الجيش يستعين بمرتزقة من (تيغراي) إثيوبيا بولايتي القضارف والجزيرة

وقدوم (فاغنر) روسيا من جديد عبر ولاية البحر الأحمر

تطور خطير في مجرى الحرب ..

الجيش يستعين بمرتزقة من (تيغراي) إثيوبيا بولايتي القضارف والجزيرة .. وقدوم (فاغنر) روسيا من جديد عبر ولاية البحر الأحمر

تقرير: عبد الرحمن الكلس

كشفت مصادر موثوقة ومقربة من اللجنة الأمنية بولاية القضارف المتاخمة لإثيوبيا، ومصادر عسكرية وسياسية في بورتسودان ، عن أن ثمة قوات أجنبية تشارك إلى جانب الجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان خصوصاً في ولايتي الجزيرة والقضارف، مع قرب وصول قوات روسية لولاية البحر الأحمر .

ووفقاً لمصادر متطابقة فإن الجيش استعان بقوات تتبع للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي المعروفة بـ  (TPLF) والتي ظلت منخرطة على مدى عامين كاملين (2020 -2022) في حرب ضارية ضد القوات الإثيوبية الحكومية (الجيش)، راح ضحيتها ما بين 385 ألف إلى 600 ألف شخص، قبل أن تضع الحرب أوزارها باتفاقية سلام وقعت في جنوب أفريقيا، نوفمبر، 2022.

نقاط إرتكاز وتفتيش

وقال مصدر شرطي مطلع في ولاية القضارف:  إن هذه القوات التي تتبع للجبهة الشعبية لتحرير (تيغراي) المعروفة شعبياً في إثيوبيا بـ(وياني تيغراي)، تتواجد في منطقة أعالي نهري عطبرة وسيتيت على بعد 30 كيلومتر من مدينة الشواك داخل حدود ولاية القضارف، وتم نقل بعضها مؤخراً إلى معسكر (حريرة) الواقع على الطريق الذي يربط القضارف بمحلية الفاو، والذي يعتبر مركزا رئيسياُ لعملياتها المنسقة مع الجيش، كما تتواجد بعض قواتهم في معسكر (المقرح) على مشارف منطقة الفاو .

ووفقاً لعدة مصادر، تشارك هذه القوات حالياً في الحرب ببعض المناطق في قرى ولاية الجزيرة، ويوجد بعضها الآن في قريتي (الحريز والبقاصة) على طريق مدني القضارف.

وبلغت مشاركة هذا القوات الأجنبية التابعة لـ(تيغراي) ذروتها في القتال إلى جانب الجيش السوداني، بأن نصبت نقطة ارتكاز وتفتيش خاصة بها على شارع فرعي يربط (القضارف – حريرة)، تفتش السيارات وتدخل منازل المواطنين في القرى التي على الشارع كما يحلو لها، (وكأنها تعمل في إقليم تيغراي الإثيوبي، أو في عاصمته (مقلي) وليس في ولاية سودانية) – حسب وصف المصدر الذي تحدث لنا من ولاية القضارف.

أخطاء فادحة

يشار في هذا السياق، إلى أن قيادة الجيش بحسب جهات سودانية عديدة وأيضاً جهات خارجية، قيادة موالية بالكامل لتنظيم الإخوان المسلمين في السودان، وأكدت مشاركة كتائب الاسلاميين في الحرب وقيادتهم لها، ومشاركتهم بفاعلية في دوائر اتخاذ القرار بحكومة برهان في بورتسودان هذه الاتهامات، كما اعترف أيضاً الجنرال “ياسر العطا” بمشاركة الاسلاميين ومليشياتهم في هذه الحرب .

وقال خبير عسكري ان قيادة الجيش الحالية كانت قد استغلت الحرب الأهلية الإثيوبية وإنشغال الجيش الإثيوبي بمقارعة مليشيات إقليم تيغراي بين عامي (2020 – 2022) وأعلنت تحرير منطقة الفشقة في 28 يونيو 2022، بعد سيطرتها على بلدة (برخت) آخر ما سماها بمعاقل القوات الإثيوبية.

كما قدّمت دعماً لوجستياً للقوات المتمردة وحماية لقادتها ولا تزال تحتفظ ببعض من جيش الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي داخل السودان، وهاهي تستخدمها في المشاركة في الحرب الدائرة بينها وبين قوات الدعم السريع، (الأمر الذي سيفتح على البلاد أزمة وخط مواجهة جديد مع إثيوبيا أكبر وأهم دول الجوار) وفقاً لمحللين سياسيين.

ويقول مراقبون، إن مشاركة قوات من تيغراي في السودان، تثير مخاوف الحكومة الإثيوبية والتي تتخذ حتى الآن موقفاً محايداً من الحرب في السودان، حيث كان بمقدورها أن تستغلها وتستعيد القرى والبلدات التي فقدتها في منطقة الفشقة عام 2022، إلاّ أنها لم تسلك هذا الطريق وفضلت تأجيل حسم خلافاتها مع السودان في هذا الصدد، دون استغلالها لإنشغال الجيش السوداني بالحرب الراهنة، كما فعل قائده عبد الفتاح البرهان معها، إلاّ  أن استعانة الأخير بقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، ربما سيغير الموقف الإثيوبي ويقلبه رأساً على عقب.

حرب طويلة الأمد

مشاركة قوات أجنبية مع الجيش السوداني لا تقتصر على (تيغراي) فقط، فمشاركة قوات أوكرانية – قبل مغادرتها – معروفة ومشهودة، والتقارير حولها مبذوله ومعروفة.

كما أن الجيش الذي ظل يردد أن قوات (الدعم السريع) تسخدم مرتزقة أجانب، ويكيل الاتهامات ويروج لمشاركة قوات (فاغنر) الروسية بجانب الدعم السريع، عقد اتفاقاً الأسبوع المنصرم مع (روسيا) مالكة فاغنر وصانعتها، لدى زيارة نائب وزير خارجيتها  إلى بورتسودان، ورغم أن بنود الاتفاق لم يكشف عنها بعد، لكن مصادر متعددة وتسريبات تؤكد أن من ضمنها موافقة الجيش – على طريقة الاستضافة – على القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر، التي وافق عليها نظام المخلوع عمر البشير والإخوان المسلمين، حيث أبرم اتفاقاً مع روسيا في هذا الصدد، لكن تم ايقافه في عهد حكومة الثورة ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ليعيد البرهان وجماعته من فلول النظام السابق العمل به مجدداً، بجانب منح روسيا بطريقة احتكارية مساحات هي الأكبر في تاريخ تعدين الذهب في السودان، حيث حشد البرهان لهذا الأمر قادة الإدارات الأهلية، على رأسهم ناظر قبيلة الهدندوة الذي يتبع لجماعة الإخوان المسلمين (محمد الأمين ترك)، وعقد لهم لقاءً بميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي في زيارته الأسبوع الماضي، تطرقوا خلاله لموضع تعدين الذهب في أراضي (البجا) بالبحر الأحمر ومرتفعاته، وأخذوا موافقة المجتمعات المحلية بتعدين روسي احتكاري في المنطقة ، وإن كانوا لم يعلنوا عن ذلك رسمياً بطبيعة الحال.

قدوم (فاغنر) من جديد

وأكد مصدر من بورتسودان، مقرب للمفاوضات التي أجراها الروس في بورتسودان ، ان الاتفاق تطرق إلى عودة قوات  (فاغنر) للسودان مرة أخرى ، واستئناف عملها مع الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني والذي كان قد توقف الثورة وتشكيل الحكومة الانتقالية في أغسطس 2019.

وأكد المصدر ان الوفد الروسي الزائر لبورتسودان الذي وقع الاتفاق شارك فيه (2) من العسكريين من مكتب “يونس بيك يفكوروف” نائب وزير الدفاع الروسي ، وهو المسؤول الثاني بعد الرئيس بوتين على هذه القوات بعد إعادة هيكلتها من جديد .

جدير بالذكر انه بعد تمرد زعيم فاغنر السابق “يفغيني بريغوجين” ومقتله في ظروف غامضة العام الماضي، تمت عملية إعادة هيكلة وتشكيل واسعة لقوات فاغنر ، تم بموجبها تغيير إسمها من (فاغنر) إلى (الفيلق الإفريقي)، أحكم الرئيس “بوتين” من خلالها قبضته الكاملة على القوات، وأوكل مهمة الاشراف عليها ليونس بيك يفكوروف، نائب وزير الدفاع.

وقال خبير هندسي يعمل حالياً بقطاع التعدين في بورتسودان، ومتخصص في التعدين بولاية البحر الأحمر؛ ( لا شك أن منح روسيا مساحات شاسعة للتنقيب عن الذهب في السودان، في هذه الظروف الحرجة، تحتاح إلى توفير حماية خاصة لحقول التنقيب، وهذا ما ستوفره شركة (فاغنر) الروسية، التي ستعمل على حماية وتأمين استخراج الذهب ونقله إلى بلدها، وهو ما يتطلب بالمقابل القتال أو المشاركة بجانب الجيش في الحرب الراهنة وتوفير الاسلحة والدواء والقمح) .

وتشير (الراكوبة) إلى ان وجود قاعدة روسية على البحر الأحمر، يثير مخاوف أكبر أقوى إقليمية في المنطقة، وهي المملكة العربية السعودية، التي تتوسط لوقف القتال الدائر في السودان من خلال تفعيل وتنشيط منبر (جدة)، كما تثير حفيظة الولايات المتحدة والغرب عموماً وفرنسا على وجه الخصوص، وبالتالي فإن السودان سيخسر بهذه التصرفات الكثير من الأصدقاء ويكسب المزيد من الأعداء، ويتحول الصراع من داخلي إلى صراع إقليمي ودولي، مما ينذر بأن الحرب ستطول ولربما سوف تستمر عقوداً إضافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى