Site icon صحيفة الصيحة

تقرير فني: كان يمكن أن نكون الأول ولكننا اخترنا الطيش:

 

 

الغناء السوداني.. أفريقيا تفتح أحضانها بالترحاب الكبير!!

وردي: على الفنان السوداني أن يتخلّص من الكسل ويسعى للإعلام!!

كتب: سراج الدين مصطفى          8 مايو 2022م

(1)

“كان يمكن للسودانيين أن يكونوا أفضل الأفارقة غير انهم اختاروا ان يكونوا أسوأ العرب”.. ظلت هذه الجملة هي عصب قضية الهوية السودانية وفي كل المجالات .. وهذا بالضرورة ينسحب على مجمل القضايا الثقافية والفنية .. وتعتبر الهوية اساس قضايا الصراع بالبلاد منذ نصف قرن . تتفرع المسائل الجوهرية الأخرى منها .الفقر؛ والحرب. وخلفياتهما من التفرقة والقهر والاضطهاد . ومفرزاتهما من الحرمان والتعاسة.. لأن الهوية الثقافية هي العناصر الأساسية في الشخصية الجمعية لمجموعة إنسانية: اللغة والتراث؛ والفلكلور الشعبي بما في ذلك الدين؛ يتضمّن تطور تلك العناصر تاريخياً وتأثرها بالجغرافيا.

(2)

في زمن ليس ببعيد قال مغنٍ عربي عن الغناء السوداني “إنه ازعاج منظم” المنتوج الثقافي السوداني ؛ من شعر ؛ ورواية ومسرح وغناء وموسيقى غير معروف في البلدان العربية وغير مهضوم ؛ ولا يوجد احد من العرب يقبله إلا مجاملة . فيما لا يرون من اهمية في معرفة التاريخ والجغرافيا واللغات والتقاليد السودانية على الإطلاق. فيما يعتبر الغناء السوداني واسع الانتشار في محيطه الأفريقي دول السودان الغربي والهضبة الحبشية ودول البحيرات . و السودان الرسمي على هامش العروبة مشغول بالأعمال العربية ويبني سوراً ثقافياً منيعاً بينه ومحيطه الأفريقي.

(3)

الموسيقار الراحل محمد وردي له رأي واضح في قضية الهوية الفنية .. فهو في حوار قديم قال (موسيقانا أفريقية, وخصوصية السودان في الموسيقى أيضاً أفريقية, والتأثير العربي كان فقط في الدين واللغة. والفنان السوداني كان له دور  كبير في نشر اللغة العربية في افريقيا كلها, وهذا الدور ليس سهلاً. ويجب على العالم العربي أن يعي ذلك ويهتم بالفنان السوداني).. وأضاف  الراحل وردي وحلل عدم انتشار الفن السوداني في مصر والوطن العربي تقصير عربي أم تقصير من الفنان السوداني؟ قال هو تقصير من الإعلام السوداني أولاً, ثم تقصير من الفنانين السودانيين، فالعرب يستمعون لكل الموسيقات العالمية ويمكنهم أن يسمعوا السودانية.

(4)

الدكتور الفاتح حسين له رأي واضح وصريح ويؤكد تماماً أنّ السودان الشمالي أكثر ميولاً للوجدان العربي بعكس شعب جنوب السودان .. حيث قال (جنوب السودان فقد حافظ على عرقه وأصله الافريقي الذي يتميز بالغناء  الجماعي والذي عادة ما يكون مصحوباً بطقوس ورقصات معينة وضربات الطبول ومن أكثر أنواع الغناء انتشارا عند قبيلة الدينكا باعتبارها اكبر قبيلة في السودان هي أغاني أقر وأغاني اللور وأغاني أودور، كما نجد أن قبيلة الزاندي والتي تنتشر على الحدود السودانية ما بين يوغندا وكينيا والكنغو  من اكثر القبائل الجنوبية حباً للموسيقى وتنتشر فيها الآلات الشعبية مثل آلة- البالمبو والكربي والكوندي (3) – وتتعدد فيها الأنماط الغنائية، كما نجد أن الموسيقى ارتبطت بالحياة الاجتماعية والطقوسية.

(5)

الأستاذ والمؤرخ الكبير شوقي بدوي حكى هذه الحادثة: عبد الحليم حافظ الذي مات بالبلهارسيا، عندما حضر للسودان في نفس الأيام مع فرقه أضواء المدينة بعد مؤتمر الخرطوم الذي مد في عمر جمال عبد الناصر، (شخط) في وجه المعجبين في الخرطوم الذين تجمعوا أمام القراند هوتيل وهم يصرخون (نار يا حبيبي نار) وكلهم من بقايا المصريين او شباب الخرطوم الذين تأثروا بفيلم الوسادة الخالية رواية إحسان عبد القدوس ابن فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روز اليوسف. لقد صرخ فيهم (روحوا في ستين ألف داهية وسيبوني في حالي).

(6)

الناس يوردون كل الأسباب لعدم انتشار الموسيقى السودانية في العالم العربي ويتفادون ذكر الحقيقة. السبب سيداتي سادتي ان الانسان لا يستمع لموسيقى شخص يحتقره. فلهذا نحن الشماليون لا نستمع الى موسيقى الجنوبيين ولا نعرف فنانيهم . ولا نعرف اي شيء عن الغناء او الفنانين التشاديين . والعرب يحتقرونا، ونحن نلهث جرياً وراء حبهم.

Exit mobile version