محمد طلب يكتب: التعقيدات الدينية والعاطفية تجاه مقتل شيرين أبو عاقلة

(رحم) الله الصحفية شيرين أبو عاقلة (وغفر) لها كل ذنوبها…. أدري أن ما بين الأقواس سوف يدخلني في حرج كبير وربما كفرني البعض ومن الممكن أن يُهدر  دمي عند آخرون… ولكن دعونا نطرح الأمر لنقاش بموضوعية وأخذ ورد  مستفيض وبهدوء شديد.

الصحفية مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة يُقال إنها (مسيحية) تم قتلها بواسطة (يهود) وهي تدافع عن قضية يمكن القول إنها (إسلامية) ألم أقل لكم إن الأمر معقد جداً لكنه في نهاية الأمر بغض النظر عن الأديان فهي قضية إنسانية يدمي لها القلب.

لاحظت نقاشاً وجدلاً كبيراً وآراء متعصبة في الوسائط بعدم صحة الترحم عليها وطلب المغفرة لها….

لست من (رجال الدين) حتى أفتي في هذا الأمر رغم تحفظي على مصطلح (رجال الدين) لكني سوف اتناول الآية التي استندوا إليها وكذلك أمر الاضطراب العاطفي الذي أصاب عامة المسلمين والفلسطينيين تجاه (شهيدة) الواجب المغدور بها (شيرين أبو عاقلة)، هل نبكي ونترحم عليها حسب ما تمليه العواطف الإنسانية والعقول الحية أم نلعنها ونسأل الله أن يجعلها في الدرك الأسفل من النار مع الكفار والمشركين، أم نكون في وضع الاضطراب لا حزن ولا فرح بل صمت واضطراب كما يدعو البعض لذلك…

أولً (المرحومة) إن شاء الله و(المغفور) لها بإذنه تبارك وتعالى (وما بين الأقواس مرفوض بقوة عند البعض) كتابية مؤمنة بالله، وربما تكون موحدة فالمسيحية طوائف كل هذا لا علم لنا به.

لكني مؤمن جداً أن المولى يغفر (الذنوب جميعاً) عدا الشرك به، قال تعالى في محكم تنزيله (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًۢا  بَعِيدًا).

يبقى السؤال هل (شيرين أبو عاقلة) مشركة بالله؟؟ الله أعلم…

استند البعض على شركها وكفرها بأن ديانتها مسيحية… يؤمنون بالثالوث ويشركون (الأب والابن والروح القدس) في الألوهية لن أناقش أمر (الثالوث) هذا هنا ولكن المسيحيون ينقسمون إلى طوائف ومنها (الموحد) ربما تكون منهم.

قضية أخرى  فهي مثلاً من أهل الكتاب و(زواجهن حلال) فما هو موقف الزوج والأبناء من والدتهم (الكتابية) إن كانوا (مسلمين) هل يدعون لها أم عليها أم يلتزموا جانب (الاضطراب العاطفي) الذي يُعتقد أنه صحيح ويفتي به (رجال الدين)…؟؟ الإجابة متروكة لكم.

عموماً دعونا نراجع الآيات التي يستند إليها (رجال الدين) أو على الأقل وحتى أكون دقيقاً المتداول في الميديا (مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوٓاْ أُوْلِى قُرْبَىٰ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَٰبُ ٱلْجَحِيمِ) وما يستوقفني في هذه الآية هو مفردة (المشركين) وهي عكس (الموحدين) مما يعني أن كل موحد بغض النظر عن ديانته ليس معنى بهذه الآية والله أعلم… كما أنهم يربطون بين الآية وسبب النزول ربطاً قوياً وكأن المقصود هو هذا الحدث حيث يقول العلماء إنه استأذن المولى في الاستغفار للسيدة والدته عليه الصلاة والسلام.

لا أريد الخوض في التفاصيل

ولكن هناك آية في سورة نحن مأمورون بتلاوتها بصورة دورية كل ليلة جمعة مما يعني أن لها خصوصية ولابد من تأملها بشكل جيد…. على المستوى الشخصي وتأملاتي في هذه السورة وجدت أن آخر سورة الكهف بها أمر عظيم.. قال تعالى (قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًا) فنجد أن الله عز وجل أمر الرسول بالقول إنه بشر مثلكم يوحي إليه والاقرار بالوحدانية التامة الكاملة لله عز وجل وكأن الآية وهذا القول مقدِّمة لما بعدها وهو أن لقاء الرب مربوط بشرطين لا ثالث لهما أولهما العمل الصالح ثم عدم الشرك  بالله.

وإن الأمر به سعة وأن الله كفيل بعباده رحيم بهم… لا أدري لماذا يضيق رجال الدين على عباد الله الواحد الأحد سعة رحمته.

شيرين أبو عاقلة أو غيرها إن كان عملها صالحاً ولا تشرك بالله أحداً فهي حسب الآية أعلاها موعودة بلقاء ربها إن شاء الله… ولا علاقة لي بما يقوله (رجال الدين) الأمر يومئذٍ لله وحده أو كما قال المولى عز وجل (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍۢ شَيْـًٔا ۖ وَٱلْأَمْرُ يَوْمَئِذٍۢ لِّلَّهِ).

أحزنني جدا مقتل سيدة (مسيحية) نحسب أنها تعمل عملاً صالحاً وموتها على يد (اليهود) بسبب قضية نحسبها (إسلامية).

وإلى أن يتفق (رجال الدين) نسأل الله أن يرحم شيرين أبو عاقلة ويغفر لها ذنوبها إن كانت غير مشركة.

سلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى