من يجرؤ على الصمت !!

نتابع احتفاء قناة الجزيرة المستمر بمعايير حقوق الصحافة والنشر، والترسيخ لحقوق الإنسان وفق المعايير الغربية، ولكننا في المقابل لا نعرف إن كانت من ضمن معايير قناة الجزيرة، المعيرة القرآنية، ومن ثم لتقرأ القناة معنا قول الله تعالى (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى..) الآية الكريمة ….

*لأن الذي حدث في شأن تغطية القناة لمجريات الأحداث السودانية، هو أن قناة الجزيرة قد فقدت في المرة الأولى حياديتها على حين تلقى المجلس العسكري بعض المساعدات من محور دول الإمارات السعودية، وفي المرة الثانية فقدت الجزيرة مكتبها في الخرطوم على حين التغطيات الجانحة تجاه واقع السودان … ومن ثم فقدت القناة عقلها ورشدها عبر التغطيات الصارخة.

* فتفاقم جرح الجزيرة ولم بندمل بعد تغريد السلطة السودانية الوليدة خارج سرب المحور القطري، حتى فقدت القناة موطئ قدم طواقمها الإعلامية ومواقع كاميراتها داخل ميدان الاعتصام قبل فضه، ومن بعد فقدت قيمة تغطية تسارع الأحداث  الساخنة في الساحة السودانية …

* غير أن الفقد الأعظم لقناة الجزيرة تمثل في فقدها لرأسمالها الحقيقي الذي هو بامتياز، حياد الرأي والرأى الآخر، فأصبحت في شأن تغطية الشأن السوداني رأياً آخر بامتياز … عندما تستضيف عدة شخصيات من مدرسة فكرية واحدة لقراءة الشأن السوداني، وحتى في المرات الشحيحة التي تأتي فيها بضيف من الاتجاه المعاكس، يكون هذا الضيف من الضعف بمكان، وهنا تفقد الجزيرة مصداقيتها وجماهيريتها وحيدتها، قبل أن يفقد السودان بعض توازنه نتيجة لهذا الكم الهائل من الطرق الإعلامي في المكان الخطأ بالأداة التي هي أكثر خطيئة.

* يقول المحللون الاستراتيجيون بأن الدولة القطرية نتيجة للقراءات والتقديرات الخاطئة، قد فقدت حليفها التاريخي الرئيس السابق عمر البشير، عندما تركت حكمه يسقط أمام أعينها وعدسات كاميراتها بسبب الأزمة الاقتصادية، دون أن تمد له يد العون، وفقدت السودان مرة أخرى وهي تعجل برحيل حكم الإسلاميين دون أن تكون طرفاً في صناعة البديل السوداني،  فليس أقل من ألا تفقد بهذه التغطيات الحانحة الشعب السوداني، وهذا هو الأهم، لأن هذا الشعب عما قريب بحول الله تعالى سيذهب إلى انتخاب حكومة شرعية عبر صناديق الاقتراع ..

* ذلك حتى لا يتضاعف الفقد والجرح، فقد البشير، ومن ثم فقد حكومة ما بعد البشير، وسيكون الفقد عظيماً وأليماً إذا ما فقدت الدولة القطرية الحكومة المنتخبة القادمة، فيجب، والحال هذه، أن تصطف قناة الجزيرة في هذه المرحلة إلى جانب الشعب السوداني.. كيف !!

* ذلك بالمساهمة في عمليات تماسك الدولة السودانية التي تعرف قطر هشاشة تكوينها قبل الآخرين، لأنها، أي دولة قطر، كانت موجودة بقوة في معالجة ملفات أزمة دارفور، فليس أقل من أن تحافظ الحكومة القطرية على تلك الصورة الناصعة البياض التي تحتفظ بها ذاكرة الشعب السوداني للدولة والشعب القطري، وذلك بالاستمرار في دعم قضايا الشعب بمعزل عن التأثر بردود أفعال الحكومات التي هي ذاهبة لا محالة، سيما الحكومة الانتقالية الحالية، بحيث تذهب الحكومات ويبقى الشعب السوداني في خاتمة المطاف، والأهم الحفاظ على ود الشعب.

* عودّتنا قناة الجزيرة عبر تاريخها البرامجي الحافل، بأنها دائماً أقوى وأكبر من  أن تترك أشعارها وشعاراتها، الرأي والرأي الآخر، على حين غضبة قفل مكتب، غداً بحول الله يعود مكتب الخرطوم،  وقد لا تعود معه تلك الصورة الناصعة، فالرأي عندي أن صورة الجزيرة أمام مشاهديها هي أعظم ألف مرة من خسارة مكتب، كما أني على المستوى الشخصي حزين في هذا السياق، على نزوع الأسطورة فوزي بشرى إلى التماهي مع الخط التحريري للقناة القطرية على حساب قضايا بلاده السودانية… وليس هذا كل ما هناك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى