كان ريحانة مسجد حي القوز سليمان أبو داؤود .. العبقري الذي رحل خلسة!!

 

كتب: سراج الدين مصطفى        12 مايو 2022م 

مبدع خلاق:

سليمان أبو داؤود .. كان رجلاً مبدعاً وخلاقاً .. كما كان بسيطاً وعفوياً في حياته .. يبعد عن الأضواء ولكن أغنياته وألحانه تضعه في دوائر الضوء .. كان رحيل سليمان أبو داؤود .. هو رحيل نغم جميل .. نغم قادر على أن يلامس الوجدان وشغاف القلوب .. شكل ثنائية طاعمة مع رفيق دربه الراحل عبد المنعم الخالدي .. ومن خلال ألحانه .. كان الخالدي ذلك الفنان الوسيم الذي نعرف .. ولعل تلك الثنائية التي غابت مع الأيام كانت تؤشر على عبقرية سليمان أبو داؤود الذي نستمع لأغنياته ونجهل صاحب الألحان.

ثورة في التلحين:

لم يجد سليمان أبو داؤود الاهتمام اللازم باعتباره كان يقود ثورة في عالم التلحين .. ومن يستمع لأغنيات من شاكلة الأميرة وخصل شعرك يدرك أنّه أمام حالة فنية نادرة تستوجب الوقفة والتأمل بعين التقدير والاحترام .. فقد كان منزله عبارة عن صالون أدبي موسيقي .. الابتسامة هي السمة المميزة لوجهه الأفريقي الملامح والصبوح .. اختار مهنة التنجيد لكسب قوته واتخذ منزله مكاناً لعمله .. وكان يعمل بفرقة موسيقية صف ضابط مشرفاً وملحناً وعازفاً ماهراً لآلة الترامبيت .. فوق كل ذلك كان يرحمه الله ريحانة مسجد حي القوز يأتي قبل المصلين ليكنسه وينظفه ويعطره بأعواد الند والبخور.. والرجل غادرنا للدار الباقية وهو في عنفوان شبابه .. حزنا عليه وفُجعنا في فقده .. فقد جاء أجله في المسجد وفي رمضان .. كانت شهقته الأخيرة عقب صلاة العصر وبعد أن أتم قراءة المصحف .. حملوه في عربة الى قسم الحوادث بمستشفى الخرطوم وحينما كشف عليه الطبيب المناوب وجده قد فارق الحياة قبل ساعة من الزمان.

مع التجاني حاج موسى:

كان التجاني حاج موسى شاعرنا الجميل الذي كتب أروع الأغنيات ولكبار المطربين.. كان لصيقاً بتجربة الراحل سليمان أبو داؤود .. وذلك التلاقي الحميم أفرز العديد من الأغنيات .. ومن بينها أغنية (حبة فرح) .. حكايات سألت التجاني عن تلك الأغنية وقصتها .. والرجل بتداعيه المشهود والاسترسال المحبب قال للحوش الوسيع (منزله كان عبارة عن صالون أدبي موسيقي .. الابتسامة هي السمة المميزة لوجهه الأفريقي الملامح والصبوح .. اختار مهنة التنجيد لكسب قوته واتخذ منزله مكاناً لعمله ..وكان يعمل بفرقة موسيقية صف ضباط مشرفاً وملحناً وعازفاً ماهراً لألة الترامبيت .. فوق كل ذلك كان يرحمه الله ريحانة مسجد حي القوز يأتي قبل المصلين ليكنسه وينظفه ويعطره بأعواد الند والبخور.. والرجل غادرنا للدار الباقية وهو في عنفوان شبابه ..حزنا عليه وفجعنا في فقده ..فقد جاء أجله في المسجد وفي رمضان .. كانت شهقته الأخيرة عقب صلاة العصر وبعد أن أتم قراءة المصحف .. حملوه في عربة الى قسم الحوادث بمستشفى الخرطوم وحينما كشف عليه الطبيب المناوب وجده قد فارق الحياة قبل ساعة من الزمان .. سبحان الله واهب الحياة والموت .. ترك سليمان ابنته وابنه وزوجته .. وترملت في عز شبابها .. اسأل الله تعالى أن يكرمها في ذرية أبو داؤود.

حزن الخالدي:

حزن أخي المطرب الراحل عبد المنعم الخالدي حزناً عميقاً لا يشبه احزان الآخرين من أصدقاء الفقيد فقد كان توأمه الإبداعي وأهداه أجمل الألحان وأعذبها .. ودونكم فقط أغنية أعلمنا من ريدها .. نحب الدنيا ونريدها.. لحن يؤكد عبقرية وموهبة الراحل أبو داؤود. أتذكر كنت أعد وأقدم برنامجاً قصيراً في نفس شهر رمضان الذي رحل فيه الفقيد ولعله البرنامج الوحيد الذي ظهر فيه الفقيد متحدثاً ومغنياً .. فالرجل لا يحب الأضواء .. وأجزم بأنه لم يستجب لطلبي الا إرضاءً لي .. غنى في تلك الحلقة مختارات من ألحاني وأطربني وأطرب كل من استمع الى تلك الحلقة .. وبعدها بأيام قليلة رحل في هدوء شديد عن دنيانا.. حزن عليه حزناً شديداً صديقي الشاعر الرقيق الفاتح حمدتو .. فقد لحن له الفقيد عددا من روائعه من بينها أغنية كان من المفترض أن يؤديها الصديق الفنان زيدان ابراهيم الذي يحتفظ بتسجيل للأغنية بصوت المرحوم.. وعلى ذكر زيدان الذي يعتبره الفقيد من أجمل الأصوات الغنائية في السودان كان يتوق لتعامل فني يجمعهما سوياً وكان يحدثني مراراً أن يتم ذلك اللقاء على يدي .. فقد كانت أمنية الراحل ووفقني الله أن أحققها له.

زيارة تاريخية:

في نهار يوم جمعة من أيام الله وعقب الصلاة توجهنا زيدان وشخصي الى منزله بحي القوز بالسجانة ..طرقنا الباب فجاء مهرولاً وحافياً وفتح الباب وعانق زيدان عناقاً حاراً ومن فرط فرحته نزلت دمعة من عينيه ووجهه ممتلئ بالفرح والسرور، مردداً الليلة زارتنا الملائكة .اتفضلوا.. ودلفنا الى المنزل ووجدناه يضج بالفنانين والعازفين والمحبين للراحل وفنه .. وبرقته المعهودة انبرى محدثاً ضيوفه (الليلة دا يوم تاريخي في حياتي .. وأنا ما مصدق إنو الفنان الكبير زيدان ابراهيم بجلالة قدرة يزورني في منزلي المتواضع .. إذن كلنا رهن إشارة زيدان .. طلبت منه أن يُسمع زيدان بعض ألحانه، فأحضر عوده وبدأ يغني بصوته العذب الجميل لحناً يعقبه لحن والطرب يملأ الحضور وأولهم زيدان الذي اندهش لقدرات ذلك الملحن الموهوب.. فأحضر مسجلاً وبدأ يسجل له كانت الأغنية هي حبة فرح التي يعرفها الناس باسم (إذا الخاطر سرح عنك) .. تلك هي قصتها ومعها أخريات).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى