمو الشيخ زايد رحمه الله بحكومة السودان في بناء الدولة الحديثة بالمؤسسية التي خلفها الإنجليز بالسودان والخدمة المدنية والعسكرية الراقية التي أصابها التدهور المريع خلال العهود السابقة.

بدأت الإعارات من السودان للإمارات في تكوين الجيش والشرطة والبلديات والغرف التجارية والصناعية والإعلام والتلفزيون والصحافة  وغيرها  بصورة رائعة وتعاون مشترك وتأسيس لدبلوماسية محترمة بين البلدين… وقد حفظ سمو الشيخ زايد رحمه الله هذا الفضل للرئيس الأسبق جعفر نميري بروح الفارس العربي الكريم الأصيل، وكانت روح تعاون ثرة وثق لها السيد كمال حمزة في مجلدين أحدهما مع سمو الشيخ زايد والآخر مع سمو الشيخ راشد بن مكتوم رحمهما الله…. ويضيق المجال هنا لسرد ذلك التاريخ والتعاون المشترك بين البلدين الذي لم يتعكر صفوه إلا في (العهد الإخواني) المشؤوم الذي اتخذ مواقف مخزية في قضايا عربية مهمة مثل غزو الكويت والتعاون المريب مع إيران المحتلة للجزر الإماراتية وفي فترات وجيزة استطاع الإماراتيون وحكومتهم وشيوخهم تجاوز اضطراب العلاقات بدبلوماسية والحفاظ على هذه العلاقة مع الشعب السوداني أياً كانت حكوماته.

سوف  اتطرق هنا لعلاقة أهل العيلفون بالإمارات والتي تتشابه مع علاقات كثير من مناطق السودان المختلفة والتي نتجت عن التعاون المشترك بين البلدين والشخصيات التي كان لها دور كبير في التعاون بين البلدين من تلك المناطق وسوف اتطرق فقط لعلاقات أهل العيلفون دون غيرهم بالإمارات لأن علاقات الشعب السوداني بالإمارات تحتاج لمجلدات ويكفي أن كاتب هذا المقال قضى أكثر من عقدين من عمره بدولة الإمارات عاملاً في مجال البنوك والمصارف الإسلامية متنقلاً بين دبي وأبو ظبي والشارقة وأخيراً مدينة العين الجميلة… وأنجب جميع أولاده بأرض زايد الخير…

أود أن اشير هنا إلى أن أول مواطن سوداني من العيلفون يعمل بالإمارات هو عمنا (بابكر التوم) التحق بالعمل بالبلدية في العام 1973م إلى أن توفي رحمه الله ومازال أبناؤه هناك منهم مزمل بابكر التوم يعمل بالقوات المسلحة، ثم بدأ الاغتراب لدولة الإمارات الكريمة يزداد يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام وخيراً بعد خير واستمر إلى يومنا هذا ولن ينقطع إن شاء الله.

وقبل أن أعدد نماذج من الذين عملوا بالإمارات سنين طويلة وخلّفوا ذكرى طيبة وفي وظائف مرموقة لابد من الإشادة بالدور الذي يلعبه الأخ محمد الباقر عوض في توطيد علاقة العيلفون والسودان عموماً بالإمارات عبر السفير المبدع النشط حمد محمد الجنيبي وطاقمه الأنيق بالسفارة بالخرطوم الذين زاروا العيلفون أكثر من مرة وقدّموا لها الكثير.

التحق الأخ محمد الباقر بالعمل في دولة الإمارات عام 1982م كمصور تلفزيوني ثم مصور خاص لسمو الشيخ زايد رحمه الله ويعمل الآن مصوراً خاصاً لسمو الشيخ حمدان بن زايد أطال الله عمره وأبقاه… ومن أبناء العيلفون في مجال القانون برز مولانا محمد عبد الرحيم صباحي قاضي المحكمة العليا السابق بالسودان والذي نعته وزارة العدل بالإمارات في الأسابيع الفائتة حيث عمل مستشاراً بوزارة العدل في (دائرة الاتفاقيات الدولية) أكثر من عقدين ونصف من الزمان… كذلك مولانا عمر الشيخ سيد أحمد رئيس الجالية السودانية السابق بالإمارات ومؤسس قسم التقاضي في أكبر مكاتب المحاماة بالإمارات (التميمي للمحاماة) ثم مؤسس قسم التقاضي في واحد من أكبر مكاتب المحاماة بالشرق الأوسط (هادف وشركاؤه) لمؤسسه سعادة هادف بن جوعان الظاهري وهو وزير عذل سابق بالإمارات ومدير جامعة الإمارات لعقدين من الزمان تقريبا… ووزيراً للعدل لمدة عشر سنوات تقريباً، ومنهم أيضاً المستشار القانوني لشركة دال الآن مولانا معتصم البشير الذي انتقل من الإمارات للسعودية.

أيضاً سبقهم أبناء العيلفون كثيرون في البلدية بأبو ظبي مثل أحمد النص مدير جراج البلدية والدكتور إبراهيم الجعلي وإبراهيم النص في الغرفة التجارية بابو ظبي، وفي هندسة الطيران المهندس هاشم بن إدريس والمهندس صفوان عمر الصديق بطيران الإمارات… وفي مجال البترول يقف الكيميائي المعتق أحمد الجاك عثمان الفني الأول بمعامل أدنوك يفحص ما يأتي به كبير مهندسي الإنتاج في حقل (قسيورة) المهندس يوسف الدولي في أدنوك البرية، والضابط العظيم مدير شرطة البحر الأحمر الأسبق بدر الدين يوسف حامد يقف مهندساً أول للأمن والسلامة في أدنوك للتوزيع …. هذه مجرد أمثلة أما حصر أبناء العيلفون بالإمارات فهو أمر صعيب تجدهم في دائرة الكهرباء مثل  حسن عمر وكذلك الرشيد عثمان في دائرة المياه والصرف الصحي وأرتال من الموظفين في البلدية وكم كبير من الجنود في القوات المسلحة منهم الضابط بالجوية والطيار المرحوم عبد الرحمن حاج أحمد… وكذلك الضابط العظيم محمد حسين إدريس… أما البنوك والمصارف الإسلامية تجد المديرين ومديري العمليات والمديرين الإقليميين منهم علي عبد الله عدلان وعماد توفيق أحمد وعاطف ميرغني إدريس  وسامي سوار الدهب وسيف صباحي وأحمد إدريس سليمان ومحمد الفاتح صبير والمعتز عبد المطلب وشخصي الضعيف…. وكم كبير من الموظفين والصرافين وموظفي المبيعات… كما يقف الدكتور معتصم عبد النور على مواصفات الأغذية في بلدية أبو ظبي.. والدكتور عمر أحمد فضل الله في دائرة الأشغال وقد يأتيك صوته أحياناً عبر إذاعة أبو ظبي واذاعات أخرى، وفي مجال الشبكات والرقميات نجد المهندس رامي عمر عثمان… وفي مجال الطب البشري  تجد دكتورة إلهام محمد الزبير في دبي ودكتور محمد الطيب عمر في المنطقة الغربية واختصاصي الأشعة الطيب النمير… كما أشرف الطبيب البيطري بابكر محمد عثمان على عدة مسالخ وإدارتها في الإمارات.. كما يصعب الحصر في المجال الخاص هاشم عبد الكريم في مؤسسة خدمات الغاز الدولية وعصام مانديد في مقاولات الطرق والجسور وآخرون من التجار وأصحاب العمل وآخرون كثر من الشباب الذين أتوا في السنوات الأخيرة..

كل هؤلاء وغيرهم كانوا في كنف الشيخ زايد ومن بعده الشيخ خليفة رحمهما الله، وستظل المحبة والخير غير منقطع إن شاء الله في ظل سمو (المحمدين) سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس الوزراء وحاكم دبي وبقية سمو شيوخ الإمارات الأكرمين…

عندما ضاقت بنا بلادنا في عهد (الإخوان) كانت الإمارات لنا الملاذ الآمن فوجدنا المعاملة الكريمة والمساواة في المعاملة بين الوافدين والمواطنين والمؤسسية الإدارية لشؤون الدولة وإدارة الأجانب… لم نجد العنت والمعاناة مع الدوائر الحكومية، وفي ظل التطور الرقمي الهائل تنجز معاملاتك وأنت تحتسي كوب قهوة في منزلك أو الحديقة وفي أي وقت شئت… الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية بلا مشاكل… أولادي دون كذب أو رياء يعتبرون الإمارات وطنهم فقد ولدوا وتربوا وعرفوا الأمان الذي يفتقدونه الآن هناك، يتشوقون للعودة ويتذكرون السعادة التي عرفوها هناك ووجدوها واقعاً ملموساً، وصدقت المقولة المنسوبة للإمام علي رضي الله عنه التي تقول (الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة)، كيف لا وقد عينت الحكومة الراشدة في الإمارات وزيراً للسعادة همه الأول أن يكون المواطن والوافد سعيداً…. في الإمارات عرفنا كيف يمكن أن تتعايش مئات الجنسيات وتتآخى في وئام تام، عرفنا كيف يمكن أن تدار الاختلافات ويُستفاد منها في تطوير الحياة… عشرات الأديان والألوان تتعايش في سلام تبني وتعمر وتمارس حياتها الدينية والعقائدية بكل أريحية.. الدولة توفر لهم الأمان ولا حجر على دين أو عقيدة، والإسلام دين الدولة ومواطنيها، المساجد لا مثيل لها والاهتمام بها يفوق الخيال، أما رمضان وكرمهم فيه جعل البعض يسلم وبسبب المعاملة الطيبة كثيرون اعتنقوا الإسلام، وفي الإمارات عرفت معنى (لكم دينكم ولي دين)..

حيا الله تلك الديار وحفظها من كل الشرور والأشرار، ورحم الله الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والوالد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وكل من رحل من شيوخ الإمارات الأكارم وأدخلهم الجنة، وأطال الله عمر سيدي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وسيدي سمو محمد بن راشد آل مكتوم رئيس الوزراء وحاكم دبي وكل حكام الإمارات حفظهم الله.

وأتمنى وأهلي بالعيلفون والشعب السوداني جميعاً دوام السعادة والرخاء لشعب الإمارات الطيب الكريم المقدام في كل إمارة أو مدينة أو حي أو فريج، وتقبلوا تعازينا في المغفور له بإذن الله رئيس الدولة وأحر التعازي لسفير الدولة بالسودان سعادة السفير حمد محمد الجنيبي الذي مسكت بيده معزياً وأوصيته خيراً بالعلاقات السودانية الإماراتية وشعب السودان على وجه الخصوص فتقبل وصيتي بصدر رحب ومحبة وأنا مجرد مواطن سوداني بسيط ومحب للإمارات شعباً وحكومة وهو السفير وصاحب المنصب الدبلوماسي.

وأحسن الله العزاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى